كتاب " أما بعد " ، تأليف وليد الرجيب ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، أما بعد هي أول روا
قراءة كتاب أما بعد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لكن موسى مستحيل أن يكون عدواً، فهو علمني القراءة والكتابة بالعربية، وهو أساس ثقافتي، وأذكر في أول لقاء لنا سألني عن اسمي، فأجبته، فرسم خطوطاً بعصاً صغيرة على رمال الشاطئ الناعمة، فسألته:
- ما هذا الذي رسمته.
أجاب مبتسماً:
- يعقوب، اسمك هكذا يكتب.
ثم هجّاه:
- ياء عين قاف واو باء، يعقوب.
فسألته:
- وكيف تكتب اسمك؟
فخط شيئاً على الرمال، ثم قال:
- هذا اسمي.
فنظرت في وجهه عاجزاً، فقال:
- موسى، اسمي موسى.
قال ذلك وهو يشير بالعصا إلى الأحرف، سألته مستفسراً:
- أنت يهودي؟
رد قائلاً:
- أنا مسلم.
سألته مستغرباً:
- كيف تكون مسلماً واسمك موسى، وهو اسم نبي اليهود؟
فوضّح لي:
- سُمّيت موسى على اسم جدي.
وللتأكد سألت:
- وما اسم أبيك؟
أجاب:
- عيسى.
رفعت حاجبي مستغرباً وقلت:
- وعيسى نبي المسيحيين.
رفع كتفيه قائلاً:
- عادي.
من هنا بدأ الاقتراب الشعوري، والإحساس بأمان وألفة، هل بسبب اسمه؟ أم بسبب وداعته، أم بسبب شحوبه وضعفه وشكله الذي يستدعي التعاطف، كانت ياقة دشداشته أكبر من عنقه النحيف، وكان صوته منخفضاً، وابتسامته وديعة، سألني:
- ألا تعرف القراءة والكتابة؟
فأجبته:
- أعرف القراءة والكتابة بالعبرية.
ولما سألني مستفسراً:
- وما هي العبرية؟
قلت:
- لغة اليهود.
- أنت يهودي؟
- نعم.
سأل بالبراءة نفسها:
- لديك رب؟
- نعم.
- تصلي؟
- نعم.
- مثل صلاتنا؟
- لا أعرف كيف هي صلاتكم.