قراءة كتاب الفاظ الثواب في القرآن الكريم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفاظ الثواب في القرآن الكريم

الفاظ الثواب في القرآن الكريم

كتاب " الفاظ الثواب في القرآن الكريم " ، تأليف د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

مدخل إلى الدراسة الدلالية

لألفاظ القرآن الكريم

اتجه البحث في دلالات الأَلْفاظ في اللغة العربية اتجاهات مختلفة، باختلاف مناهج الدارسين وتخصصاتهم. وتعّد بحوث اللغويين من أقدم هذه الاتجاهات([4]). ولذا حدّدت الصيغة والبنية دلالة اللفظ، مثّل الصّرفيون هذا الاتجاه([5]). وإذا بحثت دلالات الأَلْفاظ من خلال النظم والتركيب([6])، كان النحويون والبلاغيون ممثلين للاتجاه الثالث. ومن ثمّ تأتي أبحاث الأصوليين الذين نفذوا من هذه الاتجاهات الى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.

وليس غريباً أَنْ تشمل دلالات الأَلْفاظ هذا الميدان من البحث، لأَنّها تتصل بمشكلة المعنى، والقوة المدركة له؛ أعني: الفكر وعلاقته بالألفاظ([7]).

ومن متطلبات البحث أن نبدأ بتفسير معنى (الدلالة) لغة واصطلاحاً.

أما لغة: فلفظها مشتق من جذر: الدال واللام، وبالرجوع الى المعجمات وجدنا استعمالين رئيسين لهذه المادة:

أحدهما: إبانة الشيء بأمارة تتعلمها.

والآخر: اضطراب في الشيء.

فالأول قولهم: دللت فلاناً على الطريق، والدّليل الأمارة في الشيء([8]) أو:(ما يُسْتَدَلُّ به، والدّليل: الدالّ)([9])، والمصدر منه: (دَلالة ودِلالة ودُلولة، والفتح أعلى، وأنشد أبو عبيد [القاسم بن سلام لمجهول] :

إِني امْرُؤٌ بِالطُّرْقِ ذو دَلالات-) ([10])

وقد عدّ ابن دريد (ت 321هـ) الدَّلالة -بفتح الدال-: حرفة الدّلال، -وبالكسر- من الدّليل ([11]). ومما جاء مصدراً من هذه المادة أَيضاً ألّدِليّلي، إذ عدّه سيبويه (ت 180هـ) فيما جاء من المصادر وفيه ألف التأنيث، ويراد به: (كثرة علمه بالدَّلالة ورسوخه فيها)([12]). إذ إِنَّ (الفعّيل([13]) إنما تستعمل في الكثرة)([14]). وذكر الفيروز آبادي (ت 817هـ) أَنَّ (قول الجوهري: الدّليلي الدليل، سهو، لإنّه من المصادر)([15]).

ومما يبدو من أَقوال اللغويين: أّنَّ (الهداية) من معاني الاستعمال الأول لمادة (الدلالة)، فقد قال الزمخشري (ت 538هـ): (أدللت الطريق اهتديت اليه،... ومن المجاز: الدّال على الخير كفاعله، ودلّه على الصراط المستقيم، ولي على هذا دلائل، وتناصرت أدلة العقل، وأدلة السمع، واستدل به عليه، واقبلوا هدى الله ودَليّلاه)([16]) وهذه الاستعمالات المجازية لا تخرج عن أن تكون بمعنى: الهداية أو العلامة والبرهان.

أما الاضطراب وهو معنى الاستعمال الثاني فإنَّهُ لم يأت إلا رباعيا مضاعفاً، كقول أوس بن حجر([17]):

أَمْ مّنْ لِقَومٍ أَضاعوا بَعْضَ أَمْرِهُمُ بَيْنَ القُسوطِ وبين الدّينِ دَلْدالِ

وقال أبو معدان الباهلي:

جاء الحَزائِــمُ والزبّائِنُ دُلْـــــــــدُلاً لا ســـابقين ولا مَـــــــــــعَ القُطّانِ

قال ابن السكيت (ت 244هـ): (وقوله دُلْدُلا، أي: يتدلدلون بين الركبان، لا إلى هؤلاءِ ولا إلى هؤلاءِ)([18]).

ومن هذه المادة: دَلُّ المرأة ودلالها، وفلان يُدِلُّ على أقرانه، كالبازي يُدِلُّ على صيده، وهو يدل بفلان، أي: يثق به([19]).

والاستعمال الأول هو الذي نركز عليه هنا، لأنّ فيه معنى: الهداية والأمارة، ذلك أًنّ دَلالة اللفظ بمعنى: هدايته الى معناه.

وأَمّا معنى الدَّلالة اصطلاحاً، فهي – مطلقاً -: (كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر. والشيء الأول هو الدال، والثاني هو المدلول)([20]).

الصفحات