أنت هنا

قراءة كتاب مقاصد الشريعة عند الشاطبي وتأصيل الأخلاق في الفكر العربي الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقاصد الشريعة عند الشاطبي وتأصيل الأخلاق في الفكر العربي الإسلامي

مقاصد الشريعة عند الشاطبي وتأصيل الأخلاق في الفكر العربي الإسلامي

كتاب " مقاصد الشريعة عند الشاطبي وتأصيل الأخلاق في الفكر العربي الإسلامي " ، تأليف نورة بوحناش ، والذي صدر عن

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

بالنظر إلى هذا التوجه الكلي نحو الوعي الأصيل فمن الواجب التصريح بأن دعوى الجمع بين المقاصد والأخلاق كانت منذ البدء آلية للدفاع حمل لواءها علال الفاسي إثباتا لجدارة الشريعة الإسلامية مقابل المنظومة التشريعية الغربية، ثم أنها تجلت أيضا كخلاصة لقراءة مجاوزة عند طه عبد الرحمن، واعتبار لهذا الامتداد فإن إشكالية هذا البحث لها جذورها المتواصلة بعلاقات مع الفكر العربـي المعاصر ومن هنا تكتسب جدارتها في الطموح إلى قراءة مقاصد الشريعة عند الشاطبـي فتحا لمنافذ فكر أخلاقي عربـي معاصر وتقويما لهذا الفكر قديما وذلك بإعادة استشكاله وتأسيسه باعتبار منطق التاريخية. ولقد تميز هذا التوجه بحضور سؤال قاعدي يمدّ الدعوى المؤسسة في هذا البحث بالمشروعية، ألم ينتج المسلمون فكرا أخلاقيا أثناء تفاعلهم المجتمعي، وليعيّن أبعاد الثابت والمتحول لديهم، كما فعل اليونان؟ ألا يمكن فتح مغاليق الحقول المعرفية التي تعلقت بالسلوك والعمل عند العرب والمسلمين للقراءة والتحليل ومن ثم تجاوز كل تقريرات الوعي الشمولي الذي أقر بفقدان مثل هذه الإمكانات؟

يجب التذكير بأن المنطق المعاصر زود العقل الناهض إلى العمل بمنطق التاريخية بلحظة منهجية هامة، وهي اللحظة التي أسست أصول التعليل للصلة الجامعة بين المعرفة وأطرها المجتمعية، غير أن هذه اللحظة ستؤدي داخل منطق التاريخية وظيفة الآلة دون تكريس الأبعاد الأيديولوجية التي تستتبع مثل هذه اللحظة[1]، ولقد برهنت مثل هذه اللحظة على أن نظام المعرفة العربية الإسلامية لم يؤسس ذاته إلا بالنظر إلى جدلية محققة بين النص والواقع إذ الوسم المميز للوجود الحضاري الذي يؤول إليه هذا النظام يختص بموقعه في أفق هذا النص.

من هنا تكون كل صياغة مجدية لسؤال الأخلاق داخل الحضارة العربية الإسلامية خلاصة للتناول الصحيح لسؤال الصلة بين النص وهو يقدم أفق الوجوب للسلوك من جهة والإنسان الذي يحيا تجربة واقع ما ويسأل عن مشروعية مثل هذه التجربة من جهة أخرى خاصة أن الاجتهاد قد أكد التمكن المطلق للنص في إرشاد الواقع مؤسسا لأدوات هذا التمكن جازما بضرورة تحويل الواقع اللامتناهي نحو الأحكام المتناهية للنص.

عند الحفر في أثريات الوجود الأخلاقي في أفق الحضارة العربية الإسلامية يظهر أن مثل هذا الوجود لم يتموقع إلا داخل إطار تاريخي مؤطر بالنص ليكون سؤالا فقهيا فيكون الحديث عما ينبغي فعله مرتبطا بالنص متخذا المشروعية منه، مثل هذا التصور يحفز للذهاب نحو الكشف عن الأدوات المفهومية والمنهجية التي تمكن من ربط الفعل بآفاقه الينغية وهو ما يحول الوعي مباشرة نحو الاجتهاد كحقل مكن لذلك ووفر أدوات الإحاطة بالتكليف الذي يكون مداره الأول هو السلوك ولتكون الوظيفة الأولى التي تميز بها أصول الفقه الآخذ بأدوات ضبط الفقه هي القدرة المعرفية والمنهجية لاستخراج وسائل جمع السلوك بالأحكام الشرعية التي أنـزلت إتماما لمكارم الأخلاق ولتقدم منطقا للتبليغ ثم التكليف وهنا يكون السؤال عن التداخل بين علم أصول الفقه وعلم الأخلاق واجبا وذو فائدة قاعدية في مدار تأصيل الأخلاق في الفكر العربـي الإسلامي؟.

لقد سمحت البنية المعرفية للمنهجية الأصولية من الكشف عن مقدار تداخل علمي أصول الفقه والأخلاق، فبما أن هذه المنهجية تركز عملها حول استخراج وسائل عقلية لضبط معايير الحكم على السلوك توجيها له نحو غاية بينها النص فإنها تعين تداخلا مهما بين الوظيفة التي يؤسس بها أصول الفقه أطره المفهومية وصياغته المنهجية والوظيفة التي تؤديها الأخلاق بما أنها نظر في معايير الفعل الحاكمة على ما ينبغي أن يكون فتكون مثل هذه المنهجية الأصولية معينا لاستشكال سؤال الأخلاق من داخل حقل الاجتهاد والحق أن الوظيفة التي يرتبط بها علم أصول الفقه تمكن لمشروعية الحديث عن تموقع لسؤال الأخلاق في الثقافة العربية الإسلامية من داخل علم أصول الفقه إذ هو علم لم يعين ذاته تأسيسا لمنطق التأصيل عصمة للفكر من الوقوع في الخطأ إلا بذلك القدر الذي عين فيه غرضية عملية أساسية وهي عصمة السلوك من الوقوع في الفساد وذلك بالنظر للصلة الجامعة بين العلم والعمل في النص المؤسس لمطلب التأصيل.

الصفحات