كتاب " حسن البنا وتجربة الفن " ، تأليف عصام تليمة ، والذي صدر عن مكتبة وهبة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب حسن البنا وتجربة الفن
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حسن البنا وتجربة الفن
ألوان الفنون عند الإخوان
لم يقف الإخوان في ممارستهم الفن في عهد حسن البنا عند لون واحد ، بل تطرقوا لكل ألوان الفن ، وهو ما سأتناوله في هذا البحث ، فقد مارس الإخوان فن المسرح ، وفن النشيد والزجل ، وفن الكاريكاتير ، بل وفن النكتة ، وغيره مـن الفنون ، وكانت لهم تجربة فنية رائدة جديرة بأن تُدرس ، وتُناقش ، وتُحتذى .
مسرح الإخوان المسلمين
يعتبر مسرح الإخوان المسلمين أول مسرح تنشئه جماعة إسلامية في مصر ، فقد نشأ في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي ، وقد تـولـى هـذا الأمـر الأسـتاذ عبـد الرحمـن البنا ـ شقيق الأستاذ البنا ـ المعروف بميوله الأدبية ، والذي صدر له عدة مسرحيات ومؤلفات أدبية ، وكانت أولى مسرحيات مسرح الإخوان المسلمين؛ مسرحية (جميل بثينة) وقد أنتجت المسرحـية (لجنـة تشجيـع التمثيـل) التابـعة لـوزارة المعارف ـ التربية والتعليم ـ وقررت إخراجها على نفقتها عام 1934م. وقد نجحت المسرحية الأولى للإخوان المسلمين نجاحا مبهـرا ، مما حدا بأحد الباحثين وهو الدكتور شوقي قاسم في رسالتهللدكتوراه(الإسلام والمسرح المصري) يقرر : أن مسرحية (جميل بثينة) قد صارت موضع المقارنة مع درة أمير الشعراء (مجنون ليلى) (4).
هذا عن دلالة نجاح المسرحية من حيث التأليف ، أما من حيث الحرفية المسرحية فيكفي أن نقف على أسماء النجوم المشاركين في المسرحية ، فمنهم : جورج أبيض ، وأحمد علام ، وعباس فارس ، وحسن البارودي ، وفتوح نشاطي ، ومحمود المليجي . ومن العناصر النسائية : فاطمة رشدي ، وعزيزة أمير (5).
مسارح شُعَب الإخوان المسلمين
تبع هذا العمل عدة أعمال أخرى ، وبدأ الأستاذ البنا في تعميم تجربة إنشاء الفرق المسرحية ، من المحترفين أو الهواة على حد سواء ، كانت الفرقة الأم الكبرى في القاهرة ، وكانت هناك فرق أخرى عن طريق قسم الطلبة في الإخوان ، وذلك بتمرين طلبة القسم الثانوي على الأداء المسرحي (6)، وتم تعميم الفكرة على معظم شُعب الإخوان في بقية المحافظات ، لتكون بديلا للريف المصري والمناطق النائية عن المسارح والسينمات ، ولغرس أهداف وقيم تصل سريعا عن طريق الفن ، أكثر من أي وسيلة أخرى ، وقد ذكر الأستاذ محمود عبد الحليم تجربته الشخصية في هذا المجال المسرحي ، يقول رحمه الله :
(لم يكن بـ (فوة) في تلك الأيام أية مؤسسة من مؤسسات الترفيه ، فلا سينما ولا مسرح ، وقد رأيتها فرصة سانحة لنقل الأفكار الإسلامية إلى عقول الفلاحين وعقول الناشئة وأهليهم ، فصغت من أحداث نفي مشركي قريش لرسول الله * ولبني هاشم في شِعْبٍ من شِعاب مكة مسرحية . وكنت قبل قد وضعت أحداث معركة القادسية في مسرحية طويلة ، وكانت هاتان المسرحيتان باللغة الفصحى ، فرأيت أن أضع بجانب ذلك مسرحية باللغة العامية لتخاطب عامة الناس ، وجعلت هدفها معالجة ما درج عليه الفلاحون ، وفي ذلك الوقت من الاستدانة بالربا من اليهود الذين أنشأوا مكاتب في المدن ويبعثون بمندوبهم إلى القرى والعِزَب للإيقاع بهؤلاء الفلاحين العوام ، ولما كانت مسرحية القادسية طويلة فقد اجتزأت بفصلها الأخير .
وقد استغرقت وقتا طويلا في تدريب مجموعة من شباب الشعبة على التمثيل حتى أتقن كل منهم الدور الذي أسند إليه تمام الإتقان (7).