أنت هنا

قراءة كتاب العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد

كتاب " العلاقات العربية الساسانية خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد" ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 7

اردشير

مؤسس هذه الدولة اردشير بن بابك بن ساسان ([39])، وقد ارجع بعض المؤرخين نسب اردشير الى حكام فارس القدماء من الاخمينيين مثل دار ابن دارا الذي قتله الاسكندر الكبير سنة 331 ق.م ([40]).

وكان جد اردشير ساسان والذي سميت باسمه الدولة قيما على بيت نار في اصطخر في اقليم فارس، يعرف ببيت نار اناهيد ([41])، وكون ساسان هذا قيماً على بيت نار أناهيتا لابد وانه يعني تمتع اسرته بنفوذ ديني كبير في الدولة البارثية.

وربما لهذا السبب فانه تزوج من امراة من الاسرة الحاكمة (البارثية) يقال انها ابنة جوزهر ملك اقليم فارس، كما قيل عن ساسان بانه كان اميرا في اقليم فارس، وانه كان تابعا الى جوزهر([42])، وكان لساسان ولد اسمه بابك، وقد ولد لبابك ابنه اردشير في قرية من قرى اصطخر تعرف باسم طيروده([43])، بينما تنفي رواية اخرى اية صلة نسب بين ساسان وبابك، وانما تعتبر ساسان راعيا عند الملك بابك في اقليم فارس ويعني هذا بان ملك اقليم فارس في تلك الفترة ليس (جوزهر) وانما هو ملك اخر اسمه بابك، الذي كان قد رأى في منامه ابن ساسان سوف يحكم العالم ولهذا فانه قام بتزويج ساسان من ابنته فتكلل ذلك الزواج بميلاد اردشير ([44])، وعليه فان هذه الرواية تنفي ان يكون ساسان هذا اميرا او قيما على بيت نار اناهيد وانما هو لايعدو كونه راعيا عند الملك بابك، وبهذا فان الادعاء بانتساب ساسان الى الاخمينيين امر مشكوك فيه حسب هذه الرواية.

ولما بلغ اردشير من عمره سبع سنوات اخذه والده بابك الى جوزهر راجياً ان يضمه الى (تيرى) الذي اصبح (ارجبذا بدارا بجرد) ليخلفه من بعده فوافق (جوزهر) على ذلك وكتب لتيري بذلك، فتقبله تيري وتبناه فخلفه في منصبه بعد وفاته([45]) وهذه عادة يتبعها الاقطاعيون في ضم ابناء النبلاء ليحتلوا المناصب الملائمة، ويبدو ان الساسانيين اتبعوا هذا التقليد فيما بعد.

ويظهر من هذا ان بابك لابد وان يكون من الاسر النبيلة في اقليم فارس انذاك، وان مكانة اسرته مرموقة بين الناس سواء قبلنا بالرواية القائلة بانها اسرة دينية، او تلك التي ترى في راس تلك الاسرة أنه تابعا لملك اقليم فارس، وانه ليس من عامة الناس فليس من المعقول ان يطلب شخص من عامة الناس من مليكه ان يضم ابنه الى احد كبار موظفيه العسكريين.

وبوفاة تيري قام اردشير من بعده بالامر خير قيام، وربما بدأت طموحات اردشير في الملك تتنامى خاصة وانه كان يعتقد بانه ينتسب الى اسرة تجري في عروقها الدماء الملكية، كما يقال بأن المنجمين كانوا قد اخبروه بان الملك سيصير اليه([46])، وقد ترك ذلك على ما يبدو اثراً في نفس اردشير وامده بقوة جعلته يحث الخطى من اجل تحقيق احلامه في الملك، اضافة الى الى ان تقلده لمنصب (ارجبذا) على مدينة دارابجرد سنة (212م) يصبح خلال فترة قصيرة سيدا على كثير من مدن اقليم (اصطخر) عن طريق قتله او تغلبه على حكامها، كما ان نجاح والده بالوثوب على الملك جوزهر في مدينة (القصر الابيض) وقتله اياه، وتنصيب نفسه مكانه ([47])، ساعد على تحقيق طموحات واحلام اردشير التي ظلت تراوده فترة طويلة على ما يظهر.

ان قتل بابك لجوزهر جعل عرش اقليم فارس شاغرا، فكتب بذلك بابك الى (اردوان) (ملك الملوك) البارثي يسأله الاذن بتتويج ابنه سابور (بتاج جوزهر)، الا ان طلبه قد رد بشدة([48])، والشي الملفت للنظر هنا هو لماذا طلب بابك من اردوان تتويج ابنه سابور ولم يطلب التاج لنفسه؟ خاصة وانه هو الذي تمرد على جوزهر وقتله؟ يعتقد كريستنسن بان محاولة بابك تتويج ولده سابور عمل استهدف منه القضاء على مخططات ولده الطموح اردشير([49])، ولكن الامر يمكن ان ينتهي وتضيع طموحات اردشير في العرش ولو بصورة مؤقتة لو ان بابك كان قد طلب التاج لنفسه فيخفف بذلك من حدة العداء، الذي ربما كان قائما بين الاخوين.

وقد كانت وفاة بابك في تلك الفترة سبباً في تفجر الصراع بين الاخوين اردشير وسابور على السلطة، فلقد توج سابور بالتاج وكتب الى اخيه اردشير يطلب منه الشخوص اليه، لكن اردشير امتنع عن ذلك وجمع جموعا كثيرة من اصطخر فساعده بعض اخوته وتوجوه وجلس على السرير ([50]).

وفي حين لا يذكر الطبري شيئا عن نهاية سابور، باعتباره الملك الشرعي في اقليم فارس، والذي يعتبر اخوه اردشير متمردا عليه فان كريستنسن يشير الى ان سابور كان قد توفي فجأة مما جعل اخوة اردشير يضعون التاج على رأسه ([51]).

ورواية الطبري عن تتويج اردشير من قبل اخوته غامضة، فهل توج اردشير قبل وفاة سابور ام بعد وفاته؟ اذ يذكر بأن سابور عندما بلغه امتناع اردشير بالشخوص اليه: (فغضب سابور من امتناعه وجمع جموعا وسار نحوه ليحاربه) ([52])، ومن المرجح بأن اردشير قد توج بعد وفاة اخيه سابور حيث صفا له الجو من منافسة اخيه.

الصفحات