لكل شعب عاداته وتقاليده، ولكل أمة من سلوكها ما اعتادت، والكاتب والأديب، والشاعر والفنّان على حدٍّ سواء ينهضون لإبراز هذه التقاليد والعادات لشعوبهم وأممهم التي نشؤوا وترعرعوا فيها، وبدورهم هذا يطلعون الشعوب الأخرى على ثقافاتهم وفهمهم للحياة.
أنت هنا
قراءة كتاب ذهب مع الريح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

ذهب مع الريح
الصفحة رقم: 6
وقالت سكارلت :
- أرجو ألا تمطر السماء غدًا، إذ ليس هناك شيء أسوأ من حفلة «للشواء» تتحول إلى حفلة داخل المنزل.
- سيكون الجو صافيًا غدًا. انظري إلى غروب الشمس، إنني لم أرَ أشد منه احمرارًا. وغروب الشمس خير دليل على الطقس في اليوم التالي.
وراحوا ينظرون نحو الشفق الأحمر، عبر فدادين لا نهاية لها من أراضي القطن المحروثة، التي يملكها جيرالد أوهارا. كانت الشمس تغيب وراء التلال الواقعة عبر نهر «فلينت» فيما كان حرُّ إبريل يتحول إلى برد رقيق عطر.
لقد جاء الربيع مبكرًا تلك السنة بأمطاره السريعة الدافئة، وتفتحت براعم الخوخ الحمراء قبل أوانها، وكست الأزهار البيضاء الأشجار، فبدت كأنها نجوم صغيرة فوق الروابي وعلى سطح النهر.
وكانت حراثة الأرض قد انتهت، وزاد غروب الشمس لون تربة جورجيا احمرارًا فبدا بيت المزرعة الأبيض كأنه جزرة في بحر أحمر عاصف تتكسر أمواجه فور اصطدامها بالصخور.
كانت الأرض حمراء قانية اللون بعد المطر. إنها أفضل أرض في العالم لزراعة القطن، وكانت أرضًا مبهجةً فيها البيوت البيضاء، والحقول المحروثة المسالمة والأنهار الصفراء الكسلى. أرض المتناقضات، حيث أشعة الشمس تبهر الأبصار، وعلى أطراف هذه الحقول تقوم الغابات العذراء مظلمة باردة حتى في أشد ساعات الظهر حرًّا، غامضة تبعث شعورًا خفيًّا بالخوف، بينما تبدو أشجار الصنوبر في حفيف أغصانها كأنها تقول بتأوه : «احذروا احذروا ! لقد كنتم لنا في الماضي وبوسعنا أن نسترجعكم».
وطرق مسامع الثلاثة الجالسين أمام المدخل، صهيل الخيل، وجلجلة القيود وضحكات العبيد العالية، فيما كان الرجال والبغال عائدين من الحقول.
ومن داخل المنزل ارتفع صوت ناعم هو صوت السيدة ألين أوهارا، والدة سكارلت، عندما نادت الزنجية الصغيرة التي كانت تحمل سلة المفاتيح. وأجاب صوت الصغيرة :
- ها أنا يا سيدتي !
- وتعالت أصوات الأقدام تخرج من الطريق الخلفي إلى صالة التدخين حيث ستوزع السيدة ألين على القادمين مخصصات الطعام. وطرقت آذان سكارلت وستيوارت وبرانت قرقعة الصحون والملاعق فيما كان بورك الخادم المختص بالطعام، يعد المائدة للعشاء.
وعندها شعر الأخوان بأنه حان وقت عودتهما إلى المنزل، بيد أنهما كانا يخشيان مواجهة أمهما، فظلا في مكانهما، وهما يتوقعان أن تدعوهما سكارلت للعشاء.