أنت هنا

قراءة كتاب النشر الالكتروني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النشر الالكتروني

النشر الالكتروني

كتاب " النشر الالكتروني " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: دار المناهج
الصفحة رقم: 8

ثانياً: الصورة التلفازية الحية

تمثل الإذاعة المسموعة بداية العصر الإلكتروني، فقد نُقل الصوت، لأول مرة، بسرعة الضوء، من خلال الموجات الكهرومغناطيسية، إلى مسافات بعيدة، وكان النصف الأول من القرن الماضي، يمثل حقبة (الراديو) الذي ينقل الأخبار، في لحظة وقوعها، ويقدم خريطة واسعة من البرامج السياسية والثقافية والدينية، كما تم توظيف الإذاعة المسموعة في حملات الدعاية والحرب النفسية، وبخاصة في الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، ولعل تجربة (إذاعة صوت العرب)، في عهد عبد الناصر، أوضح مثال على الدور السياسي الذي لعبته الإذاعة المسموعة، قبل اختراع (التلفاز)، الذي اندمجت فيه الصورة المتحركة مع الصوت، وبدأ ما يسمى بـ(عصر الصورة الحية).

اليوم يزدحم الفضاء بموجات المحطات التلفازية، التي تُنَقل عبر الأقمار الاصطناعية، وتخترق الحواجز والحدود والقيود، فتصل مباشرة إلى غرفة الجلوس، في

كل بيت، وقد أضحى التلفاز الوسيلة الجماهيرية الشائعة في تداول المعلومات

والأخبار، فضلاً عن كونه أداة ترفيه منزلية، لا يمكن الاستغناء عنه، ويعتمد كلياً على فنون الصورة الناطقة.

ويمكن القول أننا نعيش مع ظاهرة غريبة جداً، فالتلفاز قادر على الهيمنة على الصور المستقاة شخصياً من الكتب والخيال وهو قادر أيضاً، ولو لفترة من الوقت، على بث الاضطراب بين التجربة الحقيقية والتجربة التلفازية، فإذا دخلت الصور في فكر الإنسان وخزنت في ذاكرته، فإنها جميعاً تكون متيسرة، وقد تكون (حقيقية) بمجرد دخولها إلى العقل، حيث تصبح كلها صوراً، كامنة في الذاكرة، وتصبح كلها حقيقية، وغير حقيقية، على حد سواء، وفي هذا الصدد يوضح الباحث الإعلامي جيري ماندر:

"إن عمليات تفكيرنا لا يسعها أن تنقذنا، فعند تفكيرنا، ونحن نشاهد التلفاز، فإن الصور تمرُّ، على أية حال، وتدخل أدمغتنا وتبقى فيها بقاءاً دائماً ولا نستطيع أن نعرف يقيناً أية صور تنتمي لتجربتنا الشخصية، وأية صور جاءت من أماكن بعيدة، لقد اختلط الخيال بالواقع وفقدنا السيطرة على صورنا)).(3)

يمكن أن نطلق على هذه العملية (خلق الواقع التلفازي) المصنوع بدلاً من الواقع الحقيقي، الذي يمكن إدراكه من قبل الإنسان، بحواسه مباشرة، وإن هذه القدرة على التمويه، أو على تقديم الأشياء عن قرب، أو عن بعد، تحول دون الموضوعية، فالحيز الذي تعكسه الشاشة الصغيرة، تقوم (الكاميرا) بتجزئته أو تشويهه أو إبرازه بطريقة متحيزة، ونجد العيب نفسه فيما يتعلق بزمن الحدث الذي يستغرق فترة طويلة، فالتلفاز لا يحتفظ إلا بلحظات ينتقيها، ويقوم بربطها، بعد ذلك، كيفما يريد، ومن ثم فإن التقرير التلفازي ليس إلا منتخباً من واقع الحدث، لا الحدث كله، ويرى بعض المتخصصين أن تقطيع الشريط التلفازي وتركيبه (عملية المونتاج) التي تجعل الواقع أكثر جاذبية، تؤدي، بلا شك، إلى تشويهه.

وعلى الرغم من أن النقل التلفازي المباشر (الحي) للأحداث، في لحظة وقوعها، قد أضفى على التلفاز (مصداقية) لا يمكن أن تنافسه فيها وسائل الإعلام الأخرى، بيد أن الحقيقة لا يمكن أن توجد دائماً في كل ما نشاهده عبر الشاشة الصغيرة!

الصفحات