كتاب " رسائل حب بالأبيض والأسود " ، تأليف طلال زينل سعيد ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنش
أنت هنا
قراءة كتاب رسائل حب بالأبيض والأسود
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عبد الوهاب البياتيّ
حدث في نهاية ربيع عام 1990 أن زار البياتيّ مدينة الموصل بدعوة من اتحاد أدباء نينوى، كنت وقتها طالباً في مرحلة الدكتوراه وحيث عقد البياتيّ أول ندوة له في قاعة الجامعة الكبرى، دخلت القاعة الممتلئة بالحضور الجامعيّ طلبة وأساتذة، وما أن دخلت القاعة التي كان يدير الجلسة فيها الناقد ماجد السامرائي حتى دُعيت على نحو مفاجئ لاعتلاء المنصّة بطلب شخصيّ من البياتيّ، وحين اعتليت المنصّة أخبرني الدكتور نجمان ياسين الذي كان على المنصة أيضاً أنّ البياتيّ منذ أن وصل الموصل سأل عني مباشرة، وتحدّثت وقتها في الجلسة عن علاقتي بشعره في وقت مبكّر من حياتي مع القراءة والكتابة، وبعد هذه الجلسة أمضيت أوقاتاً جيدة مع البياتي طيلة الأسبوع الذي قضّاه في الموصل.
بعد أن انتهت أيامه الثرية في الموصل ضيفاً مميزاً على اتحاد أدباء نينوى عاد إلى بغداد حيث يعيش مدة زيارته إلى العراق في منـزل ابنه (عليّ) الضابط في الجيش العراقيّ، وكنت أخبرته أنني سأسافر بعد أيام إلى القاهرة موفداً من جامعة الموصل لاستكمال متطلبات شهادة الدكتوراه التي أعمل عليها، وطلب مني حينها أن أتصل به على هاتف منـزل ابنه كي نلتقي قبل سفري، واتصلت به فعلاً واتفقنا على اللقاء في كافتريا فندق الشيراتون السابعة مساءً يوم 3/6/1990، وحين دلفت إلى الكافتريا في الموعد المحدد وجدته بصحبة الدكتور نـزار الحديثي الذي ما لبث أن غادر، وبعد أن احتسينا القهوة معاً بدأت رحلتنا في شوارع بغداد وحاناتها حتى الرابعة من فجر اليوم التالي، بعد أن تأكد من أنني قادر على مجاراته في السهر والتجوّل على هذا النحو.
طفنا معاً في الكثير من حانات بغداد الصيفية وصادفنا في إحداها الشاعر رشدي العامل الذي احتفى بنا وضيّفنا، كان ليل بغداد في ذلك الحين جميلاً وصافياً ورائقاً وقد استغللت ذلك لأسأل البياتيّ عن الكثير مما كان يشغل بالي عن الشعر، وعنه، وعن كلّ شيء، وكان هو كريماً معي في رحابة ومحبة عالية ربما فوجئت بها.
لم يكن سؤاله عني حين وصل الموصل من باب المصادفة، بل كنت قبل أيام من هذا التاريخ قد نشرت ردّاً عليه في مجلة (ألف باء) التي كانت نشرت معه مقابلة لمناسبة زيارته للعراق، ومن ضمن ما قاله في هذا اللقاء إنه لا يوجد نقّاد في العراق سوى محمد مبارك وطراد الكبيسي، فكتبت ردّاً حاورت فيه البياتيّ في هذه القضية بالذات وقلت مخاطباً إياه إنّ النقد العراقيّ بأسمائه الشابّة حقّق منجزات كبيرة ربما لم يطّلع عليها، وبمجرد أن جلست بجانبه على المنصّة أشار إلى أنه اطّلع على ردّي في المجلة، وأنه لا يقصد بكلامه النقاد الجدد بل الجيل السابق عليه، وأبدى إعجابه الكبير بما أكتب، وأخبرني أنه قبل سنتين تقريباً وصله من أحد أصدقائه وهو في أسبانيا مقالاً لي أعجبه جداً كنت نشرته عن قصيدته ((المعجزة))، وظلّ اسمي عالقاً في ذهنه حتى قرأ مقالي الآنف الذكر في (ألف باء) فكان حريصاً على اللقاء بـي في الموصل حين زارها، وربما كانت جسراً لما لمسته منه من اهتمام بـي وحرص على إبقائي قريباً منه.