أنت هنا

قراءة كتاب العدم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العدم

العدم

رواية " العدم " ، تأليف جمال ضاهر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الرواية :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

استيقظ يرتعد يرتجف، جسده ينتفض والذعر يمسك بعينيه كأنّما روحه تحترق أمامه، جلس في سريره يمسك برجليه يضمّهما إلى صدره، يشدّهما حدّ الألم قدر استطاعته... حتى كاد يكسر عظامه. ارتخت أعضاؤه وأصابعه بدأت ترتعش، أسند رأسه وأغمض عينيه يستحضر منامه، يُردّده يقوله، يُحاول يُعيد ترتيبه كما جاءه، يَجمع تفاصيله. موضع فواصله. وقع أصوات الحروف فيه...

«على طبيعتها الحروف كانت»، همس الصالح يُؤكد لنفسه، «على طبيعتها كما أعرفها، وترتيبها كما في العادة يأتيني...

أم أنّه الوهم يمسكني؟».

قام من سريره، وقف ينظر حوله، سار إلى النافذة المُطلة على الشرق يرى الشمس تحتل الأفق أمامه.

رأى أتباعه يجلسون ينتظرون خروجه، والشمس لم تكن قد تكشّفت تماماً بعد.

«كيف أعلم»، تساءل يرتجف، «كيف اليقين؟

أجمعها الدلائل تقول إنّها الكلمات جاءت من الأزل، أجمعها تقول إنّها من الحقّ.

ولكنّها نفسي مليئة بالهواجس.

من أين السؤال وهذا الشك والقلق؟

والعتمة؟

تُرى هل فعلتُ ما يُغضب الأحد، هل أخطأتُ...؟

ولكنّي أبداً لم أسلك طريقاً غير الطريق المخطوط، أبداً لم أخطُ ولو خطوة مُفردة في الظُلمة.

أم أنّي غير مُدرك فعلتُ؟».

بدأ يتنقّل بين سريره ونافذته، يمشي ينظر ليس إلى الأفق ليس إلى الشمس، ليس إلى السرير ليس إلى جُدران الغُرفة. يمشي ينظر لا يرى خُطواته لا يسمعها، يردّد ما جاءه في منامه.

«والتيه، عندما يأتيكَ، يُرافقكَ يُزيل آثاركَ.

يُرافقك يُزيل آثارك.

يُزيل رائحتكَ منها.

ولا يعود شيء منكَ فيها.

ينثرها.

ينثرها.

ولا يعود شيء منكَ فيها...».

ثلاثة أيّام لم يُغادر الصالح غرفته، ثلاثة أيّام كان أتباعه في انتظاره. يجلسون دائرة مُكتملة. مُغلقة. صامتين لا يهمسون لا يتهامسون... ينتظرون حضوره.

ثلاثة أيّام بأكملها جلسوا حول البئر يصغون يترقّبون سماع خطواته يأتي، يرونه يسمعون ولو جملة مُفردة يتلفّظ مخارج حروفها.

ثلاثة أيّام.

الصفحات