قراءة كتاب المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة )

كتاب " المسافة صفر ( اشتباكات الرواية والحياة ) " ، تأليف هيا صالح ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

إن ما دافع عنه بطلُ الرواية «عماد»، وضحّى من أجله بسنوات شبابه وراء القضبان، هو نفسه الذي أخرج الشعوب عن صمتها لتطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة. وهذا الدفاع؛ دفاع «عماد» عمّا يؤمن به، ودفاع الشعوب عن حقوقها، يمثل المحور الذي تضيئه الرواية وتدور في فلكه.

تبدأ الرواية في تأمُّل «عماد» المساجينَ وهم يتجمهرون عند الشَّبَك الداخلي للسّاحة، بينما يتم «تسجيله نزيلاً موقوفاً على ذِمّة المخابرات» (ص7)، وعلى غير المتوقَّع في مثل هذا الموقف، فإن ذاكرة «عماد» تسترجع في تلك اللحظة خيمة السيرك التي ألهمته بألوانها المتعدّدة رسوماتٍ نالت إعجاب معلميه، وفيلماً هندياً حضره في السينما مع ابن عمه «عسّاف»، وهنا يبدو مشهد السُّجناء داخل القضبان الذي كان رآه حينها مشهداً درامياً يصلح للفرجة وحسْب، لذا فإنه يتذكّر أيضاً أنّه عندما كان يمرُّ من أمام السّجن الرمادي في طريقه إلى المدرسة يتخيّل «كائنات متمردة خلف القضبان تزمجر محاوِلةً أن تكسر أقفاصها، أو تقبع في الزوايا متظاهرة بالانصياع فيما تفكر بالهرب» (ص8).

هذا الخيال الدرامي ظلّ بمثابة الرفيق الدائم لـ«عماد»، وهو الذي سانده ليتحمّل -بعد أن صار سجيناً- أشكال التعذيب والإهانة على اختلافها، من دون أن يستسلم، وهو الذي تعلّق خلاصُه بتوقيعٍ على ورقة يقول مضمونها: «أنا الموقّع أدناه، أستنكر الحزب الشيوعي الهدّام، وأعلن ولائي وإخلاصي لجلالة الملك المفدى ولحكومته الرشيدة» (ص16). هذا التوقيع يظلّ يراود البطلَ عن حلمه كلما اشتدت به ضائقة السجن، لكنه يتراجع متمترساً بما آمن به وما ناضل من أجله؛ كما كان يلجأ إلى الرسم لما فيه من فسحةٍ للتأمل؛ يرسم رفاقه خارج السجن، ويرسم نفسه ذئباً برأس حمار: «قلب جري ورأس حمار حرون» (ص132).

وكثيراً ما كان «عماد» يواجه سؤال السجن، ويحاول أن يفهم السرّ الذي يمنعه من توقيع الورقة، ويدفعه لقول «لا»، والبحث عن معنى «الجرأة»: «ماذا يبقى مني إذا سُلبت الحق بقول (لا).

الحرية هي أن يكون لنا الحق بقول (لا)..

لا؛ خصبة..

نعم؛ سهلة. خانعة. قاحلة..

لا؛ مفتاح الحرية..

لا شيء يهب الجرأة كنسيم الحرية» (ص100).

كان «عماد» تعرّف على الحزب خلال دراسته الجامعية، وبدأ نشاطه في تأسيس اتحاد طلبة الجامعة. وجد في الحزب مثقفين يناقشونه في البنيوية والوجودية، ويختلف معهم حول السبيل إلى الوحدة العربية، وحول تعريف «الاشتراكية»، وفي خضم ذلك عرفَ دفء الانتماء لنخبةٍ ألّفها، وعرف لذّةَ الاختلاف والتغريد خارج السرب: «ما ذلك السر الذي كان يجمع زملاءه الطلاب للتظاهر من أجل.. أو دفاعاً عن.. ويجمع المساجين من حوله بانبهار متبادَل!

الصفحات