كتاب " حبة قمح " ، تأليف هاشم غرايبة ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
منذ الأزل كان الأمر هكذا..
أنت هنا
قراءة كتاب حبة قمح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

حبة قمح
قَرَّبَ رأسه مني وهمس: «سأحملك».
انتعشت برائحة هواء طري وضوء مبلل، تأججت روحي وقلت بلهفة: «ليكن».
قال الهدهد: «ما ألذّ رائحتك!... تراب وطفولة».
طربتُ لصوته وأخذت برائحة الريح والشمس، انتشيت وتململتُ مستشعرة ضيق بيتي.
هسهسَتْ الأردية الخضراء والذهبية من حولي بحفيفها المنتظر.
قال الهدهد: «يا للموسيقى!».
قلت: «ما أوسع الفضاء!».
قال بصوت قويّ: «أحبك».
همستُ في سرّي: «يا لجرأته»، وكدتُ أنفرط مبتعدةً عن صدر أُمِّنا السّنبلة.
يا لعنف دقات قلبي.. ها نحن نطير معاً.
غنّى الطائر: «أنا للريح والشمس. لي حبّة القمح، واللحظة العابرة».
رماني منقاره إلى الفضاء.
يا لروعة الزمن الذي طرتُ به في الفضاء!
تلقّفني لسانه الصغير. غابت زرقة السماء... حاولتُ الخروج..
غصّ الهدهد. تخبَّطَ.. مالَ مستسلماً للريح، وهبط.
مرارة وحلاوة.. حلاوة ومرارة.
أنا والهدهد والريح والشمس مُعَفَّرُون بالتراب، ونرقص؛ تاركين بقعةً ملوّنة على هذه الأرض التي تشي بوهمِ الخلود، ولا تفوح منها إلا رائحةُ الموت.

