كتاب " بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق " ، تأليف شريف عبد العزيز , والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام .
أنت هنا
قراءة كتاب بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق
خمسة عشر عامًا مع الإخوان ،وسنة ونصف مع شفيق
(10 أكتوبر 2012 )
مقدمة لا بـد منها
البعض يتعجب عندما يعرفون أني كنت عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين منذ سن صغيرة ولفترة طويلة، ثم يعرفون بعدها أني واحد من أشد المؤيدين للفريق أحمد شفيق منذ البداية وحتى الآن، ويزداد تعجب هؤلاء البعض عندما يعرفون أني كنت من النشطاء السياسيين منذ عام 2003 ضد التوريث ومع رحيل مبارك ومع انتخابات ديمقراطية، ويتعجبون أكثر عندما يعرفون أني تعرضت للاعتقال من قبل أمن الدولة وكان آخرها في يناير 2010 ضمن مجموعة من النشطاء يقرب عددهم من الثلاثين، ويزداد التعجب عندما يعلمون أني كنت ضمن الآلاف المحدودة التي شاركت في تظاهرات الخامس والعشرين من يناير التي كانت في بدايتها ضد بلطجة وزارة الداخلية والمطالبة برحيل العادلي وحل مجلس الشعب الذي جاء بالتزوير الفاضح في نهاية 2010... ولكن هذا العجب يبدو أوضح في الفئات المسيسة أصلاً والتي أنتمي لها وهي الفئات المحدودة تأثيرًا في الرأي العام أو تمثيلاً للجماهير رغم علو صوتها على الفيسبوك ومواقع الإنترنت، إلا إنه وفي الشارع المصري ستجد كثيرين شاركوا في تظاهرات يوم 28 يناير المعروفة باسم "جمعة الغضب"، والذي اعتبره يوم الثورة الحقيقي وكذلك آخرين ممن كانوا مستاءين من أوضاع البلاد؛ ورغم هذا اختاروا أحمد شفيق لأنهم لا يرون تعارضًا أصلاً في ذلك، أو بمعنى آخر يرون أن اختيار شفيق يخدم التغيير ويقود إليه.
شفيق هو الخاسر الفائز
الشاهد أن الصورة النمطية التي حاول هؤلاء البعض أن يظهروها في الإعلام بكل وسيلة ممكنة كانوا ولا يزالون ينتمون إلى القلة غير المعبِّرة عن الجماهير، والدليل أن حملات التشويه المنظمة والممولة ضد أحمد شفيق، ثم قيام جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية بمواصلة هذا التشويه؛ لم تمنح هؤلاء أو هؤلاء أغلبية ساحقة في نتائج الانتخابات الرئاسية، بل يمكنني القول إني أعتبر أن أحمد شفيق فاز بجدارة في سباق غير متوازن ما بين رجل لا يدعمه حزب وليس له أتباع مخلصون بالطريقة التي يتربى عليها شباب الإخوان وبين رجل أو رجال وراءهم ماكينة إعلام وجيش من المخلصين وأموال لا حصر لها ولا يعرف لها مصدر، بمعنى أنه لولا هذا التشويه الذي لم يتعرض له أحد كما تعرض له شفيق لكان شفيق حصد أغلبية جيدة جدًا، أضف إلى قصور في أداء الحملة الرسمية الانتخابية للفريق أحمد شفيق، وأنا أعتقد أن هذا الأداء كان مسؤولاً - من وجهة نظري - عن خسارة بعض الأصوات.
كابرتم و استكبرتم
هذه المقدمة الضرورية ليس الهدف منها استعراض تاريخي في النضال السياسي أو التباهي بمواقفي السياسية أو غيرها، بل هي إشارة لمن لا يريد أن يفهم - وهم يعرفون أنفسهم - أنكم كنتم تكابرون وتنكرون الواقع وتسبون الناس وتسخرون منهم، وكان سلاحكم هو الإهانة والكذب والتخوين وتقسيم الناس إلى معسكرات والحكم عليهم، وكانت لغتكم لغة ناقدة بلا هدف ولا رؤيا ولا شيء، وثبت بالدليل القاطع أن كثيرًا من آرائكم كانت مبنية على الوهم، وأنكم لا ترون الواقع ولا تعرفون فيه الكثير سواء بسبب قلة الخبرة أو بسبب سوء النية... لقد استهزأتم بشفيق وجمهوره وراهنتم على خسارته من الجولة الأولى، وقمتم بكل أشكال التحقير والإهانة ثم تبين لكم الوهم الذي كنتم تعيشون فيه، ولا يزال بعضكم يحاول إحياءه مرة أخرى بمزيد من الدجل التنظيري والفلسفة النخبوية المستترة بالثورة.
مـؤيـد حتى النهاية
لقد أعلنتُ تأييدي لشفيق من البداية، ولم أعبأ بسخرية المتحذلقين ولا تكفير المنتقدين ولا تخوين المزايدين، ولا زلتُ أؤيد الرجل وأؤمن بوطنيته وأقرُّ بقدرته وخبرته وكفاءته في زمن قلَّت فيه الوطنية والخبرة والكفاءة، وهذا الأمر قمتُ بالتدليل عليه - من وجهة نظري - في مقالات سابقة كتبتها أثناء الانتخابات الرئاسية لمن أراد الاستزادة.
