كتاب " الفصل والوصل في القرآن الكريم " ، تأليف د.
قراءة كتاب الفصل والوصل في القرآن الكريم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حالات الفصل والوصل في المفردات
لقد سار السبكي في بحث هذا الموضوع على منهج الجمل، حينما توصل أو تفصل، متمشياً مع اصطلاح أهل الفن، لذلك قسّم حالات الوصل والوصل في المفردات، إلى أقسام منها([191]):
الأول:
}أن يكون بين المفردين كمال الانقطاع بلا إيهام غير المراد، مثل(زيد عالم قائم)، فإنه لا جامع بين هذين الخبرين، إذ ليس معنا في(عالم قائم)" إلاّ صلة واحدة هي الأخبار بمجموع هذه الصفات"([192])، لذلك يفصل بينهما، ومثل ذلك الأعداد قبل تركيبها، في نحو: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة... وحروف الهجاء ألف، باء، جيم، ففي هذه الأحوال يتعين الفصل.
الثاني:
أن يكون بينهما كمال الانقطاع وفي الوصل إيهام غير المراد، مثل(ظننت محمداً ضارباً وعالماً)، فيجب العطف، إذ لو لم يعطف لتوهم أن(عالماً) معمول ل(ضارباً).
الثالث:
كمال الاتصال: بأن يكون الثاني توكيداً معنوياً، أو لفظياً، أو عطف بيان، أو نعتاً، أو بدلاً عن الأول، في نحو: (جاء محمد نفسه)، أو(جاء محمد محمد)، أو (جاء محمد أبو عبد الله) أو(جاء محمد القائم)، فلا يعطف شيء من ذلك لأنه كالشيء الواحد فلا يعطف الشيء على نفسه، أو يكون في معنى من هذه الأمور، كما في عطف الجمل وفصلها، أو أن يكون المرادان بمنزلة واحد، وفي بيان ذلك بإمكاننا أن نقول أن مذهب جمهور النحاة" جواز تعدد الخبر لمبتدأ واحد"([193])سواء كان بالمفرد أم بالجملة أم بهما معاً، لأن الخبر حكم ويجوز أن يحكم على الشيء الواحد بحكمين فأكثر"([194])، وذهب الجمهور كذلك إلى جواز العطف وتركه، إذا كانت الأخبار مختلفة في اللفظ والمعنى، فيجوز أن نقول: (محمد كاتب وشاعر وفارس)، وكذلك(محمد كاتب شاعر فارس) أما إذا كانت الأخبار متحدة في المعنى دون اللفظ، فيترك العطف، في نحو قولك(الرمان حلو حامض) أي مزّ، فالخبر واحد وإن تعدد اللفظ.
الرابع:
شبه كمال الانقطاع: بان يكون المفرد الأول حكم لا يقصد إعطاؤه للثاني، نحو: (محمد مجيب أن قصد صالح)، إذا أردت الأخبار بأنه صالح مطلقاً، فإن عطف(صالح) على(مجيب) يوهم أنه صالح ان قصد، لأن الشرط في أحد المتعاطفين شرط في الآخر، سبب ذلك- فيما نراه- يعود إلى اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الإعرابي اللفظي والمعنوي، بخلاف الشرط في واحد من خبري المبتدأ. وتارة يكون عطفه على المفرد قبله يوهم عطفه على غيره، نحو(كان محمد مكرماً خالداً قائماً)، فلو قيل: (وقائماً)، لأوهم انه معطوف على(خالد) المفعول.
الخامس:
شبه كمال الاتصال، أو" الاستئناف"([195]) في نحو: (هشام غضبان ناقص الحظ) كأن سائلاً سأل: لم غضب؟ وهذا تقدير معنوي لا صناعي ولو كان صناعياً لدخل في موضوع وصل الجمل.
السادس:
أن يكون بينهما التوسط من كمال الانقطاع وكمال الاتصال، مثل: (محمد معط مانع)، على أن يكونا خبرين، فإذا أريد جعل الثاني صفة تعيّن الوصل.
جرى في التعبير القرآني الرائع ألا يعطف بعض الصفات على بعض إلاّ مع القلّة، كقولنا: (مررت بمحمد الكريم المؤدب الفاضل)، " وإنما قلّ العطف فيها، لأن الصفة جارية مجرى الموصوف: ([196])، أو" أن الصفة هي الموصوف في المعنى"([197]) ولا يجوز كذلك أن تقول: (جاءني محمد والعاقل) على أن يكون العاقل هو محمد، لأنه يستحيل أن يعطف الشيء على نفسه، و" جاء قليلاً عطف بعضها على بعض باعتبار المعاني الدالة عليها"([198])، ولهذا يجوز أن تقول: مررت بمحمد الكريم والعاقل والعالم، كأنك تقول: مررت بشخص اجتمعت فيه صفات الكرم والعقل والعلم، وعلى هذا الأساس ورد قول الشاعر: ([199])
إلى المَلِكِ اَلْقْرمِ وابْن الهُمَامِ
وَلَيْتِ الكَتِيبَةِ في المُزْدَحَمْ