أنت هنا

قراءة كتاب هدنة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هدنة

هدنة

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 5

مدخل: دعوة إلى مغامرة

إن هذه الرواية التي أوردها هنا حقيقية، وقد شاركت فيها، وهي بمثابة مغامرة سياسية، لقد تم إعداد هذا الكتاب في خضم الأحداث المتتالية لذا لم أجد لها نهاية حتى الآن، بيد أن من المؤكد أن لها بداية ووسط ، وفيها الكثير من الحركة.

أنا مواطن إسرائيلي من عامة الشعب، لست زعيما، ولست سياسيا، ولا أزعم بأنني أمثل أحدا سوى نفسي، وذات يوم برقت في خاطري خاطرة وسؤال: كيف يمكنني أن أدفع الأمور باتجاه وقف النار في الحرب الدائرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ وقد عملت على تطوير الخاطرة، والتي سرعان ما تنامت في صورة مبادرة سياسية، مبادرة الهدنة، وعلى متن هذه المبادرة أبحرت وتوغلت في محيطات العالم السياسية، وسحبتني تياراتها العارمة.

هناك في المغامرة التي اجتزتها معايير خاصة ترتبط بها ارتباطا وثيقا: والمتمثلة في محاولة لإنقاذ حياة الكثير من الناس، محاولة للعمل على إقرار وقف نار متواصل ويحظى بالاحترام في النزاع مستعر الإوار بين الشعبين، وقف نار – قد – يصبح بمثابة الخطوة الأولى للمصالحة، ولا شك أن مثل هذا الهدف هو هدف سامي، هدف يغذي الشرايين بالكثير من الطاقة الحيوية، ويقدم هدية رائعة لملايين الأشخاص من الشعبين الذين يتضرعون من أجل نيلها، إنها شيء يستحق أن نبذل الغالي والرخيص من أجله.

والحقيقة هي أنني لم يسبق أن توليت قضية على هذا القدر من الأهمية، ولا شك لدي أن الأمر يبدو غريبا للغاية، فها هو مواطن من عامة الشعب يجرؤ على التفكير بأن لديه مقدرة على تحقيق وقف النار، ترى من يمكنه أن يطلق مثل هذا الاقتراح؟ إن الشخص الذي يطلق مثل هذا الاقتراح إما أنه ساذج، أو غير سوي، إن شخصا غرا أو "دون كيشوت" وحده يمكنه أن يقحم نفسه بكامل إرادته في حلبة الصراع بين الشعوب، زاعما أنه يحاول الفصل بين الصقور، وأنا لا أعتقد أنني شخص ساذج، بل أعتبر نفسي شخصا عمليا، وحسب اعتقادي، فإن المبادرة هي بمثابة تطلع عملي وبسيط وقابل للتطبيق، وأن بالإمكان أن نرى الثمار الناضجة على الأشجار ذات يوم.

ومن نافل القول الإشارة إلى أنني على علم بمزاعم الجنرالات والسياسيين وصانعي القرارات القائلة أن مبادرة الهدنة هي مبادرة خطرة بالنسبة لإسرائيل، وأن قيادة السلطة الفلسطينية حاولت وستحاول استغلال النوايا الحسنة والبريئة للمواطنين الراغبين في الأفضل، وتستخدم الهدنة بغية تعزيز المقاومة ضدنا، وأنه يتوجب على دولة إسرائيل أن تواصل توجيه الضربات للفلسطينيين حتى يدركوا أنهم ارتكبوا خطأ جسيما، ومن ثم يتخذون قرارا بالشروع في حرب أهلية بغية اجتثاث المسلحين من بينهم.

ومن الجائز أنهم على حق فيما يعتقدونه، وأنني ساذج حقا، هذا جائز بالتأكيد، بيد أن من الجائز أيضا أنهم على خطأ وخطأ جسيم، وإذا كان الأمر على هذا النحو حقا، فإنهم يعرضون مواطني الدولة دون أي داع للأخطار، ويلحقون أضرارا لا تقدر ولا لزوم لها البتة بملايين الفلسطينيين الذين يئنون تحت نير ما نسميه (الحرب ضد الإرهاب)، ويقوضون الأسس الأخلاقية التي قامت عليها دولة إسرائيل.

وإذا كان أولئك الجنرالات والسياسيون مخطئين حقا، فإنهم يقودون بذلك الدولة على منحدر شديد الخطورة، الأمر الذي يتطلب العمل على تغيير الاتجاه، وبسرعة كبير، قبل أن يفوت الأوان ويصبح الوقت متأخرا جدا.

الصفحات