ولا زلت أذكر اليوم الذي ذهبت إليه فيه ومعي شاب من شباب ميدان التحرير، ثم تتابعت الزيارات ومعي آخرون من الشباب المشارك في الثورة، كنا نذهب إليه وكنت أحرص أن أذهب له بعينة معينة من الشباب الذين شاركوا أو أيدوا الثورة ليتعرف إليهم ويعرف انتقاداتهم وأفكارهم ويتواصل معهم. وكانت لقاءات في مجملها جيدة ومنتجة ومحترمة جدًا.. والجدير بالذكر هنا أن المجموعة التي كانت محيطة بي من مؤيدي شفيق لم يكونوا من أنصار مبارك أو من مجموعة "إحنا آسفين يا ريس" وحسب، بل ولم يكونوا من أتباع "حزب الكنبة" وفقط، وهذا خلاف الصورة الذهنية التي تمَّ تصديرها للرأي العام، وهو ما قمتُ مرارًا وتكرارًا بتوضيحه للقريب والبعيد.
إن تأييدي لهذا الرجل ينبع من إيماني بقيم أرى أن هذا الرجل هو أكثرهم قربًا منها وأكثرهم اتساقًا معها، وأن الصورة التي حاول البعض تخليقها كانت من محض خيالهم، وكانت سرعان ما تنهار فور التعامل معه مباشرة أو الاستماع لما يقوله بدون أحكام مسبقة. ومن المؤكد لي أيضًا أن شفيق لم يكن معاديًا لأحد، ولم يكن يريد سوى سباقًا رئاسيًا نزيهًا ومحترمًا بعيدًا عن التراشق، وكان يحفظ لكل فصيل احترامه، ولم يكن يضطر للخروج للرد إلا إذا تجاوز البعض حدودهم بالفعل، ويكفي أن شفيق كان يحترم كل منافسيه بينما كان بعض منافسيه قد دخلوا إلى سباق الرئاسة وكأنهم يسابقون أنفسهم وكأنهم يقدِّمون طلب توظيف لدى آبائهم وهم يظنون أنهم مقبولون لا محالة وأن هذا السباق إنما هو تحصيل حاصل، وقد بدا ذلك جليًا في خطابهم الإعلامي المتعجرف الذي لم يحتقر فقط شفيق بل احتقر كل من انتخبه؛ وهم بالملايين.
جـدل عبثي
يقولون ثورة أو إصلاح أو انتفاضة أو تظاهرة أو تغيير، وكل هذا لا يعني شيئًا بالضرورة ولا قيمة لخلاف حول ما حدث، لأن العنوان لا معنى له، بل المعني في المضامين، بمعنى أن قراءة الذي حدث من 25 يناير وحتى الآن أو ربما قبل 25 يناير بقليل أيضًا؛ يجب أن يكون قابلاً للرؤية النقدية التي قد تدفعنا لتغيير آرائنا في ملف أو ملفات بحيث يمكن لنا أن نرى العالم بصورة موضوعية بقدر الإمكان بطريقة تهدف إلى قراءة الواقع وفهمه ثم البدء بالحركة الايجابية في اتجاه مستقبل جيد وأفضل، وعلينا ألا نستمر في مسلسل تقسيم المصريين إلى ثوار وفلول، وإلى مدنيين ودينيين، وإلى رجعيين وتقدميين، وغير هذا من الهراء السخيف الذي ملَّ منه معظم المصريين واستفاد منه بعض المرتزقة من الإعلاميين المعروفين بالاسم، وبعض الرموز السياسية التي كانت تريد جنازة وتشبع فيها لطم، أو أصحاب نفسية "عبده مشتاق" وما أكثرهم، وهم الذين وجدوا لهم في "الأجواء الثورية" فرصة لركوب موجات إعادة التلميع والتنظيف والتغليف ومن ثم التسويق، ومنهم منتفعون من النظام السابق يرقصون على كل إيقاع، فلو كان جمال مبارك من يضرب بالطبلة فليرقصوا، ولو كان شفيق سيرقصون، ولو كان مرسي "حيشبعوا رقص" ولو كان أيًّا من كان "حيرقصوا للصبح" بلا انقطاع.
حـرب و تجـاوزات
لا أدري من أين أبدأ في حديثي عن طبيعة ما يحدث الآن من حرب موجهة ضد الفريق أحمد شفيق من محسوبين على التيار الإسلامي أو غيره، أو طبيعة ما حدث في الحملات الانتخابية من تجاوزات قانونية وأخلاقية كان لا يمكن بحال أن تؤدي إلى انتخابات نزيهة في مصر، لكن التطرق إلى التجاوزات التي حدثت أثناء الانتخابات الرئاسية ربما ينال أولوية في مقالي هذا.
