كتاب " الصوت والمعنى في الدرس اللغوي عند العرب في ضوء علم اللغة الحديث " ، تأليف د.تحسين عبدالر
قراءة كتاب الصوت والمعنى في الدرس اللغوي عند العرب في ضوء علم اللغة الحديث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الصوت والمعنى في الدرس اللغوي عند العرب في ضوء علم اللغة الحديث
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على الهادي الأمين، خاتم الأنبياء والمرسلين محمد العظيم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه البررة المنتجبين إلى يوم الدين.
أما بعد،،
فقد كنت منذ زمن يقرب من عقدين ونصف العقد، أقوم على تدريس اللغة العربية في المدارس الثانوية، درست في مراحلها جميعاً، وقد رأيت التواء ألسنة المتعلمين، وما يعانونه من ضعف في القراءة، وعدم إخراج الحرف من موضعه الصحيح، ورأيت أحياناً عدم الدقة في الابتداء والوقف، وعدم فهم معنى الكلم الذي ينطقونه، وكم منيت النفس بأن أضع منهجاً يكون عوناً لهم يعينهم على هذين الأمرين من الفعل المعرفي (القراءة) هو غاية الدرس اللغوي.
وشغفت كذلك بدراسة المعنى وما يتصل به منذ ذلك الوقت، المفردة، الجملة على أنني ظننت حينها – وهذا أمر مفروغ منه لمثلي في ذلك الوقت – أن مثل هذا المنهج منهج غربي، لم يدرسه العربي، وهو من معطيات التقدم الحضاري، وكان علماءنا العرب القدماء يجهلونه جهلاً تاماً، ولم يكن من مباحثهم، لما بهرنا علم الغربيين، وتأثر المستغربين به.
فكان أن شددت العزم لأن ألبي ما ناديت به نفسي، وأن أقدم شيئاً من هذا، فكان هذا البحث المتواضع في موضوعه المنصوص عليه، (الصوت والمعنى في الدرس اللغوي عند العرب القدماء في ضوء علم اللغة الحديث).
الدرس الدلالي هو قمة الدراسات اللغوية قديماً وحديثاً، لأنه المعين لفهم المعنى ودراسته، ولا سيما ارتباط الصوت به، وكان هذا الدرس موضوع اهتمام العلماء القدماء، إلا أنهم لم يسموه، درسوه من خلال علوم متعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر، علم البلاغة، ولاسيما في مباحث علمائنا الرواد في علم المعاني، والبيان، أقول يمكنني أن أضم مصطلحات هذين العلمين ليكونا المصطلح الدلالي القديم.
مرَّ هذا المنهج بعصور متعددة مر بين البحث، والدرس، والتمحيص، فدرسه الغربيون على أنه علمهم، خالص لهم، في مناحيه العلمية والمنهجية كافة، فاستحدثوا مصطلحات جديدة في نظرهم على مسارب هذا العلم، وقد تأثر كثير من دارسي اللغة المحدثين، فنقلوا ما كتبوه من غير أن يكونوا حريصين لمبادئ علم الأجداد، ونحن أولئك الأحفاد الذين لم ينسوا أن لهم أصالة عمقها عمق التاريخ الحضاري لهذه الأمة العتيدة الكريمة المحتد، تمنعهم أن يكونوا مقلدين بل يكونون مؤسسين وهكذا كانوا.
أقول، لقد نقلوا ما قرؤوه، ولم يتفحصوه، ولم يتبينوا أسسه، ولم يرسخوا في أذهانهم، أن أمة هذا عمقها، وأمة تنته علماؤها فكتبوا قواعد لغتهم في زمن يعد متقدماً في حسابات الزمن الحالي، وفي زمن تفتقر فيه الأمم الأخرى إلى مثل هذا النشاط العلمي، كل ذلك حماية لكتاب الله تعالى الذي نزل بلغة العرب.
وأكرر القول إن أولئك الأجداد سبقوا أمماً كثيرة فيما توصلوا إليه في حقول العلوم كافة، ولاسيما علوم اللغة العربية؛ لأنها علوم تتصل بأقدس كتاب نزل على خير أمة أخرجها الله تعالى للناس.
وعود على بدء أن قضية الصوت والمعنى كانت واحدة من تلك المحاور التي ناقشها علماؤنا الأفذاذ، بشكل تفصيلي، فقد أطلق عليها علماء البلاغة والنقاد، عبارة (اللفظ والمعنى) وبينوا علاقة كل منهما بالآخر، فكانت هذه القضية محوراً لدرسهم البلاغي والنقدي ولكنهم لم يدرسوها في مستواها اللغوي.
أما علماء اللغة، فكان درسهم موقوفاً على دراسة علاقة الصوت بالمعنى، وقيمة الصوت في الكلمة، والقيمة التغيرية للحرف، ثم الكلمة وأثرها في الأسلوب على مستوى السياق اللغوي، لقد ارتبط هذا الموضوع بقضية كانت محوراً لدراسات لغويّنا العرب وهي مباحث نشأة اللغة، فقد ارتبط هذا الموضوع مباشرة بقضية تفكيرهم بنشأة اللغة، ونظرياتها التي أسسها علماء عرب، فجذور القضية – قضية الصوت والمعنى – هي من مباحث نشأة اللغة، والتفكير بدراستها على وفق منهجهم العلمي الذي تصوروه.
فكرت كثيراً فيم أكتب؟ وماذا أكتب؟ وقدحت في ذهني هذه القضية، وقد أولعت بها، فعرضت الأمر على أساتيذ هذا العلم فرحبوا بالموضوع أيما ترحيب، وكان من منة الله وتعضيده أن شاركني أستاذي الدكتور طارق عبد عون لرسم خطة الدرس التفصيلية بمباحث هذه القضية المهمة.
واقتضى الموضوع أن يدرس على أربعة فصول يسبقها تمهيد، ويخلفها النتائج التي توصل إليها الباحث، وهي على النحو الآتي:
التمهيد: وقد قسمته على ثلاثة محاور متصلة اتصالاً مباشراً بالموضوع:
المحور الأول: وقفت منه عند حد اللغة عند القدماء والمحدثين.
المحور الثاني: كان للتفريق بين اصطلاحات ثلاثة (اللغة – الكلام – اللسان) مستفيدة من الصوت موضوعاً، ودرساً، ومنهجاً.
وقد جعل المحور الثالث: لإلقاء نظرة سريعة على نظريات نشأة اللغة، وقفت على النظريات العربية فقط، وهي:
- نظرية التوقيف الإلهي.
- نظرية الاصطلاح والمواضعة.
- نظرية المحاكاة الصوتية.