أنت هنا

قراءة كتاب أساليب تدريس قواعد اللغة العربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أساليب تدريس قواعد اللغة العربية

أساليب تدريس قواعد اللغة العربية

كتاب " أساليب تدريس قواعد اللغة العربية " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 3

والناس لديهم وسائل للتعبير عن أغراضهم، فلم تكن اللغة هي الوسيلة الوحيدة للتعبير، فهناك الإشارة، والحركة، والضحك، والبكاء، والرقص والغناء والموسيقى والرسم. ومع هذا تبقى اللغة (الكلام) أرقى أنواع التعبيرات الصوتية، وهذه الظاهرة لا توجد إلا عند الإنسان وحده. إذ بها كرم الله الإنسان على سائر المخلوقات. قال تعالى (خَلَقَ الْإِنْسَانَ،عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)الرحمن: ٣ - ٤

وقال تعالى (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ،عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )العلق: ٤ - ٥

ورأى قورة أنّ اللغة بمعناها الواسع هي ”أداة التفاهم ووسيلة التعبير عما في النفس بين المخلوقات. فالطيور بفصائلها المتعددة لها وسائل تعبيرية يتعارف عليها أفراد كل فصيلة ويستجيب أحدها للآخر استجابات مختلفة تبعا لنماذج الاختلاف التي تشتمل عليها وسيلتهم في التفاهم ونقل المعارف والمشاعر... والحيوانات بأنواعها المختلفة يتفاهم أفراد كل منها بلغة خاصة به، وإن لم تكن ذات مقاطع وحروف وكلمات... وهناك من وسائل التعبير بين الطيور والحيوانات مالا يقوم على أصوات بل يؤدي وظيفته بالحركة أو اللمس أو الشم“.

وورد في القرآن الكريم عدد من الآيات تشير إلى أن للحيوانات لغة خاصة بها، (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) النمل: ١٦

وتمكّن سليمان u من أن يتفاهم هو والهدهد كما جاء في سورة النمل:(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ،إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ،وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) النمل: ٢٢ - ٢٤ ...إلى أن قال تعالى(قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ،اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) النمل: ٢٧ - ٢٨

وقد تفاهم سليمان u هو والنمل حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ النمل: ١٨

وعندها فهم سليمان u ما تعنيه النملة بقولها (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) النمل: ١٩. وربما كان قريباً من معنى اللغة الخاصة بغير الإنسان من قوله تعالى (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) الإسراء: ٤٤.

وقد عرّف قورة اللغة الخاصة بالبشر بأنّها ”العبارة التي يكشف بها المتكلم عن نفسه ويوضح بها مقصوده، وهي تتميز بالمقاطع والحروف والكلمات والجمل ذات التركيب الخاص“.

وهناك علاقة قوية بين الفكر واللغة، وهذا ما دعا علماء المنطق إلى تعريفها "بأنها علم قوانين الفكر" أو "العلم الذي تعصم مراعاته الذهن من الخطأ في التفكير" إذ لا يمكن نمو التفكير من غير اللغة، فهي التي تمد الطفل بالألفاظ التي يطلقها على الذوات والمعاني.

وقد أكّد تلك العلاقة جيل العاملين في ميدان علم نفس اللغة بقولهم ”عندما نقول بأن اللغة تؤثر في الفكر أو أن الفكر يؤثر في اللغة لا نقصد أنهما شيئان مختلفان تمام الاختلاف ويؤثر أحدهما في الآخر. بل نلمح إلى أن الظواهر التي تطلق عليها اسم الفكر تختلف عن الظواهر التي نسميها اللغة“.

ويرى عبد العليم إبراهيم بأنّ تكون الفكرة في الذهن يظل عاما شائعا حتى تجد تلك الفكرة الوسيلة التي تضبطها وتحددها وتعبّر عنها بوساطة اللغة أو الرسم أو النموذج. ”ودور اللغة في هذا التعبير له المقام الأول. لذا، قال: التفكير كلام نفسي، والكلام تفكير جهري“ ويقول الشاعر في هذا المعنى:

إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنما

جعل اللسان على الفؤاد دليلاً

الصفحات