كتاب " التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
106 ـ ما نبدل أو نغير حكم آية، أو نمحها من الذاكرة فتنساها حتى لا تُقْرأ، إلا أتينا بما هو أنفع للناس منها عاجلاً أو آجلاً، أو بمثيل لها في النفع، سواء أكان الناسخ أخف من المنسوخ أم مثله أم أشد منه وأثقل وهو ذو ثواب أكثر، ألم تعلم أيها النبي أن الله قادر على كل شيء، ومنه نسخ الأحكام تحقيقاً لمصلحة العباد. وسبب النزول: أن المشركين حينما سمعوا بالنسخ، قالوا: ما في هذا القرآن إلا كلام محمد، يقوله من تلقاء نفسه، وهو كلام يناقض بعضه بعضاً، فنزلت الآية وآية النحل 16/101.
107 ـ ألم تعلم أيها النبي أن الله مالك السماوات والأرض، والمتصرف فيهما بالإيجاد والإعدام ونفوذ الأمر بمقتضى مصالح العباد، وليس لكم أيها الناس غير الله يتولى أموركم وينصركم على أعدائكم. نزلت هذه الآية في قريش حين قالوا: يا محمد، اجعل لنا الصفا ذهباً، ووسّع لنا أرض مكة، وفجّر الأنهار خلالها تفجيراً، نؤمن بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقال المفسرون: نزلت رداً على اليهود والمشركين المطالبين بهذه المطالب، وهو الأولى.
108 ـ بل أتريدون سؤال رسولكم محمد أسئلة تعجيزية كالإتيان بالله والملائكة قبيلاً، مثلما سئل موسى من قبلُ أن يريهم الله جهرة؟ فتضلوا كما ضلوا، ومن يفضل الكفر على الإيمان، فقد حاد عن الطريق المستقيم أي طريق طاعة الله. أخرج الطبري عن مجاهد قال: سألت قريش محمداً أن يجعل لهم الصفا ذهباً، قال: نعم، وهو لكم كالمائدة لبني إسرائىل، إن كفرتم، فأبوا ورجعوا، فنزلت الآية.
109 ـ تمنى وأحب الكثير من اليهود لو يرجعونكم إلى الكفر، حسداً منهم على توفيق الله لكم وإرشادكم، من بعد تبينهم الحق أن محمداً رسول الله، فتجاوزوا عن سيئاتهم واصفحوا عما بدر منهم من عداوة، والعفو: ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح: محو أثر الذنب، حتى يأذن الله بقتالهم أو إجلائهم أو فرض الجزية عليهم، والله تام القدرة على كل شيء. قال ابن عباس: نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحق، ما هُزمتم، فارجعوا إلى ديننا، فهو خير لكم.
110 ـ وأدوا الصلاة كاملة الأركان والشروط، وادفعوا الزكاة المفروضة للمستحقين، وما تقدموا من أعمال الخير والطاعة في الدنيا، تجدوا ثوابه عند الله في الآخرة، والله لا يخفى عليه شيء قليل أو كثير.
111 ـ وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا اليهودي، وقالت النصارى: لن يدخلها إلا النصراني، تلك مجرد تمنيات وشهوات يتمنونها بغير حق، قل لهم أيها النبي: أحضروا دليلكم وحجتكم على زعمكم، إن صدقتم في مزاعمكم وأمانيكم ودعاويكم الباطلة.
112 ـ ليس الأمر كما تقولون، بل يدخل الجنة من أسلم ذاته لله، وأخلص دينه وعبادته لربه، وهو محسن عمله، فله ثواب إيمانه وعمله عند ربه يوم القيامة، ولا خوف عليهم من العذاب، ولا يحزنون على ما فاتهم في الدنيا، بل هم في طمأنينة ونعيم.
113 ـ اتهمت كل طائفة من اليهود والنصارى الأخرى بأنها ليست على شيء معتبر من الحق، مع أن كلاً يتلو في كتابه أنه مصدق للآخر، وكذلك قال الجهلاء من المشركين الذين لا علم عندهم ولا كتاب مثل هذا القول، فإنهم قالوا: ليس مدّعو الأديان على شيء والله يحكم يوم القيامة بين الناس فيما اختلفوا فيه من أمر الدين، وسيجازيهم بما هو مستحق عليهم. ونزلت الآية في يهود المدينة ونصارى نجران حين تناظروا، فقالت اليهود: ما أنتم على شيء من الدين، وكفروا بعيسى والإنجيل، وقالت لهم النصارى: ما أنتم على شيء من الدين، فكفروا بموسى والتوراة، فنزلت الآية.
