أنت هنا

قراءة كتاب الربيع العُماني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الربيع العُماني

الربيع العُماني

كتاب " الربيع العُماني " تأليف سعيد سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

فاعلية الاعتصامات

ما الذي مكن من تطور حوارنا الوطني، وترادفاً معه، من تبلور الخطاب الرسمي في وجهة مماثلة، على نحو ما وصفت ؟ ما الذي أخرج حوارنا عموماً من إسرار إلى إفصاح، ومن غموض إلى وضوح ؟ بنظري، الفضل – كما أسلفت - يعود إلى الاعتصامات التي عقدت بدءاً من ربيع عام 2011 واستمرت شهوراً. إنها انطلقت من صفوف الشباب، احتجاجاً على استشراء العطالة في وسطهم، وبعد أن كان العديد منهم قد كلّ بحثاً عن العمل دون طائل. ثم إذ لم تلق شكاواهم آذاناً مصغية، ولم يبادَر إلى معالجة مشكلة البطالة بينهم بشكل جاد وناجع، لمس الشباب لدى الحكومة تناقصَ الاكتراث وتزايدَ الإجحاف، فتفاقم شعورهم بالحيف، وتراجعت ثقتهم بالمسؤولين، فلم يسعهم غيرُ اللجوء إلى الاعتصام كوسيلة مشروعة للاحتجاج. نعم، ما يؤسف له جداً ما رافق الاعتصامات في بعض ساحاتها الرئيسة من صخب وشغب، ومن أعمال تخريب وتعطيل ما كان ينبغي أن تحدث، وأرجو ألّا تحدث، وألّا يستجد مبرر لحدوثها مستقبلاً أبداً. لكن، كأمر واقعي، تُرى هل نجد احتجاجات شبابية في أيما مجتمع، تخلو تماماً من مثل هذه السلبية عندما لا يُحسَن التعامل مع المشاكل مثار الاحتجاج، وعندما لا تُتَفهم بواعثها، وعندما لا يُعتَرف إزاءها بالتقصير، وعندما لا يبادَر إلى اتخاذ إجراءات عملية مقنعة وناجعة لتصحيح الأخطاء وتحسين الأوضاع، دون مكابرة أو إلقاء معاذير؟

في حوارات الاعتصام جرى التساؤل: تُرى كيف غفلت الحكومة عن مشكلة تفاقم البطالة بين الشباب، وضمن الحكومة وزارة موكولة إليها إدارة الاقتصاد الوطني، وأخرى مسؤولة عن التعمين، وكلتاهما تمتلك إحصاءات دقيقة عن وضع العمالة في البلاد، وكلتاهما معنية، كأمر أساس، بزيادة فرص العمل للعُمانيين على نحو مطرد متصاعد؟ كيف لم يُلتَفت إلى سياق تناقضي ظل يتعاظم على مدى السنوات الأخيرة على الخصوص، حيث أعداد العمالة الوافدة كانت في صعود ملحوظ جراء تزايد الإنفاق الحكومي مدفوعاً بارتفاع أسعار النفط، وأعداد العمالة الوطنية في المقابل نسبياً في تناقص؟

بشبه إجماع ظهر في الحوارات في ساحة الشعب، نسب تراكم هذا الخلل الخطير، الذي أدى تباعاً إلى لجوء الشباب إلى الاعتصام، كتعبير صارم عن الاحتجاج، إلى عوامل أربعة: أولاً: قصور الحكومة المزمن في تدريب وتأهيل الشباب العُماني، ثانياً: خبط في الأولويات قدم المهم على الأهم، بل مراراً الغث على السمين، ثالثاً: تغليب الاهتمام بالانتفاع الخاص على الاعتناء بتحقيق المصلحة العامة، رابعاً: الانصراف إلى تنمية اقتصادية غير موصولة تماماً بمقاصد التنمية الإنسانية. هذه العوامل الأربعة بشتى تداعياتها أمست تباعاً محل نظر متواصل في حوارنا الوطني، وهي لا تزال تتصدر الاهتمام في لزوميات التصويب والإصلاح.

الصفحات