كتاب " نجمة " ، تأليف كاتب ياسين ، ترجمة السعيد بوطاجين ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
قراءة كتاب نجمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نجمة
2
في السابعة كان السيد ريكارد أمام مقود حافلته التي تسع ثلاثة وثلاثين راكبا. ستون بائسا كانوا جالسين في ضباب من الدخان. ولأن الجميع كان يعرف من هو السيد ريكارد، فلا أحد من المسافرين كان يكلمه. والواقع أنهم كانوا يشتمونه بغلظة أثناء السفر، وبصوت خفيض. لكنهم لا يحدثونه. طلب السيد ريكارد سيجارة بعد لحظات من الصمت، وكأن شيئا لم يكن. ولأنه لا يتوجه بالحديث إلى أي عربـي تحديدا، فقد ظل كل واحد مطرق الرأس. والواقع أنه يوجد في الحافلة، على الدوام، إنسان ساذجأو ثري يناوله علبة السجائر، الأمر الذي يغرق المسافرين في حقد دفين.
تناول السيد ريكارد السيجارة. إنه يضحك وقد طفق يدخن بتلذذ، مسترقا السمع مرتشفا الشتائم. هل هناك شيء آخر يسخط المسافرين أكثر؟ أعواد الثقاب تقرقع من كل الجهات، وكان البؤساء يحرقون أعقاب السجائر الأخيرة في جحيم أبدي.
على أبواب عنابة ترك السيد ريكارد السائقين يتجاوزونه وهو يحيي رجال الشرطة. لم يعد ذلك الشخص الذي ظل يعبر القرية من قبل ك مثل الإعصار.
المدينة تقمع السيد ريكارد الذي لا يجرؤ على النظر إلى الواجهات. ثمة فكرة واحدة من الآن فصاعدا: الجلوس في الحانة الفاخرة حيث لا يعرف أحدا. النادلة طيبة. ثماني عشرة سنة. تلفظت بجملة ذات شفرة مزدوجة: "السيد ريكارد. متى سيكون زواجك؟"
كاد أن ينقلب على بعد صوتين من المدينة. "هذه القذرة تظن أنه ليس بإمكاني العثور على امرأة، الخرافة التي يتداولها اليهود والعرب. هم يعرفون بأني تزوجت قبل أن يولدوا، وبالمراسلة أيضا، الشيء الذي لا يمكن أن يتخيلوه...". نـزع بضيق كبير قباعته المسمرة على طاولة، وبانفعال الراغب في ضربات عنيفة. وإذ رأت الخادمة الحنق يسحق سيدها اختبأت في الزريبة. لقد هجرها النوم منذ سنين، مثل الأبقار التي تقضي الليل في إزعاجها بحضورها الشبحي. وأبصرت من خلال البوابة الخربة سيدها يغادر الطاولة. توجه السيد ريكارد رأسا شطر الحانة الحديثة التي لم تطأها قدماه منذ مسابقة المانيل[1]. كانت ربة العمل مختبئة في المكتب، وكان السيد إرنست وحيدا في القاعة. كان رئيس الفرقة، يدعي لنفسه، في الأوقات العادية، شرف عدم توجيه دعوة للمقاول. بيد أنه، كما يبدو للعيان، أن السيد ريكارد قدم خصيصا لرؤية السيد إرنست.
- هل نشرب شيئا؟