كتاب " التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم " ، تأليف د.
أنت هنا
قراءة كتاب التفسير الوجيز على هامش القرأن العظيم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
123 ـ وخافوا عذاب يوم لا تنوب فيه نفس عن نفس أخرى في المسؤولية، ولا يقبل منها فدية تنجو بها من النار، ولا تفيدها شفاعة شافع، ولا نصرة ناصر، يمنع عنها العذاب.
124 ـ واذكر يا محمد حين اختبر الله إبراهيم بأوامر ونواه، فقام بحق التكليف تماماً، وقال الله له: إني مصيّرك إماماً (قدوة) في الدين وأعمال الخير، قال إبراهيم: واجعل من ذريتي أيضاً أئمة، فأعلمه الله أن عهده بالإمامة والنبوة لا يشمل الظالمين والعصاة من ذريتك، فإنهم لا يصلحون قدوة للناس، لأن الإمام لا بدّ من أن يكون عادلاً عاملاً بالشرع، وإلا كان ظالماً.
125 ـ واذكر أننا جعلنا البيت الحرام (الكعبة) مرجعاً لعبادة الله وأداء المناسك فيه، والصلاة نحوه بعد التفرق عنه، ومأمناً من الظلم والمخاوف، واتخذوا أيها المسلمون من مقام إبراهيم حول الكعبة ( وهو الحجر المعروف) مكاناً للصلاة والعبادة تكرمة لإبراهيم، ووصينا وأمرنا إبراهيم وإسماعيل أن يطهِّرا البيت الحرام من الأوثان والكفار والنجاسات والخبائث، من أجل طواف الطائفين به، والمقيمين في المسجد للعبادة، والمصلين فيه راكعين ساجدين. قال عمر رضي الله عنه: قال النبي : هذا مقام إبراهيم، فقلت: يا رسول الله، أفلا نتخذه مصلى؟ فنزلت هذه الآية.
126ـ واذكر حين قال إبراهيم: رب اجعل مكة بلداً آمناً يأمن الناس فيه، وارزق أهله المؤمنين بالله واليوم الآخر من الثمار التي تجبى إليه من كل مكان، قال تعالى: وأرزق أيضاً من كفر، لأمتعه بالرزق قليلاً في الدنيا، ثم
ألجئه وأدفعه إلى عذاب النار، فلا يجد عنه مخلصاً، وبئس المرجع الذي يصير إليه في جهنم.
127 ـ واذكر أيها الرسول أيضاً حين كان إبراهيم وإسماعيل يرفعان أسس أو جدران البيت الحرام، قائلين: ربنا تقبل منا هذا العمل الحسن، إنك تسمع دعاءنا وتعلم نياتنا.
128 ـ ربنا اجعلنا ثابتين على الإسلام، خاضعين لطاعتك، واجعل من ذريتنا: أولادنا وأحفادنا جماعة مخلصة لك بالطاعة، وعرِّفنا مناسك الحج ومواضع الذبح، وتجاوز عن خطايانا، إنك أنت كثير التوبة على عبادك، رحيم بالتائبين تعفو وتغفر لهم. قال مجاهد: قال إبراهيم: رب أرنا مناسكنا، فأتاه جبريل، فأتى به البيت، فقال: ارفع القواعد، ثم دله على مواضع رمي الجمرات في منى، وعلى المشعر الحرام، وعلى عرفات، وأمره أن يؤذن فيه بالحج، فقال: يا أيها الناس أجيبوا ربكم، فأجاب العباد: لبّيك اللهم لبّيك، فمن أجاب إبراهيم حينئذ فهو حاج.
129 ـ ربنا وابعث في العرب ـ وهم ذرية إبراهيم وإسماعيل ـ رسولاً من العرب، وهو محمد يقرأ عليهم آياتك المنزلة، ويعلمهم القرآن، وأحكام الشريعة والفقه والفهم في الدين، وأسرار الأشياء، ويطهرهم من الشرك والمعاصي وسوء الأخلاق، إنك يا رب القوي الغالب، الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
130 ـ ولا يعدل عن شريعة إبراهيم وعقيدته التوحيدية إلا من جهل أمر نفسه، فلم يفكر فيها، واستخف بها وامتهنها، ولقد اخترناه رسولاً في الدنيا، وإنه في الآخرين لمن الفائزين برضوان الله. ونزلت الآية في شأن ابْنَيْ أخي عبد الله بن سلام حين دعاهما إلى الإيمان، فآمن سلمة وأبى مهاجر.
131 ـ واذكر أيها الرسول حين قال لإبراهيم ربه: تمسك بالإسلام ديناً، فقال: أخلصت العبادة والدين لرب العوالم كلها.
