كتاب " الاغتراب في الشعر العربي في القرن السابع الهجري" ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب الاغتراب في الشعر العربي في القرن السابع الهجري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إذ امتد لهذا القرن جناحان، مثَّل الأول نهاية حقبة ذهبية كبيرة، شغل روادها الأوائل الأنظار عن مَن لوح براياته في نهايتها، وبداية حقبة سوداوية كبيرة أيضاً شغلت أحداثها الجسام أحداق الكثير من المحدثين عن النظر إلى نتاج مبدعيها لذلك يجد أي باحث صعوبة كبيرة وهو يخوض غمار عن المجاميع والدواوين التي غطاها غبار الزمن، إذ كان بُعد الباحثين عنها سبباً في ابتعاد أصحاب دور النشر والتوزيع عن تداولها مُستثنين ما شمَّر بعض الباحثين عن سواعدهم محققين بعضها تحقيقاً علمياً لكنها بقيت أسيرة في مكتبات تلك الجامعات والدوريات، لذلك كان من أول المهام في هذه الدراسة محاولة جمع تلك الدواوين والدراسات من الجامعات فامتدت رحلتنا بين جامعة بغداد، والجامعة المستنصرية، وجامعة الموصل، وجامعة الأنبار، وجامعة بابل وجامعة تكريت فضلاً عن رصد الدوريات في داخل العراق وخارجه، والدراسات التي عالجت ظاهرة الاغتراب في الجامعات العراقية فضلاً عن الجامعات العربية، كجامعتي القاهرة وعين شمس، وجامعة دمشق وجامعة أم القرى، مع الاستعانة بالمكتبات العامة والمكتبات الشخصية، واعتمدت هذه الدراسة نتاج الشعراء الذين عاشوا في الحقبة بين (610هـ) إلى (710هـ) ولكي تستقيم خطوات البحث كان لزاماً عليَّ الإبحار والغوص في شواطئ علم الاجتماع، وعلم النفس، والفلسفة، وجداول علم التاريخ لأنها حامت حول ظاهرة الاغتراب، محاولة مسَّها من الخارج أو الداخل، فوجدت تلك الظاهرة حظوراً لها في كثير من ميادين تلك العلوم لذلك نجد ان تلك العلوم قد سايرتنا في أغلب خطوات البحث ولاسيما علم الاجتماع، وعلم النفس محاولاً أن استضيء بنظرياتها على أن لا أكون أسيراً لها. لنخرج لآلئ نُنير بها الطريق أمام مسببات تلك الظاهرة، وقد انتظمت هذه الأطروحة في أربعة فصول يسبقها تمهيد حاول أن يوجز القول في مفاهيم الاغتراب في تلك العلوم المشار إليها، فضلاً عن بواكير الاغتراب ومظاهره في الشعر العربي قبل القرن السابع الهجري، ثم كانت انطلاقتنا في الفصل الأول متناولين الاغتراب الاجتماعي والاغتراب البيئي تحت عنوان المثيرات الخارجية، وقصدنا تلك المؤثرات النابعة من الواقع الاجتماعي والبيئي المعاش. وحاولنا في الفصل الثاني أن نبحث عن بذور الاغتراب العاطفي والاغتراب النفسي وثماره في نفوس الشعراء من خلال المثيرات التي تتكون داخل النفس الإنسانية، أما الفصل الثالث فكان بعنوان الاغتراب السياسي وتوزَّع كذلك على مبحثين، أهتم الأول بالمثيرات الداخلية وقصدنا بها مثيرات القلاقل والفتن التي عصفت بالعراق من الداخل، وكان الثاني بعنوان المثيرات الخارجية وقصد التهديدات الخارجية للبلاد ومن ثمَّ الاحتلال وأثر ذلك في نفوس الشعراء، وحاول الفصل الرابع أن يكون بمثابة إضاءات فنية تلقي الضوء على أهم السمات الفنية لذلك الشعر من خلال اللغة والأسلوب والإيقاع الداخلي والخارجي فضلاً عن أثر تلك المحسنات وذلك الإيقاع في الصورة الشعرية التي تكفل بها المبحث الثالث. ثم ختمنا الأطروحة بملخص لأهم ما توصلنا إليه من نتائج.
وكان لابد من أن تلتهب المشاعر وتتحرق الأكباد، ونحن نتحسس بمأساة الشعراء في تلك الحقبة، لذلك جاءت مقدمات الفصول بمثابة استحضار أو تهيئة لمشاعر المتلقي لفهم تلك النصوص لاسيما وأن أحوال العراق المعاصر تمس خياله وتتربع فيه في الوقت ذاته، كما أنَّ المساحة التي أسير بها ضمن حدود العلمي لا تسمح لي أن أتمطى حسب ما أتمنى، فضلاً عن سهولة لغة شعراء ذلك القرن، فقد كانت ريح الاختصار وعدم الإسهاب في شرح الأبيات تعصف بنا باستثناء بعض القصائد التي ألزمتنا عاطفتها ومشاعرها الاغترابية المكثفة، بتباطؤ الخطى لما فيها من تجسيد لمشاعر ألفها الكثير منا، ولاسيما بعد احتلال بغداد.
وأخيراً هذا جهد متواضع حاول الباحث أن يكون فيه صادقاً وهو ينظر إلى النصوص بمنظار المنهج العلمي المشوب بعاطفة الإنسان العراقي وإحساسه، فإن أصاب طريقه وترك بصمة في قلوب القراء وعقولهم، فذلك مبتغاي، وإن ضلَّ، فرضى الله وأجره غاية المنى... وآخر قولنا:
(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)