أنت هنا

قراءة كتاب منهجية الإخراج المسرحي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منهجية الإخراج المسرحي

منهجية الإخراج المسرحي

كتاب " منهجية الإخراج المسرحي " ، تأليف د.

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
الصفحة رقم: 7

5- استعراض مؤلفاته

بدأ (جمال بنورة) حياته الأدبية كاتبا للقصة القصيرة حتى أصبح من روادها في الأرض المحتلة، ولم يدخل عالم المسرح إلا بعد أن ظهرت كتاباته المسرحية لأول مرة عام 1980م، ثم امتد نشاطه الأدبي إلى كتابة الرواية والدراسات الأدبية، ومن مؤلفاته: العودة (قصص) 1976م، كان الموت ونحن على ميعاد، السجين (مسرحيتان) 1980م، حكاية جدي (قصص) 1981م، الشيء المفقود (قصص) 1982م، الموت الفلسطيني (قصص) 1986م، دراسات أدبية 1987م، أيام لا تنسى (رواية) 1988م، حمام في ساحة الدار (قصص) 1990م، سراج لم ينطفئ (قصص) 1993م، انتفاضة (رواية)، الحياة والموت (مسرحية).

مجموعة (العودة) القصصية 1976م

تعد مجموعة (العودة) القصصية أول مجموعة صدرت للكاتب، ورغم أنها صدرت في أوائل عام 1976 م عن دار صلاح الدين للنشر، إلى أن معظم قصصها كانت قد كتبت في فترات سابقة امتدت منذ أواخر الستينات، حيث ركز القاص من خلالها على عرض الواقع الفلسطيني مظهرا من خلال مجموعته القصصية أنموذجين متناقضين للإنسان الفلسطيني، وهذان الأنموذجان استوعبا حقيقة وجود الاحتلال وحقيقة تعسفه وعدوانه، إلا أن أحدهما قد أكد ضرورة مقاومة المحتل وتحرير الوطن من سطوته، وهو على الأغلب يمثل الأنموذج الطلابي، في حين يبقى الأنموذج الآخر متفرجاً ولا مبالياً بما يقع أمامه من أحداث جسيمة ليعبر بذلك عن الأنموذج الحيادي، إضافة إلى ظهور قلة قليلة تنساق نتيجة للظروف الاقتصادية القاهرة نحو خيانة الوطن وخدمة العدو.

ففي قصة (اعتصام) يدعو الطلبة إلى الإضراب العام، حيث يهتفون بسقوط الاحتلال في مقابل الأنموذج المتهالك المتمثل بالموظف الضعيف المتخاذل ومدير المدرسة الذي يسجل أسماء الطلبة الثائرين ويدعوهم إلى الكف عن الإضراب مستخدما مقولات الفوضى التي لا تحقق المطالب، كمقولة العلم سلاح فعال، ولا يتورع المدير عن طرد الطلاب واستدعاء قوات الاحتلال لاعتقالهم، وفي قصة (طريق آخر) نجد أنموذج الطالبة المناضلة التي توقع عرائض الاحتجاج وتشارك في المسيرات والتظاهرات، مقابل الأنموذج الآخر المتهافت اللامبالي المتمثل بخطيبها صاحب النوفوتيه الذي لا يريد لزوجته أن تكون سياسية(15).

أما الأنموذج الحيادي فهو أنموذج سلبي في موقفه النضالي وهو يتعامل مع الوقائع والأحداث وكأنما الأمر لا يعنيه، إذ يختلف في ذلك عن الأنموذج المتهالك المتخاذل، الذي تفرض عليه طبيعة المواقف أن يلغي كل صيغ الوطنية وذلك للحفاظ على مصالحه الخاصة المرتبطة بالمحتل.

وفي قصتي (متى ينقضي الليل) و (عند منتصف الليل) يورد القاص أنموذجين حياديين، ففي القصة الأولى نواجه عاملا منهمكا في كيفية الذهاب لوالده المريض في المستشفى، وفجأة يقع انفجار بفعل إحدى عمليات المقاومة حيث يتم اعتقال العامل من قبل سلطات الاحتلال من بين عدد من المعتقلين، وأثناء ذلك لا يكف العامل عن التذمر، وأحيانا تمنيه أن يتم القبض على الفاعل كي يتم إطلاق سراحه. وفي قصة (عند منتصف الليل) يداهم الاحتلال منزل أحد الفلسطينيين الحياديين ويوسعوه ضربا، مما يضطره إلى إرشاد الجنود إلى بيت المناضل المطلوب الذي جاءوا لاعتقال(16)، فالظروف الإنسانية التي أحاطت بالشخصيات، والدوافع الحياتية التي دفعت بها إلى هذا المصير كلها نابعة من طبيعة إنسانية قاهرة.

