أنت هنا

قراءة كتاب حبة قمح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حبة قمح

حبة قمح

كتاب " حبة قمح " ، تأليف هاشم غرايبة ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
منذ الأزل كان الأمر هكذا..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

وقفَت ملِكتنا، قطعَت دفْق سُباتي الآسِر، وصدَح بوقها باللّحن المكرّر أبداً، ثم قالت: يا من وقع عليكن الاختيار للمهمة الخطيرة.. أيتها الملكات الصغيرات أيتها الأمهات العظيمات اعلَمْن أنَّ الذات المنتجة لا تراودها سوى رغبة واحدة: اختفاء بديع ومبدع تحاول خلاله اختزال العالم تحت قشرتها، وصيانة سِرّ الحياة في سرّتها، إنه اختفاء النضج.. المرحلة الأخيرة بالوعي بالدور الذي خُلقنا من أجله نختفي ونحاول أن ننسج كمال صورتنا بحرصٍ، ليستمر نوعنا ويسمو جنسنا.

من يستطيع أن يوقف عجلة الحياة إذا شاء لها القدر أن تدور؟ الآن هذه اللحظة بالذات لحظة انسكب في عروقي أوّل كمّ من عصير النضج، لحظة اختلاط شرنقتي الطفولية الخضراء بأردية النضج الذهبية سمعت صدى نداء غامض كأنه صوتي: «لست مسؤولة عن كمال هذا العالم».. استطعت أن أطلّ برأسي خارج الشرنقة، أدرْت ظهري إلى صدر مرضعتي ونظرت إلى الأفق.. شعرت بسعادة غامرة وأنا أستقبل رشقةً من ضوء الصبح، لم أكن خائفة بل مرتبكة..

لم يعد ذلك الطفل راغباً في أن يرى ما خلف أمِّهِ، منسحباً من مشهد الحياة الذي ترسّخ ماضياً.. صار شغوفاً بمواجهة ما هو أمامه.

ها هو أمامي...

سبق أن قلت: لا معنى للتذكير أو التأنيث في عالمي.

الآن فقط رأيته.

الآن رآني.

نظر مباشرةً إليّ فابتسمت.

قلت: «أيها الطائر إنك وسيم، ما اسمك؟».

قال: «اسمي الهدهد، وأنت ما اسمك؟».

قلت: «حبّة قمح».

ضحك الطائر.. وقال: «عليك السلام».

قلت: «إلى أين أنت طائر؟».

قال: «إلى حيث تحملني الريح».

قلت: «خذني معك».

قال: «إلى أين؟».

قلت: «لا أدري... خذني معك.. أحب أن تحملني الريح.. مللتُ رائحة التراب».

الصفحات