قراءة كتاب الفاظ الثواب في القرآن الكريم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفاظ الثواب في القرآن الكريم

الفاظ الثواب في القرآن الكريم

كتاب " الفاظ الثواب في القرآن الكريم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

المقدمة

بيّن الله -سبحانه وتعالى- غاية القرآن الكريم، فقال :}إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا{([1]) فهو كتاب هداية في العقيدة والفكر والتشريع. ولا يمكن أَنْ نفهمه على هذا الوجه، ما لم ندرك واقعه العربي من حيث اللغة، على مستوى ألفاظه وتراكيبه وتصرفه فيها.

ومن هنا تظهر أهمية دراسة ألفاظه، ومعرفة دلالتها على المستويين الإفرادي والتركيبي. وأَنْ تدّرس ألفاظ موضوع معيّن في القرآن إجمالاً أجدى من دراستها متفرقة في السور، لما يتيح ذلك للباحث من وجوه التحليل والاستقصاء والموازنة.

وتأتي أهمية موضوع الثواب من علاقته الوثيقة بعقيدتنا الاسلامية، وأن دراسة دلالة الألفاظ تتصل بمنهج الأصوليين القائم عليها. والمهتم بها استعداداً لاستنباط الأحكام الشرعية من القرآن والسنة. ولن يتأتى فهمنا للقرآن الاّ بتعرف دلالات ألفاظه وضبطها عن طريق دراسة اللغة دراسة جادة.

أما المدخل:

فقد حددنا فيه مفهوم الدلالة لغة واصطلاحاً، وعرضنا لمشكلات الدلالة اللفظية المتمثلة: بالاشتراك، والترادف، والمجاز. وناقشنا فكرة نشأة الدلالة وبدايتها بالمحسوسات، فضلاً عن بيان أهمية النظم والتركيب. وبيان أثر السياق وأنواع القرائن في الكشف عن دلالة اللفظ، والتنبيه على معنى اللفظ الاستدعاء، ولم يخلُ هذا المدخل من إشارة الى ظاهرة التغيّر الدلالي، وفي ضوء ذلك كلّه شرحنا الطريقة التي يمكن أَنْ تدرس بها دلالة ألفاظ القرآن الكريم.

وأما الباب الأول:

فقد عقدناه لدراسة ( وجوه معاني (الثواب) في القرآن الكريم) ووزعنا الحديث عنها في خمسة فصول:

الفصل الأول: وعني بالجذر (ث ، و ، ب) في الاستعمال القرآني موازنة باستعمال العرب له، وبيّن أنّ استعمالات القرآن له تحددت بسبع صيغ هي: (ثُوِّبَ، أثابَ، ثَواب، ثِياب، مَثُوبَة، ثَيِّب، مَثابَة) ووقف عند دلالة كل صيغة.

وتحدّث الفصل الثاني: عن المرادفات القرآنية لمعنى (الثواب)، وتناول أربعة ألفاظ هي: الأجر والجزاء والحرث والخراج، وبيّن الفروق الدلالية بينها.

وتناول الفصل الثالث: المتواردات القرآنية على معنى (الثواب)، وبيّن دقة استعمال القرآن الكريم للألفاظ التي تعبّر عن المعنى المعين في سياقات مختلفة.

وأفردنا الفصل الرابع: لدراسة الأسماء والصفات الإلهية الدالة على الثواب، معتمدين تأويل دلالة اللفظ بما يليق بذات الله - عزّ وجّل -.

وخصصنا الفصل الخامس: بالحديث عن صفة أهل الثواب في القرآن، وبيّنا أَنَّ صفاتهم تكشف عن وجوه الثواب الذي ينالونه.

أما الباب الثاني:

فقد تحدث عن ألفاظ الثواب الأخروي والثواب الدنيوي في القرآن الكريم. وتقدم الحديث عن الثواب الأخروي لأهميته، من حيث أنه غاية المؤمن، فضلاً عن أنّ ألفاظ الثواب الدنيوي قد تتصل بالثواب الأخروي وتعبّر عنه. واشتمل هذا الباب على مدخل موجز وخمسة فصول.

وقد أفردنا الفصل الأول لدراسة: (لفظ الجنة: الأسماء والصفات) مسبوقاً بمدخل تناول اثبات الثواب الأخروي والثواب الدنيوي.

وبينّا في هذا الفصل أن كل اسم أو صفة للجنة تصف جانباًَ من جوانب الثواب الأخروي. واستعمل القرآن الاسم أو الصفة حسبما يقتضيه السياق ليؤكد دلالة معينة يقصدها.

وتحدثنا في الفصل الثاني عن: (أَلفاظ الوعد والبشارة). وبينّا طريقة القرآن في استعمال الألفاظ لمخاطبة الكينونة البشرية. لينشئ فيها حالة من الاطمئنان الى جنب الله وثوابه، وتداخلت فيها البشارة في الدنيا بما سيلقاه المؤمن من ثواب في الآخرة أو يتحقق له بعضه في الدنيا.