مسرحية كان الموت ونحن على ميعاد

ربما تكون مسرحيتا (كان الموت ونحن على ميعاد) و (السجين) أول كتابات (بنورة) المسرحية، وقد صدرتا من خلال منشورات الأسوار في عكا في فلسطين المحتلة عام 1980م، ثم اتبعهما بمسرحية (المتهم) التي ظهرت ضمن مجموعة (الموت الفلسطيني) القصصية عام 1986م وبمسرحية (مستوطن) التي ظهرت ضمن مجموعة (سراج لم ينطفئ) القصصية عام 1993م، وله مسرحية تحت الطبع وهي بعنوان (الحياة والموت) لم يتسن للمؤلف الاضطلاع عليها.

في مسرحية (كان الموت ونحن على ميعاد) قسم الكاتب مسرحيته إلى خمس لوحات، المكان فيها: موقع تابع للقوات الفلسطينية اللبنانية المشتركة، والزمان: الأسابيع الأخيرة التي سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بين القوات التقدمية والقوات الكتائبية الرجعية عام 1976م، وشخصيات المسرحية: محاربون من الفلسطينيين واللبنانيين التقدميين، أسير، وضباط كتائبيين.

لقد خرج (بنورة) هذه المرة إلى لبنان واختاره كمسرح لإحداث مسرحيته، ولم يكن هذا لافتقار الأرض الفلسطينية للأحداث، وإنما جاء معبرا عن أهداف الكاتب وطموحاته في توعية الأهالي في لبنان والكشف عن الزيف الحقيقي للأعداء، فقد أراد أن ينقل لنا صورة حقيقية عن الحرب الأهلية في لبنان التي فجرتها قطعان الكتائب المتآمرة على لبنان العربي والثورة الفلسطينية بأوامر وتوجيهات من الكيان الصهيوني.

وقد كان (بنورة) يهدف هنا إلى بيان الموقف الفلسطيني من الحرب اللبنانية، وتوجيه الثورة الفلسطينية وجهة صحيحة تستهدف قبل كل شيء تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها، حيث اكتفى باختيار مسرح الأحداث وأقطاب الصراع الحقيقية مع تأكيد المواقف الفلسطينية الواضحة، والمتمثلة بأن المسيحي هو أخ المسلم والفلسطيني سند اللبناني، وجميعهم يقفون في وجه المحتل والمتآمر والخائن من أجل رفع كرامة الأمة وتحقيق النصر لها.

لهذا فقد اهتم الكاتب بواقعية الأحداث وابتعد عن التفصيلات المقروءة غير المعاشة، علما بأنه قد قدم من خلال شخصياته المسرحية موقفه الخاص من الأزمة، فكانت الشخصيات تنطق باسمه معبرة عن أفكاره ومواقفه السياسية.

وقد عرض الكاتب في مسرحيته صورا لمناضلين ربما اختلفوا في كثير من الأمور،لكنهم التقوا على قاعدة نضالية واحدة ذات قواعد صلبة ومتينة، فبينما نجد (أبو علي) المناضل المتحمس الثائر الذي يرغب بالانتقام من الأعداء، نجد أيضا (مروان وباسل) كنموذجين للشباب الفلسطيني الذي لم تلهه مقاعد الدراسة عن أداء واجبه النضالي، ونجد كذلك (الغلام) الذي تفرض عليه الظروف أن يترعرع وهو يحمل بندقية، وكذلك الفلسطيني الذي يحمل البندقية بيده ويقاتل، ويحمل باليد الأخرى الريشة ليرسم، لكن براعة الكاتب كانت في اختياره للمقاتل اللبناني من أبناء الطوائف المسيحية، لتأكيد كذب الأعداء في دعايتهم التي استهدفت تلطيخ سكان لبنان بوصمة الطائفية.

لقد تحاشى الكاتب في مسرحيته الوقوع في أخطار التخيل البعيد عن مسرح الأحداث، حيث حدد هدفه في نقل الموقف الفلسطيني من الحرب اللبنانية وذلك من خلال إيراده للتفصيلات المقروءة غير المعاشة، وقد عكس المؤلف من خلال مسرحيته موقفه الفكري من الأحداث، حيث طغت الأيدلوجية على الفن في مسرحيته، (من هنا كان أبطال جمال بنورة مسيرين، أفكارهم هي أفكار الكاتب وأقوالهم هي أقواله، حتى بدت حركاتهم مهزوزة وفي بعض المواقف مفتعلة، وهذا التوجيه المباشر من الكاتب منع النمو الطبيعي لأبطاله، ومن ثم حرم عمله الأدبي قوة التأثير القوي على القارئ)(17).

إن تركيز الكاتب على قضية الطائفية جاء نتيجة لوعيه بالدور الذي يلعبه المحتل من أجل إشاعة التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وذلك حتى يتسنى له السيطرة على الأراضي العربية وتنفيذ مخططاته التوسعية، يقول (بنوره) على لسان الغلام في نهاية مسرحية (كان الموت ونحن على ميعاد): (إننا بحاجة إلى الحب، ولكن قلوبنا تمتلئ بالحقد المقدس، إننا نحقد على أعداء الحياة لأنهم لا يريدون لشمس الحب والحرية أن تشرق على هذا العالم.. من أجل حبنا للحياة، علينا أن نقتل أعداء الحياة.. بعد ذلك سوف نتعلم الحب.. بل سوف نملاْ العالم حبا)(18).

الصفحات