أنت هنا

قراءة كتاب إطلق قمرنا يا حوت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إطلق قمرنا يا حوت

إطلق قمرنا يا حوت

كتاب " إطلق قمرنا يا حوت " ، تأليف يوسف غيشان ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر:
الصفحة رقم: 9

وقال البروفيسور روث أنه رغم المشاهد الوحشية والقذرة التي عرضها على "مجرميه" الذين اختارهم كنماذج لتجاربه، فإنه لم يلحظ أيّ ردة فعل صدرت من "وكر الشيطان" داخل أدمغتهم، مع أنه في وسط منطقة تسبب جيناتها الشعور بالحزن والحنو والشفقة.. "لكن شيئاً من ردات الفعل لم يظهر أبداً من تلك المنطقة، التي يبدو أن شيطاناً ولد وترعرع فيها".

تخيلوا ياسادة ياكرام، لو صدقت نتائج أبحاث البرفسور الألماني، فإنه سوف يجرّدنا تماماً من ذلك التبرير وتلك الحجة التي نغلف فيها أخطاءنا وخطايانا يومياً، لا بل في كلّ لحظة، إذ نتهم الشيطان فوراً بالوسوسة لنا، ونمارس عملية إسقاط نفسي، نطهر بواسطتها أنفسنا- وهميّاً على الأقل- من جميع الذنوب، ونحمّل تلك الذنوب لكائن خارجي، أرغمنا- أو أغوانا، لا فرق- على أن نتصرف عكس إرادتنا ورغباتنا الحقيقية.

يدعي الإنسان بأنه كائن شبه ملائكي يفيض بالخير والمحبّة للجميع، لكن ذلك الملعون- الشيطان- هو من ينكد عيشته ويجعلة مخلوقاً أنانياً وحشيّاً قاتلاً سارقاً مغتصباً، يتصرف عكس إرادته الحرّة التي تقودة إلى الخير دائماً.

اكتشافات البروفيسور روث تقول أنّ شيطاننا منّا وفينا، وأن الجانب المنير في حياتنا يقابله جانب مظلم في دواخلنا. تماماً مثل القمر، له جانب مضئ وآخر مظلم. وحياتنا هي تاريخ وتأريخ موثق للصراع بين هذين الجانبين، داخل الإنسان، وليس خارجه.

أذاً فالضعف إنساني تماماً، كما هي القوة، وما ضعفنا إلا استسلام للجانب الشرير في دواخلنا، وما قوّتنا إلا في السيطرة على رغباتنا القذرة.. وهذا توصيف عادل تماماً للإنسان، يعيده إلى الأرض ويخرجه من برجه العاجي، ليعود كائناً أرضياً يعيش بين الآخرين، وعليه أن يحترم شروط التنظيم الاجتماعي وحقوق الآخرين، وأن يتغلب على دوافع الشر بداخلة، فهذه معركته، أو أن يتقبل العقاب الذي يمارسه المجتمع ضدّه.

لذلك، أتمنّى أن لا يستغل علماء الاجتماع الإنسانيون وفلاسفة اللاعنف والدعوات للعفو عن المجرمين ورفض الإعدام والعقوبات بأنواعها، أن لا يستغلوا هذا الاكتشاف من أجل الدفاع عن المجرمين والقتلة والسفاحين وأمثالهم، باعتبارهم مسيّرين غير مخيّرين في أعمالهم القذرة، وأنّ الخلل البيولوجي وحده داخل الدماغ، هو الذي دفعهم لإيذاء الآخرين، وأن هؤلاء مجرد مرضى يحتاجون إلى الرعاية من المجتمع، وإلى العلاج النفسي والإكلينيكي، وليس العقاب.

أنا أعتقد عكس ذلك تماماً، أعتقد أنّ شيطاننا الداخلي ينبغي أن يكون أضعف من الشيطان الخارجي، لأنه جزء منّا، ونحن من نربيه وننميه بدواخلنا، ونرضعه ونطعمة اللحم والعسل من أجل أن يشتدّ عوده، ويقوّينا على الآخرين لنغتصب حقوقهم في الحياة.

عزيزي البروفيسور روث.. تبا لك، فقد عرّيتنا أمام أنفسنا!!

الصفحات