كتاب " الوصية السياسية أفكار بليخانوف الأخيرة " ، تأليف د .
أنت هنا
قراءة كتاب الوصية السياسية أفكار بليخانوف الأخيرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بعد أن لامس بعض أفكار ماركس من وجهة نظر مستقبلية، إن صح القول، أخضع بليخانوف البلشفية، أي الحزب الشيوعي الروسي في شكله اللينيني، إلى نقد شديد: فسّر صعود البلشفية، التي ولدت عام 1903، بتخلّف البروليتاريا الروسية، وكثرة العناصر اللاطبقية ـ أي الرعاع بلغة أخرى ـ وصولاً إلى ما يدعوه بـ "البروليتاريا الجائعة المتوحشة"، بلغة باكونين، التي "لا تعرف حتى مبادئ الاشتراكية العلمية". تضع هذه الصفات في البروليتاريا الروسية استعداداً كبيراً للامتثال والطاعة العمياء وتقديس الزعيم، وتحولها إلى "بيروقراطيين حزبيين أسوأ من الموظفين القيصريين" وتدفعها إلى العنف المتطرّف الذي يتاخم الإرهاب. وصل بليخانوف، وهو ينقد البلشفية، إلى أربع نتائج أساسية: إن وصول البلشفية إلى السلطة سيؤدي إلى تخلّف روسيا لا إلى تقدمها، وأن التجربة الاشتراكية التي اخترعها لينين مصيرها الفشل الحتمي، وأنها ستنتج تناقضات في المجتمع الروسي أكثر مأساوية من تناقضات المجتمع الرأسمالي، وأن ديكتاتورية البروليتاريا على الطريقة اللينينة تفضي إلى ديكتاتورية الحزب الواحد، التي هي ديكتاتورية قائدة لا غير. لن تكون الماركسية البلشفية، والحال هذه، إلا شكلاً بائساً ومتخلفاً من الماركسية، لن يسعف البروليتاريا الغربية في شيء، بل سيؤثر سلباً على مسارها.
تتعيّن البلشفية، إذن، محصلة لتمازج عناصر سلبية ثلاثة: البروليتاريا الرثة أو حثالة البروليتاريا، بلغة بليخانوف، وتقاليد العنف الثوري في أكثر أشكالها تطرفاً وعماء، وماركسية بدائية فجة، تخدم أغراض لينين وتسيء إلى الاشتراكية إساءة قاتلة. والنتيجة المرتقبة سلسلة من الأزمات، القابلة للحصار، وصولاً إلى الأزمة الأيديولوجية التي تعني "تحلّل السلطة البلشفية من داخلها" وسقوط المشروع الاشتراكي، الذي سيخلّف آثاراً مأساوية على الحركة الاشتراكية في العالم كله.