كتاب " الصهيونية ..
أنت هنا
قراءة كتاب الصهيونية .. النظرية والتطبيق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
شكل الدولة:
كانت النقطة الوحيدة التي أجمع عليها مؤيدو ومعارضو كتاب هرتسل، أنه نجح في إدراج المسألة اليهودية على جدول الأعمال الدولي، وكان أول زعيم يصوغ أفكارا صهيونية، ويضعها في قالب صحفي، بل ويبدأ في إخراجها إلى حيز التنفيذ، وقد قام بتشكيل حركة استمد منها القوة اللازمة لدفع النشاطات السياسية الرامية إلى إنشاء الدولة التي طالما داعبت خياله، وحلم بها.
وقد وصف هرتسل، بالتفصيل شكل "الدولة اليهودية"، التي توقع أن تقوم عام 1923، في رواية (التنويلند)، التي صدرت عام 1902، حيث تحدث فيها عن دولة نموذجية من الناحية الاجتماعية، التكنولوجية، والزراعية.
ويجدر بنا التنويه إلى أن معنى كلمة "التنويلند"، في العبرية، الأرض القديمة الجديدة.
وفي وصفه لدولته، تناول هرتسل النواحي الأدبية، الاجتماعية،التجارية، العسكرية وجميع شؤون الحياة اليومية، وقد فضل أن يكون شكل الحكم ملكيا ديمقراطيا أو جمهوريا أروستقراطيا، فالشعوب باعتقاده، غير مهيأة للديمقراطية المطلقة ويرى أن اليهود ليسوا أفضل من بقية شعوب العالم.
أما الأرض التي ستقام عليها الدولة اليهودية مستقبلا، فقد قرر هرتسل، أن تكون ملكا قوميا، يتم تأجيرها للمهاجرين والمستوطنين، وقد طور هذه الفكرة في كتابه (التنويلند)، إذ اقترح أن تتم إعادة الأرض، كل خمسين عاما إلى الملكية القومية، وهذا يعني، أن الأرض لن تكون تحت ملكية خاصة إلى الأبد.
ولقد شغلت قضية الاستيطان فكر هرتسل، الذي كان يدرك مدى أهميتها في حياة كل دولة، ففكر في إقامة مشاريع إسكانية عمالية عامة، وتطوير شبكة خدمات، تمنح الدولة طابع الرفاهية والرخاء، لذلك أراد فرض قيود مشددة على عمل النساء، وتوقع أن يتم إنشاء مدارس فخمة في منازل مضاءة وصحية، تتبع فيها أحدث أساليب التعليم.
كانت قمة أحلام (هرتسل) على الصعيد الاجتماعي، تحديد سبع ساعات للعمل يوميا، وقد اعتمد في ذلك على تجربة عدد من الدول الأوروبية، ورأى أن الأمر في غاية الأهمية، خاصة وأن علم (الدولة اليهودية) يضم سبعة نجوم، ترمز إلى سبع ساعات من العمل.
بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان هرتسل مؤمنا بالاشتراكية؟ لقد تضاربت الآراء بهذا الشأن، ففي كتابه (التنويلند)، وصف هرتسل التركيبة الاجتماعية (للدولة اليهودية)، بناء على أسس التعاون المشترك، والتكافل، وقد رأى فيه (بارك كتسنلسون)، شخصية ذات تطلعات ورؤى اجتماعية بعيدة المدى، في حين قال (ناحوم سوكولوب)، الذي كان على معرفة جيدة به "لقد كان برجوازيا".
في وصفه شكل (الدولة اليهودية)، يتناول هرتسل مسألة (الدين والدولة)، وضرورة الفصل بينهما، وتحقيقا لتطلعاته التي تتعارض مع أي صورة للثيوقراطية-أي الحكم الديني في الدولة، يدعو إلى تبجيل الحاخامات، ومنحهم أكبر قدر من الاحترام والتقدير، مع عدم السماح لهم في المقابل بالتدخل في إدارة أي من شؤون الدولة، لتنحصر مهامهم داخل الكنس فقط، تماما مثلما يتمركز الجيش في ثكناته ولقد رسم في مخيلته صورة لجيش صغير نسبيا قوامه 10% من الشعب.