132 ـ ووصى إبراهيم بوصية الله بالتمسك بالإسلام أبناءه، وأوصى يعقوب (إسرائيل) بنيه بذلك، كما أوصى إبراهيم، قائلاً لهم: يا أبنائي، إن الله اختار لكم الملة التي يجيء بها محمد فهي صفوة الأديان، فالزموا الإسلام، ولا يأتيكم الموت إلا وأنتم على الإسلام.
133 ـ أبطل الله دعاوى اليهود والنصارى أن إبراهيم يهودي أو نصراني، قائلاً: بل أَشَهِدتُم أو حضرتم يعقوب؟ وعلمتم وصيته لأبنائه، حين حضره الموت، إذ قال لهم: ماذا تعبدون من بعد وفاتي؟ فقالوا: نعبد الإله الواحد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق، وإسماعيل الذي كان عماً ليعقوب، وتسمي العرب العم أباً، ونحن له مخلصون العبادة، فأقروا بذلك، وشهد على إسلامهم. نزلت في اليهود حين قالوا للنبي : ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية.
134 ـ تلك أمة ـ وهي إبراهيم ويعقوب وأبناؤهما ـ جماعة مضت، لها ما عملت من العبادة والخير، ولكم ما عملتم من خير أو شر، ولا تؤاخذون بسيئاتهم، ولا تستفيدون من حسناتهم.
135 ـ وقالت اليهود والنصارى للمسلمين: كونوا يهوداً أو نصارى، واتركوا الإسلام، تكونوا على الحق والرشاد، قل لهم أيها النبي: لم تكن اليهودية ولا النصرانية طريق الهداية، بل نكون على ملة إبراهيم الحنيفية المائلة عن الأديان الباطلة إلى دين الحق، والحنيفية: هي دين الإسلام، ولم يكن إبراهيم من عبدة الأوثان أو مشركاً بالله، وهذا تعريض بهم، فكيف تدّعون أنه كان يهودياً أو نصرانياً؟! أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال ابن صُوريا للنبي : ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد، وقالت النصارى مثل ذلك، فنزلت الآية.
136 ـ قولوا أيها المسلمون: آمنا بالله وحده لا شريك له وبالقرآن وبما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط: (أولاد يعقوب وهم اثنا عشر ولداً)، وبالتوراة المنزلة على موسى، وبالإنجيل المنزل على عيسى، وبكل ما أُنزل على الأنبياء من ربهم من الكتب، لا نفرِّق بين أحد منهم، وإنما نؤمن بهم جميعاً، ونحن لله تعالى منقادون خاضعون.
137 ـ فإن آمن أهل الكتاب وغيرهم بجميع ما آمن به المسلمون من كتب الله ورسله، وصدقوا مثل تصديقهم، فقد اهتدوا إلى الحق والصواب، وإن أعرضوا عن هذا الإيمان، فهم في مخالفة ومعاداة لدعوة الإسلام، ويكفيك الله أيها الرسول شرّ من عاند وخالف، وينصرك عليهم، والله هو السميع لأقوالهم، العليم بخفايا نفوسهم.
138 ـ الزموا أيها الناس دين الله الذي فطركم عليه وهو الإسلام، فلا هداية أفضل من هدايته، ونحن مطيعون لله تعالى. قال ابن عباس: إن النصارى كان إذا ولد لأحدهم ولد، فأتى عليه سبعة أيام، صبغوه في ماء لهم، يقال له: المعمودي، ليطهروه بذلك، ويقولون: هذا طهور، مكان الختان، فإذا فعلوا ذلك، صار نصرانياً حقاً، فأنزل الله هذه الآية.
139 ـ قل أيها النبي لأهل الكتاب: أتجادلوننا في شأن الله، ونحن وأنتم سواء في ربوبيته لنا، وعبوديتنا له، فكيف تدعون أو تريدون ألا يختار رسولاً إلا منكم؟ وسيجازي كل فريق منا بعمله، فلستم بأولى بالله منا، ونحن له مخلصون في طاعتنا وعبادتنا دونكم.
140 ـ بل أتقولون: إن هؤلاء الأنبياء على دينكم؟ وإنهم مع أولاد يعقوب (الأسباط) كانوا يهوداً أو نصارى، مع أنهم وجدوا قبل موسى وعيسى، وقل لهم أيها النبي: هل أنتم أعلم بدينهم أم الله الذي برَّأ إبراهيم من اليهودية والنصرانية، ومن أشد ظلماً ممن كتم شهادة عنده من الله بأن هؤلاء الأنبياء ما كانوا يهوداً ولا نصارى، بل كانوا مسلمين، والله لا يترك عقوبة هؤلاء المدّعين بسبب ظلمهم وتكذيبهم الرسل وكتمان الشهادة.
