كتاب " الشجرة النادرة " ، تأليف مرام شهاب ، والذي صدر عن دار الجندي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب الشجرة النادرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الشجرة النادرة
(2)
لا زالت القطعة النقدية بكف يد داني تعكس له فكره لامعه بصور إيجابية عن شيء فريد من نوعه له قيمته، لكن الإجابة غير المتوقعة من والده جعلت داني يمشي ويفكر حتى أصبح مبتعداً عن المنزل، وهو يبني حول القطعة مفاهيم عديدة، فمنذ أن وجدها رتب فور وجودها مجموعة مفاهيم متنوعة في مخيلته، وبعد أن قطع داني مسافةً طويلةً وشعر بالتعب جلس يستريح، فوجد على جانب الطريق رجلاً عجوزاً يحمل بيده شتله ليغرسها بالأرض، وبيده الأخرى مجرفة عتيقة من الخشب يحفر فيها، فراقب داني ما يقوم به الرجل المسن العجوز، واقترب منه وألقى عليه التحية. استغرب الرجل العجوز وجود طفل صغير بمنطقة جبلية بعيدةٍ عن منازل القرية، فقال له: ماذا تفعل هنا أيها الصغير؟
فأخبره داني بما حصل، قائلاً: وجدت في يدك غرضاً وفي يدي غرضاً، لكن الغرض بيدك يبدو أن له قيمة، أما الغرض الذي بيدي فقد أخبرني والدي أن لا قيمة له، فما رأيك أن ازرع هذا الفرنك بقرب هذه الشتلة؟ فضحك الرجل العجوز مبتهجاً مِنْ حديث الصغير، وقال له: أوافقك على شرط أن تأتي كل يوم كي تسقي الفرنك، فوافق داني على ذلك دون أن يفكر بالطريق البعيدة والمسافة التي سيقطعها كل يوم، فأصبح لديه وعد صغير يلتزم به، ورأى الرجل العجوز أن يستغل فكرة الفرنك. فقد التقط الفكرة واستخدم هذه الفكرة، وهي الفرنك ليُحقق الرؤيا, دون أن يحدد لها مدةٌ زمنية، فجعل الفكرة تنمو بالرؤيا التي تحيطها طريقة، فالطريقة مُؤسس لها بشكل صحيح.
وجعل من الفرنك حجر الأساس في بناء أول جسر فكري عقائدي اجتماعي ومالي في إقامة وطن لا يملكه، وسلبه من شعب متسامح يملكه. ووظّف كل هذه العناصر في خدمة ودعم المشروع للمستقبل، فالفكرة التي أصبحت قيد التحقيق في نظر العجوز ولا يمكن تطويرها وتحقيقها والوصول لترى النور على ارض الواقع إلا بالعمل. لأن الأهداف تتحقق من تلقاء نفسها من خلال العمل والإنجاز، وكل هذا قائم على الطريقة الصحيحة القائمة على العمل الموحد والمشترك الجماعي، فقد تمثل الهدف الأول الذي سيتحقق من خلال الطريقة التي أوجدها الرجل العجوز في بناء شخصية داني الذي غرس العجوز في روحه حب الفكر والتعلق بالأرض، وهذا يحتاج لهدف ثان مرتبط به، يتمثل في إيجاد شخصية قيادية مهمة يحتاجها الطفل بعدما تنمو وتبرز شخصيته لتكون هذه الشخصية في خدمة المجموعة، إلى جانب ضم الرجل الحكيم ليكون شريكا معهم بعمل موحد, لتضمن للمجموعة بقاء تواجدهم في نفس الأرض بنفس المكان بنفس روح الانتماء، فتحقق بذلك سلامتهم وأمنهم. والهدف الأكبر والأخير إقامة دولة. والرجل العجوز أدرك بحنكته وخبرته أن داني مستقبلا سيحصل على تلك الشخصية القيادية التي تمكنه من بناء ما يخطط له.