وعقدنا الفصل الثالث لدراسة: (ألفاظ النجاة)، وقد حصرنا الألفاظ التي استعملها القرآن في نجاة المؤمنين في الدنيا من العذاب الذي يأخذ الأمم. وجاء الفصل صغيراً في حجمه موازناً بالفصول الأخرى. مما أشعرنا بوجود خلل منهجي، ولكننا آثرنا أن نفرده فصلاً مستقلاً لسببين:

الأول: أنّ المادة الخاصة بالفصل كانت قليلة، إذ وقفنا على أربعة ألفاظ استعملت للدلالة على النجاة من العذاب الذي يصيب الأمم، وهي (نجا، أنجى، نصر، بلاء).

الثاني: أَنَّ هذه الأَلْفاظ استعملت استعمالاً خاصاً في القرآن الكريم، فأردنا أن نظهرها مستقلة عن الفصول الأخرى.

وتناولنا في الفصل الرابع: (ألفاظ التيسير والبركة)، وتمثل هذه الألفاظ ألطاف السلّة المترتبة على أَعمال العباد في الدنيا.

وخصصنا الفصل الخامس بالحديث عن: ( ألفاظ النصر والتمكين) وبيّنتْ هذه الأَلْفاظ أنّ الجهاد والثبات على العقيدة يثمران نصراً، عبّر القرآن عنه بألفاظ عديدة، دلت على الثواب الدنيوي الذي يناله المجاهدون فضلاً عن الثواب الأخروي.

وبعد هذه الدراسة تأتي خاتمتها لتلّم بالأفكار الرئيسة، والنتائج المهمة في الموضوع.

ومن الجدير بالذكر في هذا الموضع أَنّنا قد تركنا الموضوع يُحَدِّدُ منهجه. فكان المنهج الوصفي أكثر ملاءمة لطبيعة البحث، ولكننا لم نستغن عن المنهجين التاريخي والمقارن حين نجد ضرورة لذلك.

وأود أن أشير الى أنني قد استبعدت من البحث صور الثواب في الجنة، لما فيها من تفصيلات تبعدني عن الألفاظ الخاصة بالثواب، واستبعدت التراكيب التي عبّرت عن الثواب أَيضاً نحو قوله – تعالى -:}فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{([2])، }فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى{([3]) لأنها تخرج عن دائرة بحث الألفاظ.

و مما له علاقة بطريقة عملي في هذه الدراسة أني ذكرت الآيات التي تمثل موضوع البحث منسوقة على تاريخ النزول للوقوف على التغيرات الدلالية، ما عدا المواضع التي لم أَلحظ فيها تغيّراً دلالياً، فقد آثرت أن أذكرها منسوقة على ترتيبها في المصحف.

واعتمدت في ضبط الآيات مصحف ديوان الأوقاف في بغداد المطبوع مصوراً على نسخة مخطوطة بقلم محمد أَمين الرشدي، ثم اتبع المشرفون على طبعه ما يوافق رواية حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي (ت 180 هـ) لقراءة عاصم بن أبي النَّجود الكوفي ( ت 127 هـ)، وأخذوا تقسيم أجزائه وأحزابه وتحديد عنوانات سوره والإشارة الى المكيّ منها والمدني من مصحف الحافظ عثمان، بيد أَنّهم قد اتبعوا طريقة الكوفيين في عدّ الآيات.

وليس غريباً أن يقودني موضوع ألفاظ الثواب الى مصادر قديمة ومراجع حديثة، يمكن أن نجعلها في ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: كتب التفسير والدراسات القرآنية، وكتب معاني القرآن وغريبه وعلومه، وكتب الوجوه والنظائر، وكتب أصول الفقه والمنطق، وكتب الحديث.

المجموعة الثانية: كتب اللغة.

المجموعة الثالثة: كتب البلاغة والنقد.

وقد أفدت من كتب الأدب والأمثال ودواوين الشعر، بقدر حاجة البحث إليها، مشيراً في هوامش الرسالة ومفهرس المصادر والمراجع إليها كافة. ومن الاعتراف بالفضل أن أشير الى أنّ كتاب (من وحي القرآن) للدكتور ابراهيم السامرائي هو الذي وجهّني الى دراسة ألفاظ القرآن الكريم، ولا سيّما ما جاء - في فصليه الثاني والثالث من الباب الثاني- من أبحاث في موضوع الدلالة.

وعلى سبيل الاحتراز، أعتذر عن عدم رجوعي إلى (الموسوعة العربية في الألْفاظ الضدية والشذرات اللغوية) للعالم القاضي محمد بن محمد عبدالجبار السماوي، التي صدر الجزء الأول منها عن مركز الدراسات والبحوث اليمني، مشتملاً في بابه الأول على الخير والشر، ومعنى الثواب والمثوبة، ومعنى النّزل وغير ذلك من الموضوعات. ولم أتمكن من الحصول على هذا الجزء من مكتباتنا، وقد اطلعت على هذه المعلومة في: ( مجلة: ألف باء، العدد: 928، في 2/ذي القعدة/ 1406هـ= 9/تموز/1986).

أما بعد:

فإنّي لا أبّرئ نفسي، وهذا البحث من القصور، فالكمال لله وحده، فما كان فيه من صواب، وسداد رأي فلله الفضل والمنّة. وما كان فيه من تقصير أو مجانبة للصواب فمن نفسي. وأسأله -عزّ وجّل- المغفرة وحسن الثواب، وهو وليّنا في الدنيا والآخرة.

المؤلف

الصفحات