كتاب " بابا عمرو " ، تأليف مصطفى الصوفي .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب بابا عمرو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بابا عمرو
وتشير الدراسات الأثرية أن السهل كان مزدهراً زراعياً يقطنه الفلاحون بكثرة في أيام الأمن والاستقرار، وقد أقاموا في أنحائه عدة حواضر صغيرة أهمها، وأقربها إلى المدينة قرية تسمى ( الخالدية ) نسبة إلى القائد الإسلامي العظيم خالد بن الوليد وتقع على بعد 3 كيلو متر شمال المدينة، وقرية تلبيسة على بعد سبعة كيلو متر..
وإلى غرب المدينة وجنوبها كانت قرية بابا عمرو على بعد خمسة كيلو متر، وكفر عايا وتل الشور، وربما غيرها زالت وبقيت أسماؤها فقط كخربة مرعي وهي أرض ما زالت تظهر فيها اللقي والقطع النقدية والفخارية.
ودلت التنقيبات في مناطق مختلفة حول حمص إلى وجود أثار السكن منذ العصر الهلنستي التي تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد.
وقد اكتسبت هذه الحواضر أهميتها الكبيرة بعد الفتح الإسلامي، فسكنها المسلمون الأوائل لاحقاً وعمروها، وبنو المساجد على أضرحة الصحابة الذين استشهدوا أيام الفتح منها جامع خالد بن الوليد وجامع عمرو بن معدي كرب الزبيدي وغيرهما...
ويروي الواقدي في فتوح الشام أخبار معارك الجيش الإسلامي لفتح حمص فيقول: أن أبو عبيدة بعد فتح بعلبك توجه إلى حمص للالتحاق بجيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، وعند موضع اسمه الزراعة وجه على مقدمة جيشه ميسرة بن مسروق العبسي ثم تلاه بضرار بن الأزور في خمسة آلاف، وبعده عمرو بن معد يكرب الزبيدي ثم قدم أبو عبيدة ببقية الجيش، ونزل فيه على النهر المقلوب ( العاصي ).
واجتمع الجيش في سهل حمص الغربي وراسلوا الرومان في المدينة، فرأ هؤلاء الدفاع عن مدينتهم.
عندها قسم أبو عبيدة عسكر المسلمين إلى أربع فرق الأولى بقيادة المرقال بن هشام بن عقبة بن أبي وقاص، ونزل على باب الرستن من جهة الشمال، وفرقة بقيادة يزيد بن أبي سفيان ونزل على باب الشام، وفرقة مع المسيب بن نجية الفزاري، فنزل على باب الجبل مما يلي الباب الصغير، ونزل أبو عبيدة وخالد بن الوليد على الباب الصغير ...
ونظرا لأهمية السهل الغربي للمدينة فقد أقام أهل المدينة من جهته ثلاثة أبواب، وهي باب القلعة ( الجبل ) كما سماه الواقدي نسبة إلى تل حمص وسمي تجاوزاً بالجبل تشبيهاً له لعدم وجود جبل في المنطقة جول حمص وسمي لاحقا باب التركمان ، وباب هود ( الباب الصغير ) ثم الباب المسدود.
وطالت مدة الحصار على المدينة واشتدت المعارك وكثر القتل من الجانبين، ولم يتزحزح الرومان عن مواقعهم قيد أنملة، فلجأ المسلمون إلى الحيلة، فاستشار أبو عبيدة المسلمون في الحل، فوقف رجل من سادة خثعم سديد الرأي فقال أبو عبيدة " قل ما عندك يا أبا عمرو فأنت عندنا ناصح للمسلمين " فأشار عليه أبا عمرو أن يعرض على أهل حمص أن يعطوهم ميرة خمسة أيام من الزاد والعلوفة، فيرحلوا عنهم إلى مدينة أخرى، ويشتروا منهم الزاد والعلوفة بأسعار مغرية حتى تقل مونتهم، فلا يبقى عندهم ما يقوون به على الحصار ...
وكان ذلك فوافق أهل حمص على هذا الشرط ثم أمر أبو عبيدة أن يشتري الجند الزاد والعلوفة مقابل ما غنموه من البسط والخيم والطنافس، ومما ثقل وزنه وزاد حمله وأتعب الدواب بثلث الثمن والقيمة، ليطمعوا أهل حمص فيه، فاستمرت عملية التبادل والبيع ثلاثة أيام...
ورحل المسلمون إلى الرستن وشيزر ففتحوهما ثم عادوا مسرعين، وفرضوا الحصار على حمص، فلم يقووا عليه فخرج جيش الروم والتقى معهم المسلمون في السهل الغربي، وجرت معركة عظيمة، واستدرج المسلمون الروم بعيداً عن الأسوار وأبواب المدينة، فانهزم المسلمون أمامهم كأنهم يطلبون الزراعة وجوسية، وطمع الرومان فيهم ولحقوا بهم، فعزلهم المسلمون عن المدينة، وانتهت المعركة بسحق جيش الرومان وتم فتح المدينة ...
طبعا كانت تلك البداية أيضاً فقد شهدت المدينة حروباً كثيرة أيام الخلافة الأموية
ثم العباسية ثم أيام الحكم الحمداني والأيوبي والمملوكي ثم الصليبي، وحروب نور الدين الزنكي وصلاح الدين، والمماليك إلى أيام الحكم العثماني ومحمد علي باشا وابنه إبراهيم ثم حروب العرب والعثمانيين ....
لتكون في هذه الفترة معالم مدينة حمص والمناطق المحيطة بها قد أصبحت واضحة ومستكملة الوجود، وبدأ ذكرها يظهر في المراجع التاريخية والصور والوثائق المكتوبة منذ المرحلة الأخيرة للحكم العثماني التركي لسورية أي نهاية القرن الثامن عشر الميلادي...
وحتى لاتنسى ذاكرتنا المشوشة المعالم التاريخية لباباعمرو كان لابد من تحقيق، وانجاز هذا المؤلف التاريخي الوثائقي عن قرية وحي باباعمرو في التاريخ، وتسجيلها وحفظها في سلسلة مؤلفات سيكون بدايتها هذا المؤلف عن تسمية باباعمرو بهذا الاسم، وارتباطه بالصحابي العظيم عمرو بن معدي كرب الزبيدي، وحقيقة وجود ضريحه في باباعمرو وعلاقة جامع باباعمرو بهذا التاريخ والوجود متمنيا من الله سبحانه وتعالى أن يكون في عوني وتوفيقي لانجاز هذه المؤلفات بالشكل والمضمون الذي يليق بباعمرو التي سميت يوماً ما بؤرة الثورة السورية.