رواية " العدم " ، تأليف جمال ضاهر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الرواية :
أنت هنا
قراءة كتاب العدم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
في الظل جلسوا يُردّدون أسماء الله همساً ويستغفرون ذنوباً لم ترتكبها نفوسهم بعد.
كان الصالح في العادة يجلس بين أتباعه أيّاماً تلو الأيّام، يصل النهار مع النهار يقصّ قصص الأقدمين يؤوِّل الرؤى وما أتاه من أحاديث، يكشف عن خطى الأولياء من قبله وعن مواضع أقدامهم في الطريق... حتى يبلغ الصمت حدّ كسره، ويسمع دبيب نمل لا غاية من سيره، فيغادر مكانه. غير أنّه اليوم لم يمض على وجوده بينهم بعض يوم، ولم يَسمع صوت الصمت يتكسّر ولا ضجيج النمل يسير.
«أخشى أن تكون الكلمات منّي»، قال يُحدّث نفسه، «أخشى أن أكون من صاغها ومن سكبها، وقد أكون من أوجد الصور وحدّدها...
وقد لا تكون منّي وليس من العليّ المعين.
كيف اليقين أنّها ليست من الرجيم؟
نظر إلى السماء يناجيها يطلب رحمتها ولطفها. أكملت الغيوم سيرها. والصقور بدأت تهبط تُحيط بالجيفة تنتف بقاياها.
عابساً قام الصالح يترك المكان، شارد الذهن يمشي لا يرى أين تقع قدماه، مطأطئاً رأسه لا يعي ما يدور حوله. ورائحة مطر لم يهطل بعد.