كتاب " نجمة " ، تأليف كاتب ياسين ، ترجمة السعيد بوطاجين ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
قراءة كتاب نجمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نجمة
- من منكم ضرب السيد إرنست؟
- أنا. أجاب لخضر بعفوية زعيم قديم.
- أحسنت يا أخ، سأزيدك إن أردت عشرين فرنكا مقابل السكين.
- اتركها. ما يذهب إلى جيبك يذهب إلى جيوبنا.
اصطدموا بسكير عند الخروج من المقهى الشعبـي. صاح رشيد:
- ها هو صاحبنا لخضر الذي صفى حساباته مع السيد إرنست. أحضر ثلاث زجاجات.
- شربوا في المرقد الجماعي إلى غاية الصبح، وفي السادسة ذهبوا إلى الورشة من دون لخضر.
وإذ لاحظ السيد إرنست الضربات الأولى للمعول، بدا أنه استعاد أسمى العواطف، وراح يسأل بنبرة هادئة، بعد اختفاء قناع الرعب المقطب عن الجبهة المضمدة:
- أين لخضر؟
- لا أدري. أجاب مصطفى مكشرا.
- بإمكانه أن يرجع، لم أرفع دعوى.
تابع العمال حديثا متقطعا أثناء هياجهما. كانوا يتساءلون عما إذا كان رئيس الفريق بصدد إعداد فخ.
- ليست هذه المرة الأولى التي يضرب فيها عامل رئيس فرقة.
- من المحتمل أن يكون السيد إرنست من النوع الذي ينصاع مرغما.
رأى أمزيان بأنه من المستحسن أن يرجع لخضر.
- إن كان فخا فنحن هنا.
- حذار من السقوط. همس مصطفى.
وصلت الفتاة في الساعة الحادية عشرة حاملة قفتها، يا الله يا كريم. حيويتها تسبب الشلل...
- اسمها سوزي. اسم فنانة!
كان السيد إرنست ينفث فرشاته.
لم يكن العمال متأكدين من أن الأكل منفردا هو الذي يزعجه على الدوام في وقت الوجبة. يبدو أن مراد هو الذي بوجه خاص هيجه هذه المرة، لأنه ظل يطارده بنظراته.
الرجال يحفرون، يخبون، يتلكأون، كأن الضغط العام يبذل قصارى جهده لإقامة حاجز ضد الصمت المتوعد لرئيس الفريق.
ابتسمت سوزي، وهذه الابتسامة الحيوية كانت قادرة بمفردها على أن تشعرك بقدوم العاصفة، رغم أنها اجتهدت كي لا تركز على أي عامل.
اختلفت وجبة الرئيس عما كانت عليه البارحة. إنه يمضغ، يدمدم بشيء ما باتجاه سوزي. لقد تجمدت البسمة، إنها تنظر إلى قدميها. تنكشف السماء، وتنتعش الأجساد في ثغرات الشمس، تطقطق الأعضاء، تكنس العيون الجديدة الورشة. كان أمزيان، في هذه الأثناء، يحتفظ بدلائل الاحتقار الدفين وهو يدمدم بالقبائلية. قصد أصدقاؤه بأنه مستعد لارتكاب حماقة.
- اسمع ... أنت.
ترك مراد ذراع النقالة تسقط دون أن يرفع عينيه.
- رافق ابنتي إلى البيت، هناك حطب للنشر.
ابتعد مراد بخطى سريعة، ولم تكن سوزي، كما يبدو، مستعدة أبدا للمشي معه. كانت تتعقبه من بعيد وتتباطأ كلما تظاهر بالالتفات.