أنت هنا
قراءة كتاب الترجمة والعولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقدمة المترجم
إن قارئ الكتب التي أرخت لحضارات العالم منذ أقدم العصور حتى يوم الناس هذا يرى أن عنصرا من أبرز عناصر ارتقاء تلك الحضارات وازدهارها هو الترجمة. لقد كانت كل حضارة تسلم قياد الكون والبشرية إلى حضارة آخرى في تداول هو سنة الله التي أرادها لإعمار الكون فلم يخص عرقا دون عرق ولا بقعة دون بقعة وإنما جعلها دولا تدول لتسلم الزمام إلى آخرى.
ويعيش العالم اليوم أعظم مراحل حياة الإنسان على الأرض وأخطرها في مجالات الكون كله؛ الفضاء، أعماق البحار، أقاصي الدنيا، الدماغ البشري، الخريطة الوراثية، الجينات، الاتصالات، الأسلحة النووية والهيدروجينية، الحاسبات العملاقة وغير ذلك مما يسهل حياة البشر ويهددها. وتشكل الترجمة في هذا البحر المتلاطم من قدرات الإنسان وضعفه وسيلة من أهم وسائل الاتصال فيما نسميه اليوم: العولمة. التي يظن غير المتابع للتاريخ الحديث أنها بدأت في أول القرن الحادي والعشرين مع انفجار وسائل الإعلام الفضائية. والحقيقة أن العولمة ثلاث عولمات: سياسية بدأت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإنشاء منظمة الأمم المتحدة، واقتصادية بدأت مع عملية انفتاح الاقتصادات الوطنية على سوق أصبح كونياً في نهاية القرن العشرين. والثالثة هي عولمة ثقافية نعيشها اليوم في إطار مصطلحات كحوار الحضارات، وحوار الثقافات والتعدد اللغوي والتنوع اللغوي والتعددية الثقافية والتعددية اللغوية وحماية التنوع البيئي واللغوي والتعبير الثقافي. كل هذا وغيره من التحديات التي يواجهها العالم جعل للترجمة أهمية في التواصل بين البشر، وفي نقل التقنيات والأفكار والتقريب بين العادات والتقاليد. ووعت منابر ثقافية وعلمية أهمية الترجمة فخصصت لها المؤتمرات جلساتها، والمجلات العلمية بعض أعدادها ومنها مجلة هرمس HERMÈS التي تصدر عن المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا (SNRS) ، هذه المجلة التي تحلل منذ عشرين عاماً التحول العظيم الذي حدث في مجال الاتصال عبر مئات الأبحاث وألف من المؤلفين أسهموا في تأسيس حقل جديد من المعارف بعيداً عن الخطابات التقنية والاقتصادية والسياسية. وقد أصبح ما قدمته هرمس إرثاً لا يمكن التخلي عنه في تكوين أساس من المعطيات العلمية حول حالة البحث في مجالات الإعلام والاتصال والثقافة والسياسة. وفي هذا السياق تناولت الأبحاث في مجال علوم الاتصال منذ عام 1988م مفاهيم جوهرية مثل: الفضاء العام، والاتصال السياسي، والتلقي، والرأي العام، والهوية، والتنوع الثقافي، وأنظمة الإعلام، ومجتمع المعرفة، والعولمة والاتصال، والترجمة.