كتاب " بابا عمرو " ، تأليف مصطفى الصوفي .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب بابا عمرو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بابا عمرو
أحداث السهل الغربي لحمص
إجمالاً قرية باباعمرو تقع في السهل الغربي لمدينة حمص الذي يمتد من أسوار المدينة، وحتى ضفاف نهر العاصي، وهو يعد مدخل المدينة من جهة طريق طرابلس غرباً، ومن جهة باباعمرو القصير جنوباً، وهو سهل منبسط خصب حوله نهر العاصي، والساقية إلى بساتين شجرية مثمرة خضراء، ومناطق انتاج زراعي للخضر والفواكه والمحاصيل الزراعية الصناعية والغذائية المتنوعة.
لذلك شهد هذا السهل أحداثاً وتطورات مهمة خلال التاريخ القديم وصراع الأمم والحضارات السابقة للسيطرة على سورية، وعلى المنطقة الوسطى من سورية، وخاصة خلال الفتح الإسلامي لمدينة حمص.
ويدل تاريخ حمص القديم منذ نشوءها أن هناك عدداً من الأحداث، والمجريات الإقليمية والعالمية العامة أثرت في تطورها وتقدمها، والمناطق المحيطة بها أو العكس.
ففي الوقت الذي كانت فيه حضارة قطنا ( المشرفة ) وقادش ( تل النبي مند ) مزدهرة، وفي أوج قوتها كانت حمص عبارة عن تل صغير ليس له أهمية وشأن يذكر أوربما كان عبارة عن حامية عسكرية فقط .
ولكن مع اندثار حضارة قطنة وقادش بعد الغزو الحثي، وتخريب المدينتين في الألف الأول قبل الميلاد.
وبعد السيطرة الرومانية على مناطق الشرق العربي القديم ومنها سورية، وخلال القرن الأول الميلادي بدأت حمص تنمو وتتطور بسرعة، وتظهر على الساحة الدولية، وخاصة في عهد أسرة شمسي غرام، وظهور عبادة الشمس والحجر الأسود في المدينة، وبدأت تظهر وتتطور عمليات السكن حول التل ( قلعة حمص ) وبعد بناء السور الدفاعي عن المدينة في العصر الهلنستي، وحتى القرن الثاني الميلادي أصبحت المدينة مستقرة على شكلها النهائي داخل السور المعروف.
عند وصول الإمبراطور الروماني كاراكلا إلى الحكم في روما، وهو حمصي الأصل من ناحية أمه التي تزوجها القائد الروماني ( سيفروس ) بدأت حمص تلعب دوراً هاماً في المنطقة، واستمر هذا الدور حتى تولي ولده من بعده...
وقد فقدت حمص أهميتها السياسية بعد نشوء مملكة تدمر ثم عادد للعب دور ما بعد سقوط تدمر لتصبح مدينة حمص موقع استراتيجي هام لصد هجمات الفرس على الإمبراطورية الرومانية، واستمر هذا الوضع حتى الفتح الإسلامي.
وخلال تلك الحقبات التاريخية لعبت سهول حمص الغربية دوراً مهما في الصراعات الحربية، والغزوات الخارجية التي جرت في المنطقة، وقد شكل السهل مكاناً مناسباً لتجميع القوات وتجهيز الجيوش، وتعبئتها للقيام بالحملات والغزوات ومتابعتها إلى مناطق حمص الشرقية أو الشمالية أو كان مكاناً وموقعاً استراتيجياً لعسكرة الجيوش الغازية للمدينة، وحصار المدينة لفتحها وحدوث معارك طاحنة، وفاصلة بين الأطراف المتحاربة....
فالسهل يحده من الغرب نهر العاصي ثم الساقية في وقت متأخر، وهو كان يؤمن مياه الشرب للجيوش، وسقاية الخيول والدواب، ويعتبر النهر حاجزاً طبيعياً لحماية ظهر ومؤخرة الجيوش ومروج السهل مراعي جيدة للعسكرة ورعي الدواب والمواشي.
شهد السهل من مدينة حمص وحتى القصير، وعلى ضفاف النهر الشرقية معارك
وحروب طاحنة بين الحضارات المختلفة من المصريين والحثيين والكنعانييين والكلدان والفرس والرومان، وأخيراً المسلمين ...
فكان السهل الغربي مكان تعسكر الجيش الإسلامي، وقاعدة انطلاقهم لمحاصرة المدينة، وساحة المعركة الفاصلة بينهم وبين المدافعين، فيؤمن لهم السهل والعاصي موقعاً مناسباً للمناورة وشن الغارات والامداد والتموين...