141 ـ تلك جماعة مضت، لها ثواب أعمالها ولكم ثواب أعمالكم الطيبة وجزاء أعمالكم السيئة، فلا ينفعكم انتسابكم إليهم إذا لم تفعلوا الخير، وأنتم مسؤولون عن أعمالكم يوم القيامة، لا عن أعمال غيركم ممن سبقكم أو يأتي بعدكم.
142 ـ سيقول الجهال ضعفاء العقول من اليهود والمشركين والمنافقين: ما سبب تحولهم وانصرافهم عن قبلة بيت المقدس التي كانوا يستقبلونها في صلاتهم، قل لهم أيها النبي: لله الجهات كلها مشرقها ومغربها، فله أن يأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء، يهدي من يريد من عباده إلى سلوك الطريق القويم في العبادة، فيكون التحول إلى الكعبة هداية. روى البخاري عن البراء قال: لما قدم رسول الله المدينة، فصلّى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله يحب أن يتوجه نحو الكعبة، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} [البقرة 2/144] فقال السفهاء، وهم اليهود: {مَا ولاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} فقال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}.
143 ـ وكما هديناكم إلى الإسلام وإلى قبلة إبراهيم عليه السلام، جعلناكم أمة خياراً عدولاً وسطاء، لتشهدوا على الناس يوم القيامة أن أنبياءهم قد بلغوهم رسالة الله، ويكون الرسول محمد شاهداً يشهد عليكم بالتبليغ لكم وبالوسطية، وما جعلنا قبلة بيت المقدس التي كنت تصلي باتجاهها إلا امتحاناً لنعلم علم ظهور وتحقق فعلي المؤمن والمرتد عن دينه والمنافق، وإن كانت حادثة تحويل القبلة صعبة شاقة، يصعب الإيمان بها، إلا على الذين هداهم الله للحق، وما كان الله ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس، بل يتقبلها منكم، إن الله كثير الرأفة (وهي أشد الرحمة) بعباده، كثير الرحمة بهم. وقد نزلت فيمن مات وهو يصلي إلى بيت المقدس، جاء في الصحيحين عن البراء: مات على القبلة قبل أن تحوَّل رجال، فلم نَدْر ما نقول فيهم، فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}.
144 ـ قد رأينا أيها النبي تطلعك إلى جهة السماء وترديد بصرك ورفعه، راجياً نزول الأمر بتحول القبلة نحو الكعبة، فلنوجهنك نحو قبلة تحبها وتتشوق إليها، فتوجه في صلاتك نحو المسجد الحرام، وأينما كنتم، فتوجَّهوا إلى الكعبة، وإن أهل الكتاب يعلمون أن توجهكم إلى الكعبة حق بأمر الله فرضه الله على عباده، وأنه موجود في كتبهم أن النبي المبشر به يصلي إلى قبلة أبيه إبراهيم، وما الله بغافل عن أعمالهم بإثارة الشبهات وترويج الفتن، وسيجازيهم على ذلك.
145 ـ ولئن أتيت أيها النبي أهل الكتاب بكل حجة وبرهان على أن تحويل القبلة حق بأمر الله، ما تبعوا قبلتك كفراً وعناداً، ولا تتبع أنت قبلتهم، وكل فريق يتبع قبلته، فاليهود تستقبل بيت المقدس، والنصارى تستقبل مطلع الشمس، ولئن وافقت أهواءهم بالتوجه إلى قبلتهم التي يدعونك إليها، من بعد العلم الذي جاءك من طريق الوحي، تكن من الظالمين لأنفسهم.
146 ـ يعرف اليهود نبوة محمد بأوصافه المذكورة في التوراة، كمعرفة أبنائهم تماماً، وإن فريقاً منهم ممن لم يسلموا، وهم علماؤهم الذين عرفوا تلك الصفات، ليخفون الحق الثابت الذي أرسلتَ به حسداً وعناداً، وهم يعلمون أن الله أوضحه في كتابهم.
147 ـ الحق الأبدي: ما أخبرك به ربك، لا ما يخبرك به أهل الكتاب، فلا تكن أيها السامع من الشاكين فيه.
148 ـ ولكل جماعة من أتباع الأديان قِبْلة هو مستقبلها في الصلاة، فتسابقوا في فعل الطاعات وعمل الخيرات واستقبال الكعبة، وأينما تكونوا في أي مكان في الأرض، يجمعكم الله للجزاء يوم القيامة، إن الله تام القدرة على بعثكم وجمعكم.
149 ـ وأينما اتجهتَ أيها المسلم في بَرّ أو بحر، وفي أي جهة كنت شرقاً أو غرباً، فتوجه في صلاتك جهة المسجد الحرام، وهذا التوجه هو الحق الثابت من الله الذي لا ريب فيه، وسيكافئك على اتباعه، ولا يغفل الله عما عملت من عمل، ولا يترك شيئاً.
