أنت هنا

قراءة كتاب مدار الكتابة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدار الكتابة

مدار الكتابة

كتاب " مدار الكتابة " ، تأليف محمد بن ابراهيم الدبيسي ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

الحركةُ الشعريةُ في القرنين الثاني عشر، والثالث عشر الهجريين (لمحةٌ تاريخية)

في علاقة الشعرية، بوصفها مفهوماً جمالياً، بشكلها التعبيري المتمثِّل في النص الشعري، ما يكشف للمتلقي مكوِّنات التجربة ومدى اتسامها بالعمق، وانطلاقها من مكوِّناتها البيئية، وفضائها الثقافي والأدبـي وتعبيرها عنه؛ ليشكِّل النص الشعري مادتها الموضوعية الباعثة على الاستنطاق والتأمُّل والتحليل.

ولسنا هنا بصدد مقاربة تجربة شعرية فردية -إلا بالقدر الذي تقتضيه الدواعي الإجرائية لمقاربة هذا الموضوع في بعض أجزائه- وإنَّما في وارد استقراء ظاهرة فنية جمالية جماعية، وفي إطار مكان واقعي محدد، يمثِّل مكوِّناً جوهرياً في بنية هذه التجربة، التي تنطلق منه وتستلهم أبعاده وتشكلاته في نماذجها الشعرية. وقد لا نستطيع استبانة أثر المكان وتحولاته عبر النص الشعري، دون التَّماس مع هذه التجربة بأنماطها المتعددة ومستوياتها النصية والدلالية المختلفة.

فالتجربةُ الشعريةُ بوصفها ظاهرة متكاملة متعددة الأبعاد؛ هي محط قراءتنا، ولاسيما ما يتعالق منها مع المكان، وما ينبثق من تضاعيفه ومشاهده وتحولاته فيها.

وبهذا الإرهاص، يمكن أن نحدِّد الأنماط التكوينية للمكان، وأثره في الوعي الشعري. كما يمكن أن نستجلي الإطار العام للمكان بمكوناته وأبعاده، وقيمه التعبيرية، وفق تمثِّلها في النص الشعري. حيث شكَّل المكان ببناه وعناصره وجمالياته مكوناً رئيساً من مكونات ذلك النص.

فالمكانُ هنا، بوصفه مكوِّناً شعرياً «يحمل تسامي النفس الإنسانية

عند الشاعر، مثلما يحمل رثاء المكان دلالة الاعتبار إلى جانب معاني الوفاء ونحوه من المثل العليا، حتى يصبح وصف آثار المكان في أحد جوانبه، ليس إلا نبش الشاعر بوجوده المكاني الذي آخذ في الارتحال»[2].

ومن ثمَّ فإنَّ القيمةَ الإبداعية للمكان، لا تقتصر على الشعرية المعاصرة فحسب، لأنَّ المكان يتكشِّف لنا بأنماطه الواقعية والجمالية وإحالاتهما الثقافية من خلال مدوَّنة العرب الشعرية. فقد كرَّس وقوف الشاعر العربـي القديم على الأطلال إشكالاً ثقافياً يروم رسم العلاقة بين الإنسان والمكان وتحديد أبعادها.

وعلاقةُ الشاعر بالمكان ذات أبعاد متعددة «تستحضر الواقعي والخيالي والوهمي، ويكفي أنَّ الشاعر يعيش في المكان على مستوى الوجود الحقيقي، ويسبح المكان في عالمه الشعري، فيستحضر المكان من المعرفة الثقافية ويقيم لنفسه وجوداً فيه..»[3].

الصفحات