أنت هنا

قراءة كتاب الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي

كتاب " الاستبداد الرمزي : الدين والدولة في التأويل السيميائي " ، تأليف د. شاكر شاهين ، والذي صدر عن منشورات ضفاف.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 7

الدور والمركز

المركز أو الموضع status حسب علم الاجتماع هو الموقع الذي يحتله الفرد ضمن جماعته ويترتب عليه سلوك يتطابق معه يسمى الدور role. في حالة عدم التطابق تقوم الجماعة بوصم أو إقصاء الفرد منها. يذكر علماء الاجتماع خصائص تميز الوضع الاجتماعي مثل السن والجنس والوظيفة. هذه الخصائص لا تساهم فقط في صنع الصورة التي تتكون لدى الآخرين عن الفرد، وإنما تؤثر كذلك على الطريقة التي يتحمل فيها بعض الأدوار حيث تكون مقترنة بالخصائص المذكورة. ويتسع تعريف الوضع ليتصف بأنه جملة من الموارد الواقعية أو الكامنة التي يسمح امتلاكها من قبل فاعل معين بتفسير أدوارها أو لعبها وفقاً لتعديلات مبتكرة الى حدٍ ما. فالوضع الاجتماعي ليس فقط مورداً بالنسبة للفاعل في ممارسة أدواره، إنّما هو كذلك جزاء الطريقة التي يتحمل بها دوره (بودون وبوريكو: المعجم النقدي لعلم الاجتماع، 594).

عادة ما تقوم تصورات الناس بإعطاء مركز ما أهمية أكثر من باقي المراكز، نرى ذلك بوضوح في المناصب الإدارية والسياسية والمهن الطبية والهندسية ورجال القضاء والأساتذة الجامعيين، إذ ترتفع منـزلة الشخص عندما يحتل موقعاً مهماً.

إن أهمية المركز ومن ثم علو منـزلة الفرد الفاعل لم يتم تحصيلها من ذات المركز أو الشخص، بل من الأهمية التي يضفيها الناس إليهما. ومع أن السلطة الرمزية تتوقف على اعتراف الناس وتقديرهم للفرد فإنهم بالمقابل يسحبون اعترافهم عند تغير أحوال صاحب السلطة.

في المجتمعات التقليدية كالعراق تحتل العناصر المظهرية للرجل على ثقل رمزي: "قيافة جميلة، سيارة فارهة، حقيبة، نظارة سوداء، يرافقه حرس أو رجل يرتدي مثل زيه..." ويُنظر الى صاحب مثل هذا المظهر الأنيق بتوجس ومهابة أو بفضول واستغراب. بعض الناس من ذوي التفكير الساذج يصفونه بصاحب شخصية قوية دون أن يضمنوا شخصيته الحقيقية، وقد يكون مجرماً سفاحاً ويجهلون ذلك، وإذا ما عرفوا حقيقته ندموا على تقييمهم له. فالمظهر الخارجي رمز لسلطته أو لرأسماله الاقتصادي. أما إذا شاهدوا شخصاً رثّ الثياب له ملامح مألوفة ومظهر بسيط فسوف يحتقرونه أو لا يبالون بوجوده، وربما يكون من اكبر الأدمغة في العلم أو الثقافة لكنهم لا يعلمون عن أحواله شيئا[4].

المجتمع هو الذي يصنع السلطة ويهبها للفرد. فعندما يعمل الطبيب بين جماعة سليمة من الناحية الصحية ستضمر أهميته وشهرته، لكن مركزه الاجتماعي سيرتفع في مجتمع تزداد فيه نسبة المرضى. يمكن القياس على مهن أخرى لا تقل أهمية بنظر الجماعات. بعد 2003 مثلاً أصبح لرجل السياسة في العراق منـزلة رفيعة في وقت لم يكن يتمتع بهذه المنـزلة من قبل. فله الآن دور معروف في البرلمان والحكومة بينما كان سابقاً له مركز بدون أي دور يذكر بسبب سياسات الحزب الواحد.

عندما يرتفع صاحب المنـزلة بفضل الناس فانه يتعامل معهم بشكل عمودي فوقي متناسياً مساهمتهم في علو منـزلته. إن مثل هذا التعامل الذي يصطنع مسافة بين الفرد والجماعة أو بين الجماعة وجماعة أخرى هو سلطة رمزية تستخدم لإشباع الرغبة الملحة في الهيمنة والتفرد. والتفرد إذا ما أتيح له الفرصة يتحول الى استبداد رمزي أو سياسي كما سنبحث.

الصفحات