150 ـ وأينما حللت، فتوجه نحو الكعبة، وأينما كنتم معشر المسلمين في أي مكان في العالم، فتوجهوا نحو الكعبة المشرفة، وتكرر الأمر بذلك ثلاث مرات لتأكيد الأمر بتحويل القبلة، لئلا يبقى لأحد من الناس محاججة أو مجال في المجادلة والمخاصمة حول التولي إلى غير القبلة، فتبطل حجة اليهود القائلين: ترك محمد ديننا واتبع قبلتنا، وحجة المشركين القائلين: إن محمداً يدّعي اتباع إبراهيم ويترك قبلته (الكعبة) فاتجاهكم نحو المسجد الحرام ينهي هذه الأقاويل، أما الظالمون أنفسهم منهم بالعناد والمكابرة، وهم مشركو العرب، فلا تخافوا من مطاعنهم أو جدالهم بالباطل، وخافوا عقابي إن خالفتم أوامري، ولكي أتم عليكم نعمتي عرَّفتكم قبلتي، وستفتحون مكة، وتدخلون البيت الحرام آمنين مطمئنين، ولكي تهتدوا إلى الحق والصواب والثبات عليه.
151 ـ وإتمام النعمة كإتمام الرسالة بإرسال محمد لتلاوة آيات القرآن الكريم، وتطهير نفوسكم من الشرك والوثنية وسوء الأخلاق، ولتعليم القرآن والكتابة ومحو الأمية، وفهم أحكام الشريعة ومعرفة أسرارها، وتعليمكم أمور الدنيا والآخرة، وما لم تعلموا به من قبل.
152 ـ فاذكروني أيها الناس بالطاعة، أذكركم بالثواب والمغفرة، واشكروا لي نعمي عليكم، والشكر: معرفة الإحسان والتحدث به، ولا تجحدوا نعمي عليكم فتستروها، والكفر هنا: ستر النعمة، فأسلبها منكم.
153 ـ يا أيها المؤمنون استعينوا بالصبر على تحمل التكاليف المشروعة كالصلاة والصيام والجهاد، وبالصلاة التي توثق الصلة مع الله، وتفرج الكروب، وتزيل الهموم، إن اللّه يعين الصابرين وينصرهم.
154 ـ ولا تصفوا شهداء القتال في سبيل الله بأنهم أموات، بل هم في الحقيقة أحياء في البرزخ، ولكن لا تشعرون بهذه الحياة عند مشاهدة أجسادهم وسلب أرواحهم. نزلت في قتلى بدر، وكانوا بضعة عشر رجلاً، ثمانية من الأنصار، وستة من المهاجرين، وكان الناس يقولون للرجل يقتل في سبيل الله: مات فلان، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها، فأنزل الله هذه الآية.
155 ـ ولنعاملنكم معاملة المختبر لمعرفة قوي الإيمان وضعيفه بتسليط شيء من الخوف (الضرر من عدو أو غيره) أو الجوع (المجاعة والقحط) أو نقص الأموال التي تملكونها كالأنعام، وفقد الأنفس بالموت والقتل في الجهاد والمرض، ونقص الثمار بالآفات والجوائح، وبشّر أيها الرسول الصابرين بالفوز بالجنة والمغفرة والرحمة.
156 ـ والصابرون: هم الذين إذا تعرضوا لنكبة تؤذي الإنسان قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، أي إنا عبيد لله، وصائرون إليه بعد الموت.
157 ـ وعلى الصابرين مغفرة وثناء حسن من الله، ورحمة بعد رحمة، وإحسان، وأولئك هم المهتدون إلى الحق والصواب ورضوان الله تعالى.
158 ـ إن الصفا والمروة اللذين يتكـوَّنان من صخور مرتفعة في بداية المسعى ونهايته، من أعلام مناسك الحج أو مواضع العبادة التي خصصها الله أعلاماً للناس كالموقف والمسعى والمنحر، فمن قصد البيت الحرام حاجاً للفريضة، أو اعتمر بزيارته البيت الحرام، فلا إثم عليه أن يطَّوف بهما (يتطوف) بالسعي بينهما في الحج والعمرة، وهو فرض ونسك، بالرغم من أنه كان عليهما في الجاهلية صنمان: «إساف» على الصفا، و «نائلة» على المروة، ومن أكْثَر من الطاعة بالعمرة النافلة، فالله شاكر له طاعته. أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه: أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام، أمسكنا عنهما، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا}.
159 ـ إن الذين يُخفون عن الناس ـ وهم علماء اليهود ورهبان النصارى ـ ما أنزل الله من الآيات البيّنات الدالة على صدق رسالة محمد ، ومن بعد بيانه في التوراة، أولئك يطردهم الله من رحمته، ويلعنهم الملائكة والمؤمنون. نزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم ونعت محمد .