114 ـ لا أحد أظلم ممن منع عبادة الله في المساجد، وسعى في هدمها، أولئك الآثمون ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا المساجد إلا خائفين من عقاب الله، ولهم في الدنيا ذلّ وهوان، وفي الآخرة عذاب شديد في النار. قال ابن عباس: نزلت في مشركي أهل مكة الذين منعوا المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام، ومنعوا النبي من الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام.
115 ـ لله ملك المشرق والمغرب وما بينهما، فأي جهة تتجهون فيها في صلاتكم، فهناك الجهة أو القبلة التي يرضى بها الله، إن الله واسع الرحمة بعباده، عليم بما يصلحهم. نزلت كما ذكر الطبري قبل الأمر بالتوجه إلى استقبال الكعبة في الصلاة، وفيها إبطال ما كان يعتقده أرباب الملل السابقة من أن العبادة لا تصح إلا في الهياكل والمعابد.
116 ـ وقال الكفار: اتخذ الله ولداً، فقالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، تنزّه الله تعالى عن اتخاذ الولد، بل لله جميع ما في السماوات والأرض ملكاً وخلقاً، الكل عباد الله، وكلهم خاضعون لسلطانه، فكيف يكون أحدهم ولداً لله؟ نزلت الآية في اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، وفي نصارى نجران حيث قالوا: المسيح ابن الله، وفي مشركي العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله.
117 ـ الله مبدع السماوات والأرض، أي خالقهما على غير مثال سبق، وإذا أراد شيئاً خَلْقاً أو أمراً أو تدبيراً، قال للشيء الذي يريده: (كن) فيكون، أي فيوجد فوراً، لكمال قدرته.
118 ـ قال مشركو العرب للنبي: هلا يكلمنا الله كما كلم ملائكته ورسله، فيخبرنا بأنك رسوله، أو تأتينا معجزة أو علامة مادية مما اقترحوه في الآيات (90) وما بعدها من سورة الإسراء، تدل على صدق نبوتك، قال مثل ذلك كفار الأمم السابقة، اتفقت قلوب وأقوال المشركين مع من سبقهم على الكفر والتمرد والتكذيب، قد بيَّن الله الدلالات على نبوة محمد لقوم يعترفون بالحق. قال ابن عباس فيما أخرج الطبري: قال رافع بن خزيمة لرسول الله: إن كنت رسولاً من الله كما تقول، فقل لله فليكلمنا؛ حتى نسمع كلامه، فنزلت الآية.
119 ـ يؤكد الله أنه أرسل نبيه بالدين الحق مبشراً المؤمنين بالجنة، ومنذراً الكافرين بالنار، ولست مسؤولاً يا محمد عمن مات كافراً ولم يؤمن برسالتك. قال الإمام السيوطي: والذي يقطع به أن الآية في كفار أهل الكتاب كالآيات السابقة عليها والتالية لها، لافي أبويه .
120 ـ ولن ترضى عنك أيها النبي اليهود والنصارى حتى تتبع عقيدتهم، وتنصرف عن دينك إلى دينهم، وتتبع أهواءهم، قل أيها الرسول: إن الهدى القرآني هو الدين الحق والهدى الحقيقي، لا ما هم عليه من الشريعة المنسوخة، ولئن اتبعت أيها الرسول أهواء اليهود والنصارى والموجودة في كتبهم المحرفة، بعدما جاءك من وحي القرآن، ما لك وليّ غير الله يتولى أمرك ويحفظك، ولا ناصر ينصرك ويمنعك من عقابه. وسبب النزول: أن اليهود كانوا يسألون النبي الهدنة، ويُطْمعُوْنَهُ أنّهم إذا هادنهم وأمهلهم، اتبعوه ووافقوه، فنزلت هذه الآية.
121 ـ الذين أنزلنا عليهم القرآن يتبعونه حق الاتباع، ويعملون بما فيه، فيحلّون حلاله، ويحرمون حرامه، أولئك يصدِّقون تصديقاً تاماً بالكتاب المنزَّل، ومن يكفر بالقرآن، فهم الخاسرون لاستبدالهم الكفر بالإيمان.
122 ـ يا معشر بني إسرائىل، تذكّروا النعم التي أنعمت بها عليكم وعلى أسلافكم بشكري وطاعتي، وأني فضلت أصولكم على عالَمِي زمانهم. أعاد هذا التذكير بالنعم والتحذير من النقم لبيان الهدف الحقيقي من الإخبار بأفعال أسلافهم.