أنت هنا

قراءة كتاب عقيلات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عقيلات

عقيلات

 كتاب "عقيلات " ، تأليف نادية يحيى الكوكباني ، والذي صدر عن دار الحوار للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

تردد جود دائماً وبشكل مضحك تلك العبارة التي تسمعها دائماً من شقيقيها (لا تظني أنك ستتوظفين وتزاحمين الرجال لو تخرجت من الجامعة، قرايه (4) وبس، قرايه وجلسة في البيت!...) أما أنا فكان والدي بين حين وآخر يردد عبارته لكن بأسلوب آخر (يا بنتي لو اخترتِ شيء سهل، مناسب لرقة البنات، بدل هذا السهر والتعب والوقفة على ارجلش طوال الليل، أنتِ إلا بنت مثل اسمش...) كلتانا لا ترد. نبتلع مع صمتنا ألماً لا يوصف وشعوراً بالذل والمهانة خشية أن نحرم من النعمة التي أسبغوها علينا، وكلتانا تردد أيضاً عبارة الضعفاء والمهزومين وربما عبارة الأقوياء المنتصرين (لكل حادثٍ حديث...).

كنا أجبن مما نتخيل، وافقت جود على البقاء في البيت حال تخرجها مهندسة اتصالات كهربائية مع وقف التنفيذ رغم حصولها على المركز الأول ووظيفتها مضمونة في الجامعة، أرقى مكان وأفضل وظيفة يمكن أن يحلم بها أي شخص. لم تفتح فمها حتى لتناقش أو تناضل من أجل الخروج للعمل وإقناع شقيقيها أن عملها لا يتطلب اختلاطاً أو رؤية للرجال كما يظنان، لأن علاقتها ستكون بالأجهزة الكهربائية، والأجهزة فقط في أي مؤسسة أو وزارة أو شركة سيتم قبولها فيها. اكتفت بالصمت في انتظار المرحلة القادمة كما يريد شقيقاها: "العريس"، وعندما جاء هذا العريس المنتظر، ابن عمها الذي كانت تميل له، رفضته أمها دون سبب مقنع غير عدم ارتياحها لزوجة أخيها "أم العريس" قالت: أن بنتها الوحيدة لن تكون مرتاحة في العيش مع "عَمَّة"(5) مُتسلطة وقاسية ولا تحب أهل زوجها كما كان مشاعاً عنها في العائلة!...

أبدت جود استسلاماً أكثر مما توقعت. لم تكن قوية مثل أمها التي فرضت رأيها على زوجها وأولادها بدهاء متقن، بأن العريس لا يناسب ابنتها الوحيدة. لماذا كانت بهذا الاستسلام والخنوع؟ هل هو الخوف من المواجهة بعد هذه السنين! هل هي عدم الرغبة في أن لا تتحمل مسؤولية نفسها وقراراها واختيارها فيما لو فشلت الزيجة ووصلت إلى ما كانوا يخشونه!... المذهِل أن شقيقيها وأمها لم يهتموا حتى بمراضاتها أو تخفيف الصدمة عنها أو حتى بمواساتها. فقط يقولون:

"العريس القادم أفضل منه"، وقد وافقوا مباشرة على طلبها السفر للقرية لترتاح ولتريحهما أيضاً.

ربما لو كانت جود قاومت منذ البداية هذا الظلم وهذا الاستعباد في حياتها بل وحتى في اختيار شريكها في هذه الحياة، لما جاءت ثورتها عارمة وقراراتها صارمة. ولكانت أيضاً أقل تأثيراً عليها ولقبلت حتى المفاوضة مع والدتها وشقيقيها

فاجأني صوت صفية وهي تسألني فيما لو كنت أنوي الغداء الآن أم أنتظر الأستاذة؟ "بالطبع سأنتظر الأستاذة يا صفية، شكرا لكِ!"

الصفحات