كتاب " العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد" ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد
ويعتبر اردشير من الشخصيات الهامة في التاريخ، اذ انه يرتقي الى درجة اولئك الذين يمكن ان نسميهم (بمؤسسي الدول) ومع ذلك فقد نسجت حول شخصيته الكثير من الاساطير التي تسند اليه القيام بأعمال خارقة وخاصة في القصة الشهيرة المعروفة بـ (كارنامك اردشير بابكان) اذ تناولت أعماله وأقواله وفي مقدرته الخارقة على قتل ذلك التنين بصب معدن مذاب في فيه، فهو يشبه اله بابل القديم (مردوخ) عندما ادخل ريحا عاتية في فم التنين تيامت فقتله ([69]) .
ويبدو ان اعمال البطولة التي نسبت الى اردشير او غيره من الملوك الساسانيين او احاطة بعضهم بهالة كبيرة من هالات العدالة قد وضعت بعد انهيار الدولة الساسانية واستحواذ العرب المسلمين على بلدانها، وكان الهدف من ذلك اظهار البطولات العربية التي ظهرت اثناء الفتوحات، او ما تميز به خلفاء المسلمين من حرص على تحقيق العدالة بين الناس بانها باهتة وساذجة وتتلاشى امام عبقرية اردشير العسكرية وعدالة انوشروان.
وبالرغم ممما تمتع به اردشير من قوة وقدرة على التخطيط فان نجاحه في القضاء على الدولة البارثية لا يمكن ان يكون راجعا الى قدراته وكفاءاته العسكرية او السياسية فقط، وانما يكمن ذلك ايضا في حالة الضعف الذي كانت تعيشه الدولة البارثية عشية خروج اردشير عليها ((من اختلاف الكلمة وتنازع الملك وغيره)) ([70]).
فلقد دخلت هذه الدولة في حروب متعددة مع الرومان انهكت قواها وشلت اقتصادها هذا باضافة الى عدوها الاخر المتمثل بمجموعة من القبائل التي كانت تأتي الى ايران وتغزوه من السهوب الواقعة في الشمال الشرقي من ايران ([71]).
ولهذا ينبغي ان لا تبهرنا انتصارات اردشير ونجاحه في تاسيس حصيلة عوامل موضوعية ظلت تنخر في جسم الدولة البارثية حتى اصبحت لا تستطيع كبح جماح رجل خارج عليها وهو اردشير.
وقبل ان نختتم الحديث عن اردشير لابد من الاشارة الى ان الدولة التي شادها قد شملت على اقاليم واسعة وبلاد مختلفة في شعوبها ولغاتها واديانها، فقبل ان يوارى اردشير الثرى كانت دولته تشتمل على (ايران الحالية وافغانستان وبلوخستان واقليم واحات مرو وخيوة حتى جيحون شمالاً وبابل والعراق غربا...) ([72]).
كما اتخذ اردشير عاصمة جديدة له في (طيسفون) في بلاد العراق تاركا اقليم فارس وعاصمته اصطخر، حيث لم يعد صالحا لاقامته كملك الملوك([73]).
ويبدو ان نقل العاصمة الى طيسفون املته ظروف عديدة منها اهمية موقع العراق وخصوبة ارضه وكثرة غلاته. واختلاف سكانه عن الايرانيين ومجاورته لمناطق نفوذ الروم في بلاد الشام، اعداء الايرانيين التقليديين ومتاخمته لشرق الجزيرة العربية التي كانت دائما الرافد البشري الاساس لسكانه ورغبة اردشير وخلفائه في التوسع وخاصة في البلاد التي تقع الى الغرب من العراق وبلاد الشام.
وقد تعاقب على حكم الدولة الساسانية منذ قيامها سنة (226م) الى سقوطها سنة (652م) اثنان وثلاثون ملكاً بينهم امراتان في رواية([74])، وفي رواية ثلاثون ملكا بينهم امرأتان ([75])، وفي رواية اخرى تسعا وعشرين ملكا بينهم امراتان([76]).
وقد برز عدد من الملوك الساسانيين في بعض الاعمال العسكرية او العمرانية او حتى الدينية مما ترك لهم مساحة اوسع في التاريخ ومن هؤلاء: