كتاب " هدنة " ، تأليف إيال أرليخ ، والذي صدر عن دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية .
أنت هنا
قراءة كتاب هدنة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
هدنة
وأنا على قناعة تامة من أن العمل الذي قاموا به صعّد مستوى الحساسية تجاه هذه القضايا لدى قادة سلاح الجو وكذلك لدى الطيارين.
وهناك قطاع جماهيري شديد الاهتمام وعلى استعداد للالتحاق بالنضال بصورة حازمة وشديدة جدا من أجل تنفيذ مطالبه، وهذا القطاع الجماهيري يتألف من عشرات آلاف المستوطنين الذين يؤيدون استمرارية الاستيطان في المناطق المحتلة ويتجندون بحماس أيديولوجي متأجج لخوض النضال ضد إخلاء النقاط الاستيطانية والمستوطنات.
ويتجسد النضال الذي يخوضونه بادئ بدء بتمسكهم الشديد بمستوطناتهم، رغم أن هذه المستوطنات تحولت إلى هدف مركزي لنيران حركات التحرر الفلسطينية، أما أساليب النضال الأخرى التي انتهجوها فتمثلت في مهرجانات الاحتجاج والقيام بعمليات مختلفة بغية الدفاع عن مواقفهم.
هناك في دولة إسرائيل أناس كثيرون شديدو الاهتمام بما يجري هنا، وقد قرروا عدم الوقوف موقف المتفرج على الأحداث، وما أنا سوى واحد منهم، وها أنا أروي هنا قصة رحلتي.
لقد بدأت مغامرتي السياسية في أوج الحرب، حرب وحشية تركت وراءها أكواما من الجثث والعائلات المدمرة – رجالا، نساء، أطفالا، قتلى، مقاتلين مزقتهم العيارات النارية، وآلاف الجرحى، والآلام الإنسانية الطاغية.
وروايتي مصحوبة بالكثير من الأعمال المسلحة والعمليات، وأنا لا أشعر بالارتياح وأنا أتذكرها، لكن ما العمل؟ فمبادرتي تأتي في هذا المجال، مجال سفك الدماء ومحاولة وقفه.
إن الحرب ونتائجها المفزعة كانت السبب الرئيسي الذي جعلني أهب لخوض المغامرة، ولا زالت هذه الحرب بمثابة الخلفية التي تدفعني حتى الآن، والكتاب يتطرق لانتفاضة الأقصى من وجهة نظري، بوصفي مواطنا إسرائيليا يهوديا يتعاطف قبل كل شيء مع آلام أبناء شعبه. ولست أزعم أنني إنسان نزيه، وفي نفس الوقت فإنني أحاول، بل وأبذل قصارى جهدي من أجل أن أصبح مصغيا أيضا لآلام الفلسطينيين.
لقد دفعت هذا الكتاب في البداية إلى المطبعة في نهاية آب 2004، وفي الحادي عشر من تشرين الثاني 2004 في الساعة الثالثة والنصف صباحا حسب توقيت باريس أعلن عن وفاة ياسر عرفات، إن زوال عرفات عن الساحة البشرية هو حدث تاريخي ذو أهمية هائلة، وقد كان علي أن أتطرق لهذا الحدث التاريخي وأن أعدل كتابي بما يتوافق معه، لقد كتبت الفصل الذي جاء تحت عنوان: "لقائي الأخير مع عرفات" بعد بضعة أسابيع من وفاة عرفات، ويعتبر بمثابة المرحلة الأخيرة – في الآونة الحالية- في مغامرتي السياسية.
ونظرا لرغبتي في أن يصبح الكتاب مثيرا للاهتمام وسلسا، فقد حرصت على عدم الخوض في التفاصيل المعقدة والمملة، وحرصت أيضا على وجود بعض الملاحظات خلال السياق والتي وجهتها لأولئك القراء المعنيين بالمزيد من المعلومات التي يبدو قسم منها في نهاية الكتاب.
هذا الكتاب، هادف وذو اتجاه، وأنا آمل أن يتمكن من إضفاء ولو تحسن طفيف على فرص تجسيد مبادرة الهدنة، أما بالنسبة لي، فعندما ستدخل الهدنة حيز التنفيذ الفعلي ويمر عام على الأقل من الهدوء، فسوف تكون آنذاك قد حلت نهاية مغامرتي السياسية حقا.
أرجوكم أن تشدوا الأحزمة، فالمغامرة على وشك الإقلاع.