أنت هنا

قراءة كتاب النشر الالكتروني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النشر الالكتروني

النشر الالكتروني

كتاب " النشر الالكتروني " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 3

أولاً: هل انتهى عصر المطبوع؟!

ظل الكتاب (المخطوط ثم المطبوع)، منذ اختراع الكتابة، قبل نحو ستة آلاف سنة، يمثل الوعاء الأكثر أهمية في اختزان ونقل المعرفة، وكان القلم الأداة الأكثر استخداماً في كتابة وتدوين وتوثيق المعلومات، من أجل استخدامها وتداولها وتناقلها، من شخص إلى آخر، ومن جيل إلى آخر، حتى يمكن القول أن الحضارة البشرية وليدة العقل المفكر وصنيعة القلم والكتاب..الحضارة حصيلة التفكير، والقلم وسيلة التسطير، والكتاب خزانة الفكر والعلم والإبداع الإنساني، ومن ثم فأن الأجيال السابقة من البشر، نشأت في ظل سطوة الكتاب المقروء، وظلت قراءة الحروف، طوال قرون، من أكثر العادات، استمراراً وتأثيراً، في عقل الإنسان، لكن جيلنا الحاضر، جيل القلق والتغييرات الهائلة، يقف اليوم عند مفترق الطرق، حائراً، بين عادات سابقة متأصلة، وبين متطلبات عصر جديد، في أدواته وتقنياته، وليس ثمة هامش واسع أمامنا للاختيار، سوى الانحياز دون تردد، إلى متطلبات هذا العصر، ومن بينها، إن لم تكن في مقدمتها، تقنيات الاتصال الإلكتروني، وبخاصة الحاسوب (الكومبيوتر) وشبكات المعلومات.

ولكن هل يصح القول أن زمن الكتاب الورقي قد أوشك على الانتهاء.. أو أن لذة القراءة في الأوراق البيض أو الصفر تكاد تختفي، وبخاصة في ظل التطورات المتسارعة في تقنيات المعلومات ونظم الخزن الالكترونية، حتى عاد قرص ليزري ضئيل بحجم اليد أو اصغر يحمل العشرات، بل المئات من المجلدات، التي كان القارئ فيما مضى يبذل الكثير من جهده وماله في سبيل الحصول عليها، وينفق عشرات السنوات من أجل الوصول إليها، وقد أصبح القارئ اليوم، بفضل هذه التقنية، قادرا على الدخول إلى اكبر مكتبات العالم دون استئذان، وهو جالس في غرفته، ويستطيع التجول في آفاق المعرفة العالمية التي تتضمنها هذه المكتبات.

هل يعني ذلك نهاية عصر الكتاب المطبوع وزوال زمن الورّاقين، وحكاياتهم التي أخذت حيزاً متألقاً في التراث العربي من خلال نوادر أخبارهم وحكاياتهم الطريفة؟..هل ستختفي معارض الكتب السنوية وأعيادها الموسمية، التي ينتظرها القراء والباحثون كل عام؟

إن واقع الحال يشير إلى ازدهار تجارة (الكتاب الورقي) وتصاعد أرقام مبيعاته، وازدحام أسواق الكتب، ووجود الملايين من عشاق الكتاب الذين ما يزالون يبحثون عن (لذائذ المعرفة) في طيات الأوراق التي يشم فيها القارئ الباحث عبق الأزمان وعطر التاريخ المتخفي بين أوراق كتاب مطبوع بحروف حجرية أو رصاصية أو مخطوط بمداد الأجداد وأقلامهم ومحفوظ بجلود الحيوانات.

وما زالت المكتبة تشكل لدى شريحة القراء المثقفين فضاءً معماريا جماليا يزيّن غرفة الجلوس، حيث يتباهى الكثيرون بمقتنياتهم الفريدة من الكتب ويعرضونها بزهو لضيوفهم.. وهم لا يعرضون مضمون هذه الكتب فحسب، بل يفخرون بتاريخها وارتباطها بذاكرتهم، التي قد تكون مقترنة بواقعة حياتية متميزة أو صديق أو معلم أو مؤلف قديم. ولعل من المناسب هنا أن نذكر أن واقعة (الكتاب الأول) التي تكون عادة قصة للأطفال أو مجلة فنية أو رواية بوليسية مشوقة.. تظل عالقة في ذاكرة القارئ، حتى بعد أن يبلغ أعلى درجات الوعي، وربما يمتلك موهبة الإنتاج ألتأليفي.

لا ريب أن القلم والكتاب ينتميان لمراحل تاريخية وحضارة سابقة، بيد أنهما لا يواجهان حالياً خطر الانقراض الفوري، كالديناصورات، بل ربما يتاح لهما التعايش، جنباً إلى جنب، مع المذياع والتلفاز والحاسوب، لعدة أجيال قادمة، فقد أثبت تاريخ وسائل الاتصال، أن هذه الوسائل لا تلغي بعضها بعضا، بل تتنافس وتتسابق في ميدان سيظل مفتوحاً، فظهور المجلة والصحيفة لم يقتل الكتاب، واختراع المذياع المسموع لم يسحق الكتاب المطبوع، كما أن التلفاز لم يدمر المذياع أو يحرق الكتاب، وعندما جاءت شبكة (الإنترنيت) احتضنت كل هذه الوسائل، التي اندمجت في شاشة الحاسوب، وفي الوقت نفسه استطاعت كل وسيلة أن تحتفظ بمضمار خاص، وأن تؤثر وتعيش، في ميدان السباق الواسع!

الصفحات