أنت هنا

قراءة كتاب منهجية الإخراج المسرحي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منهجية الإخراج المسرحي

منهجية الإخراج المسرحي

كتاب " منهجية الإخراج المسرحي " ، تأليف د.

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
الصفحة رقم: 5

3 - موقفه الفلسفي

إن القارئ لأعمال (جمال بنورة) سيخرج بأنها تشترك جمعيها في خيط فلسفي واضح يتمثل بالفلسفة الثورية النضالية التي يدعو من خلالها الكاتب إلى التحرر والاستقلال وطرد المغتصب، وحول ذلك يقول: (بخصوص الفكرة التي أنطلق منها عند الكتابة.. والحقيقية الحافز على الكتابة هو معايشتنا اليومية مع الاحتلال وصدامنا معه في كل حركة أو خطوة نخطوها فنحن دائما أمام جندي الاحتلال أينما تحركنا، ولم أقصد أكثر من التعبير عن الواقع الذي نعيشه)(7)، وهذه المنطلقات الفلسفية هي التي تجعل الكاتب يميل إلى الواقعية في أسلوبه،لا سيما وأن الواقعية تنقل الأحداث نقلا مباشرا من شأنه أن يسهل على القارئ فهم مضامينها.

لقد تبنى (جمال بنورة) في أدبه قضايا فلسفية وفكرية تخص شعبا بأسره، حيث اهتم بعرض تفاصيل الحياة اليومية في الأرض المحتلة، وعبر عن فلسفته بصور حيه على الأرجح، مركزا على عرض المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني، ولهذا اهتم في نصوصه الأدبية بعرض صور من المقاومة اليومية للاحتلال (وحينما يعرض الكاتب لمقاومة الاحتلال والتصدي لأساليبه العنصرية الهمجية فإنه لا يفعل ذلك بشكل ذهني مجرد، أو عبر حذلقات فكرية معزولة عن سياقها الاجتماعي والإنساني، بل هو يغوص في أعماق شخوصه كاشفا عن أدق نوازعهم الشخصية ذات السمة الإنسانية التي تلتقي في التحليل النهائي، وعبر علاقة جدلية حية، مع توجههم العام في الدفاع عن الوطن،وعن حق الأطفال في حياة كريمة بين أمهات لا يتعرضن لإذلال العدو، وآباء لا تعيبهم المنافي والسجون، ولهذا السبب تبرز (...) المقولة التي أخذت تتردد على نحو ملموس في إنتاج في النتاج الأدبي الفلسطيني المعاصر، مقولة الذهاب إلى الموت ليس حبا في الموت وإنما رغبة في الحياة والدفاع عنها)(8)، فإذا كان موت المحتل فيه سقوط وانتهاء لوجوده فإن الموت بالنسبة للفلسطيني يرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة البقاء التي تجسدها قيم البطولة والشهادة التي يحققها الإنسان الفلسطيني في صراعه المصيري مع قوات الاحتلال، وفي ضوء ذلك فقد أظهر الكاتب شخصيات سلبية وشخصيات إيجابية في موقفها الحياتي من الأزمة التي فرضها الاحتلال، حيث أملى عليه ذلك معايشته للواقع معايشة حقيقية، ففي مجموعة (حكاية جدي) القصصية 1981 م تعرض ( قصتي " مواجهة "و "السقوط " محاولة إفراز القصد السياسي من عفوية العلاقة بين المواطن الفلسطيني في الأرض المحتلة وحركة الأحداث اليومية)(9)، وهذه العفوية تؤثر في إيضاح فلسفة الكاتب عن طريق القدرة على ترجمة صور الحياة وفهم جوهرها المتصل بفكر الكاتب ووجوده.

كذلك فقد أراد (جمال بنورة) إظهار مدى ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه وذلك حينما ذهب إلى أن بقائه لا يكون إلا بتمسكه بتراب وطنه، رغم كل محاولات الاقتلاع والتهجير والتهويد التي يمارسها المحتل، ففي قصة (حكاية جدي) يورد القاص حوارا بين الجد وأفراد من دورية صهيونية، حيث يؤكد من خلاله قيمة الأرض ومكانتها عند الإنسان الفلسطيني : (وكان لا يزال يحرث الأرض وقد جاوز الثمانين، عندما مرت به دورية وتوقفت بمحاذاة الأرض..

- هذه الأرض لك؟

قال باعتزاز: نعم.

- هذه كثيرة عليك.

- لا ليست كثيرة.

- هل تبيع؟

- لا..

- نعطيك نقودا كثيرة، تتعب من عدها، وتستريح من هذا الشقاء..

- أنا لا أحس بالشقاء.. أنا أحس بالسعادة وأنا أعمل في أرضي.. ما قيمة حياتي إذا تخليت عن الأرض ؟ فلماذا أعيش ؟)(10).

إن الشخصيات الثورية جاءت معبرة عن الفلسفة التي يستند إليها الكاتب فما صمودها وثباتها وموقفها النضالي إلا صورة من الصور المعبرة عما يجول في خاطرة، ويمكن القول أن الملامح العامة لأدب (جمال بنورة) قد ارتبطت بفكرة مقاومة الاحتلال وتعرية المواقف المرتبطة به مع تأكيد مقومات الصمود والنصر بالنسبة للإنسان الفلسطيني.

الصفحات