أنت هنا

قراءة كتاب الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

كتاب " الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي " ، تأليف د. شاكر شاهين ، والذي صدر عن منشورات ضفاف.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 9

تحليل السلطة الرمزية

لنعد الى بورديو الذي انهمك في خطاطته عن السلطة الرمزية ليفكك ما عليه المجتمع من تناقضات ملتبسة ومعقدة بسبب الرمز الذي يلبس طاقية الإخفاء. الإشكالية التي طرحها بورديو تتلخص بالسؤال التالي: "كيف نكشف عن السلطة وبالضبط حيث تبدو اقل ظهوراً وحين لا يؤبه بها مطلقاً، أي حين يُعترف بها" (بورديو: الرمز والسلطة، 52).

عند تحليل السؤال الى عناصره الأولية نجدها ثلاثة: السلطة، خفاء السلطة أو رمزيتها، الاعتراف بها أو الشرعنة. وإذا ما حللنا السلطة اجتماعياً نجدها تأخذ نسقاً مغايراً للمفهوم السياسي. تذهب بعض التأملات في السلطة مثل تأملات حنة ارندت وتالكوت بارسونـز الى استبعاد العنف المباشر عن مطياف السلطة كونها "تنطوي على تأسيس نوع من المرجعية الاجتماعية يظل يشارك فيها هؤلاء الذين يتعرضون للسلطة بوصفهم وسيطاً للتبادل نحو أهداف ووسائل جمعية، وبين قطبـي الإكراه الجسدي الشامل و(على النهاية الأخرى) التوافق المتخذ بحرية، تمتد السلطة بدرجات كثيرة: القمع، الاضطهاد، الإلزام، القسر، حكم القانون، التأثير، التحفيز، استغلال المكانة، التفاوض، الإغراء، الرضوخ البراغماتي..الخ، وحيث يقصي بعضهم التوافق عن مطياف السلطة، يشير آخرون أن التوافق نادراً ما يكون غير قسري بل يمثل بدلاً من ذلك الوجه الخفي الخبيث الماكر للسلطة" (طوني بينيت واخرون: مفاتيح اصطلاحية جديدة، 388).

يعكس المفهوم السياسي للسلطة التصورات الشعبية في كونه يمثل الصعود الى القمة والجلوس على "الكرسي". ما يفهمه الناس من أن فلاناً صاحب سلطة هو فهم اجتماعي مألوف ومُبتذل. يركز هذا الفهم على الشكل الطغياني الذي يأخذ أُفقاً دموياً أو عدوانياً: الظلم، التعذيب، الاستغلال، الكسب غير المشروع، القمع،...لكن بورديو وما ورثه من تراث فلسفي وسوسيولوجي يؤكد على وجوه متوارية من السلطة لا تقل تأثيراً ان لم تتفوق في تأثيرها على مفهوم السلطة القمعي. وإذا ما استعملنا الأسلوب الفقهي، فان السلطة الرمزية تعمل بأسلوب "التورية" فتُري وجهاً وتخفي وجهاً آخر. والوجه الخفي محتال وماكر في اغلب الأحيان. يذكر بورديو بهذا الشأن: إن السلطة الرمزية هي سلطة لا مرئية ولا يمكن ان تمارس إلا بتواطؤ أولئك الذين يأبون الاعتراف بانهم يخضعون لها بل ويمارسونها (الرمز والسلطة: 52).

الإضافة التي طرحها بورديو حول مفهوم الدولة هي ليس بكونها جهازاً يحتكر الاستخدام الشرعي للعنف الفيزيائي وحسب، بل الاستخدام غير الشرعي للعنف الرمزي. الأول يكون مقنناً ويحظى باعتراف الناخبين والجهات السياسية- أو أهل الحل والعقد- التي منحت الدولة فرصة الوجود/الشرعية. غير أن العنف الرمزي لا يمكن للدولة ان تعترف بممارسته لكونه غير مرئي، وانه يتم بموافقة "أو تواطؤ" الخاضعين لها.

فهو يتمثل "بالضغط أو القسر أو التأثير الذي تمارسه الدولة على الأفراد والجماعات بالتواطؤ منهم. ويبرز بشكل جلي في التعليم الذي يمارسه النظام المدرسي لجهة الاعتقاد ببديهيات النظام السياسي أو لجهة إدخال علاقة السلطة الى النفوس كعلاقة طبيعية من وجهة نظر الـمُهيمِنين بهدف إخفاء مصالحهم، فانه معترف به من قبل الـمُهيمَن عليهم كأمر طبيعي نظراً للخلط الذين يقومون به بين القسر والرضى والقسر الخارجي والدافع الداخلي" (علي سالم: البناء على بورديو، 147).

ما دام العنف الرمزي معترفاً به من قبل الـمُهيمَن عليهم فانه سيعطي الحافز لاستمراريته من قبل الـمُهيمِنين. وتتوسع أشكال العنف الرمزي في العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة أو بين الرجل والمرأة وتظل مرتبطة بشكل اساسي بممارسات الدولة (ن.م: 147).

الصفحات