كتاب " الوصية السياسية أفكار بليخانوف الأخيرة " ، تأليف د .
أنت هنا
قراءة كتاب الوصية السياسية أفكار بليخانوف الأخيرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
هل أقدمت الحركة الشيوعية، بعد توطّد النموذج الستاليني في الاتحاد السوفيتي وخارجه، على قراءة متحرّرة للنظرية، وهل رأت في الممارسة معياراً للحقيقة (والكلمتان على أيّة حال يعوزهما التحديد)، وهل اعتقدت فعلاً بأولوية الممارسة على النظرية؟ لم تقم الحركة الشيوعية، بشكلها الرسمي بهذا، ولا بما هو قريب منه• فقد أنجزت اختزالين متكاملين: رأت في كتابات ماركس نظرية منجزة، ناسية أنّ هذا الأخير ترك أفكاراً ناقصة، أو عامة، في أكثر من مجال، مثل تصوّراته عن نظرية الدولة والحزب الثوري والنظام الشيوعي،•••، ثم عادت واختصرت هذه النظرية إلى جملة مقوّلات تبسيطية لا تنقصها العمومية• واكتملت الدائرة حين أُضيفت اللينينية إلى الماركسية، منتهية إلى نظرية كاملة مغلقة، تطال المجالات جميعاً، بما فيها الأدب والفن واللغة وحرب الغٌوار و"الطريق غير الرأسمالي" ••• صيّرهذان الاختزالان الماركسيّة إلى معتقد لا ينقصه التقديس، لا يقبل بصراع النزوعات ولا بنسبية المعرفة، وهما مقولتان قال بهما لينين، ولا يتأمّل التمازج بين "الماركسية العالِمة" والحسّ الشعبي العام، وهو ما التفت إليه غرامشي، الذي مات في سجون الفاشية الإيطالية ولم يعترف الستالينيون بجهده الفكري المتميّز• انتهت النظرية إلى معتقد ديني، وواجه المدافعون عنه خصومهم بشعار ديني عنوانه: التحريفية، التي هي نظير "الهرطقة"، في لاهوت مسيحية القرون الوسطى، ونظير "الخروج على الجماعة"، في التصوّرات الإسلامية المتزمّتة• وواقع الأمر أنّ ما دعي بـ "الماركسية ــ اللينينية" لم يكن إلاّ أيديولوجيا سلطوية، دورها التبرير والتسويغ والبرهنة عن شرعية "الحزب القائد"• ليس الأمر بعيداً عن الاستعمال السلطوي للدين في الزمن العربي الذي نعيش• فمثلما أنّ الأيديولوجيا الدينية، الموزّعة اجتماعياً بقنوات بمدرسية ــ إعلامية سلطوية، لا تفسّر إلاّ بسلطة سياسية، تديّن السياسة وتسيّس الدين، وتشتق من الطرفين شرعية غائبة، فإنّ أدلجة الماركسية، أي اختزالها وتشويهها وإعادة توظيفها، لا تفسّر إلاّ بقيادة شيوعية، تساوي بين مصالحها الذاتية والشعارات النظرية، أو تساوي، في أحسن الأحوال، بين منظورها التسلطي و"الحقيقة النظرية"•