أنت هنا

قراءة كتاب الجنس الآخر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجنس الآخر

الجنس الآخر

إذا كانت الأنوثة وحدها لا تكفي لتعريف المرأة، ورفضنا أيضاً أن نفسرها بمفهوم «المرأة الخالدة» وبالتالي إذا كنا، نسلم ولو بصورة مؤقتة، أن هناك نساء على الأرض، فعلينا حينئذ أن نتساءل ما هي المرأة؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
مقدمة المترجم
 
يقول «جول لافورغ»: «لا تربطنا بالمرأة أبداً رابطة الأخوة، فقد جعلنا منها، بالخمول والفساد، كائناً منعزلاً ليس له من سلاح سوى سحره الجنسي».
 
الواقع أن الرجال والنساء ليسوا راضين عن بعضهم بعضاً في يومنا هذا. ولكن المسألة هي أن نعلم فيما إذا كانت هناك لعنة أصلية تحكم عليهم بالتخاصم والتنازع أو أن الخصومات التي تفرق بينهم لا تعبر إلا عن لحظة انتقالية في التاريخ الإنساني.
 
لقد رأينا، رغم ما جاء في الأساطير، أن ليس هناك سبب فيزيولوجي يفرض على الذكر والأنثى العداء الدائم لأنهما من جنسين متمايزين. إن الإنسانية ليست نوعاً، بل هي صيرورة تاريخية. ومهما يكن سوء النية كبيراً فمن المستحيل اكتشاف خصومة ذات طبيعة فيزيولوجية بين الأنثى والذكر البشريين. لذلك يعمد بعضهم إلى اعتبار وجود هذا النزاع في ميدان متوسط بين البيولوجيا وعلم النفس أي ميدان التحلل النفسي «فرويد»، ولكننا بيّنا أن المأساة لا تجري على الصعيد الجنسي ولم يبد لنا قط أن الغريزة الجنسية تحدد مصيراً إنسانياً وأنها تقدم بذاتها مفتاحاً يفسر السلوك البشري.
 
إن المجتمع الذي وضع الرجل تشريعاته وقيمه يعتبر المرأة أقل من الرجل. ولا تستطيع المرأة إلغاء هذا النص إلا بتحطيم تفوق الرجل، لذلك تحاول أن تسيطر عليه وأن تناقضه وأن تنكر حقيقته وقيمه. إنها بذلك لا تفعل سوى الدفاع عن نفسها. هذا النقص لا ينجم عن جوهر ثابت أو قدر سيئ، بل هو مفروض على المرأة فرضاً. وإن كل اضطهاد يخلق حالة نزاع. والكائن الذي تُنتزع منه صفة الجوهر لتلصق به صفة التبعية والإلحاق لا بد أن يحاول استرجاع سيادته.
 
أما اليوم فتأخذ المعركة شكلاً آخر. فالمرأة لم تعد تحاول جر الرجل إلى الجمود، بل تحاول الهروب إلى عالم الارتقاء والسمو. ولكن يطيب للرجل أن يبقى السيد المطلق والكائن المنفرد بالجوهر ويرفض أن يعتبر رفيقته مساوية له.
 
لم تعد المعركة إذن بين أفراد ينحبس كل منهم في نطاقه، بل إن هناك طبقة ذات مطاليب تهب إلى النضال فتنتصر عليها الطبقة ذات الامتياز. نحن الآن أمام حريتين نزاعتين إلى السمو والارتقاء يسود بينهما الخصام بدل التعارف والوئام.
 
تحاول المرأة «الأنثى» بجعل نفسها متاعاً وفريسة سلبية، أن تقيد الرجل بالرغبة التي تثيرها في نفسه. وعلى العكس من ذلك ترفض المرأة «المتحررة» السلبية التي يدعي الرجل فرضها عليها. ولكن المرأة «الحديثة» تقبل قيم الذكور وتؤكد نفسها كمثيلة لهم.
 
إن هذا المطلب مشروع ما دام يُعبر عنه بتصرفات ملموسة. إلا أن كثيراً من النساء اللواتي يردن أن يثبتن بنجاحاتهن أنهن مثل الرجل، ينشدن تأييد الرجل عن طريق الجنس، إنهن يلعبن ضمن إطارين: فهن يطالبن بالاحترام التقليدي، وباعتبار جديد أيضاً، معولات على سحرهن القديم وحقوقهن الجديدة ولكن الرجل أيضاً لا يخلو من مثل هذا الازدواج. والحقيقة أن الصراع بين الرجل والمرأة لا يمكن أن يكون واضح المعالم لأن المرأة لا تنتصب أمام الرجل على اعتبار أنها شخص ولكنها كمتاع، كشيء له حياته الشخصية.
 
وسيدوم النزاع طالما لا يعترف أحدهما أنه شبيه الآخر ونظيره. وإذا كان من الصعب تحطيم الحلقة الفاسدة والدوامة الفارغة، فذلك لأن كل من الجنسين هو في الوقت نفسه ضحية الجنس الآخر وضحية نفسه. وليس من الصعب إحلال الاتفاق بين خصمين يتنازعان في حريتهما الصرفة ولا سيما أن هذا النزاع لا يفيد أحداً. إلا أن تعقيد هذه القضية ناشئ عن أن كل فريق هو في الوقت نفسه شريك خصمه ..
 
لقد رأينا لماذا استعبد الرجال النساء في الأصل، لقد كان انخفاض قيمة الأنوثة مرحلة ضرورية في التطور البشري؛ ولكن كان بالإمكان أن يسود التعاون بين الجنسين. إن الاضطهاد يفسر بنزعة الكائن إلى الهروب من ذاته والتخلي عن نفسه للآخر في سبيل هذه الغاية، وحتى هذا اليوم توجد هذه النزعة عند كل الرجال.

الصفحات