لو مفيش خبر حط إشاعة
كثيرون منا من الذين شاركوا في الحملة الرئاسية الانتخابية، سواء الرسمية أو الحملات الشعبية المؤيدة لشفيق وخاصة الذين تصدروا في الناحية الإعلامية؛ رأوا أشياء يشيب لها الولدان، فقد كنا على احتكاك دائم بالصحفيين والمراسلين وغيرهم وكنا نرى تأليف وفبركة الأخبار في جرائد يقال عليها محترمة، وكان السبب أن البعض كان يتم دفع مرتب له من بعض المرشحين المنافسين، أو لأنهم إذا أرادوا الحصول على تغطية حصرية أو لقاء حصري مع شفيق فإن لم يحصلوا عليه قاموا على الفور بتأليف أخبار مفبركة ضده... وعبثًا حاولنا إقناع الفريق شفيق بملاحقتهم قضائيًا، وكان هذا خطأ منه من وجهة نظري، فقد قام إعلاميون لا حصر لهم بارتكاب جرائم أخلاقية في حق مهنة الصحافة وشوهوا سمعة الفريق شفيق بلا حساب، واعتبروا أن تكرار هذا الأسلوب بلا أي رد من الفريق شفيق نوع من الضعف استباح معه صحفيون جُدد هذا الأسلوب، حتى أصبح الفريق شفيق محل كل إشاعة ممكنة وكل خبر سلبي يمكن أن تتخيله، ولو قرأنا الأخبار السلبية المفبركة عن شفيق ستجدها أضعاف الأخبار عن مبارك نفسه وعن نجليه بل وعن أباطرة فساد معروفين من الحزب الوطني، وهذا أمر لافت للانتباه لمن يريد أن يفهم... وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر صحفية في جريدة حزبية ألفَّت خبرًا مفبركًا عن الفريق شفيق، فقمنا بفضحها ثم زرنا جريدتها وواجهناها وواجهنا معها عدة صحفيين فقال لنا أحدهم: "يا جماعة عاوزين أخبار عن الحملة لو مافيش خبر ححط إشاعة"... نعم بهذه البساطة أيها السادة.
ولقد بلغ الأمر بشاب إعلامي مغمور في جريدة لها نسخة إلكترونية بتأليف أخبار ضد شفيق، ووضع لفظ "مصادر" و"تمَّ" و"استطاع" بدون ذكر اسم المصدر، ثم يقوم بتأليف أخبار من نوعية "مبارك سعيد بترشح شفيق"، و"فلان المحسوب على الحزب الوطني بارك ترشح شفيق"، وهكذا من خيالاته، حتى وصل الأمر إلى أنه كان يلفق وهو واقف معنا وفي وجودنا، بمعنى أنه يفبرك الخبر ونحن وقوف معه، حيث يأتي ليغطي حدثًا ثم يكتب شيئًا آخر، ومن هذه العينة الفاسدة من الإعلاميين كان الكثيرون بالفعل، ولذا من أراد ثورة فليبدأ بالإعلام فإنه مليء بالفاسدين والمرتشين وبالمتثورين الحمقى الذين دفعتهم كراهية بلهاء إلى الانسياق دون حتى مراعاة أخلاق المهنة التي قاموا بثورة - حسب زعمهم - لتطويرها وتطهيرها.. وليتهم بدأوا بأنفسهم.
أخلاقـي ما تسمحش
قبل انتخابات الإعادة الرئاسية بين شفيق ومرسي، قابلت صديقًا قديمًا من الإخوان في مكان عام بالصدفة البحتة، وتطرق مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية وحثني على انتخاب مرسي لأنه على حدِّ قوله "لو ما فازشي كل شيء حينتهي"، ولم يكن يعلم صديقي هذا لمن سأعطي صوتي ولم أرغب كثيرًا في الاستغراق في هذا ونحن في حوار "عالماشي" قد لا يستغرق عدة دقائق، إلا إنني سألته بعدما وضح لي أنه مسؤول إخواني في منطقة قريبة وأن كل شيء يجري في منطقته من قبل الإخوان يجب أن يكون تحت سيطرته هو تمامًا، فسألته: "هل من المقبول استخدام الفتاوى الدينية والأكاذيب في الدعاية الانتخابية ضد المنافس ؟" فردَّ عليَّ قائلاً: "بالطبع لا"، فقلت له وكيف تفسِّر إذن توزيع ورق طباعته فاخرة وبالألوان في كل مكان تقريبًا يحمل في محتواه فتوى (مكذوبة) لعالم أزهري يفتي بعدم جواز التصويت لشفيق في الانتخابات الرئاسية، ويحوي الورق ذاته بعض الإشاعات التي تمَّ تكذيبها وتمَّ التحقق منها مثل مثلاً نسب زوجة الفريق شفيق الذي تمَّ الزعم مرارًا أنها قريبة لجمال مبارك من طرف عائلة الجمال ؟ فقال لي مدافعًا عن نفسه "أخلاقي وديني ميسمحوش" ثم زاد: "وأنا شفت الكلام ده على النت وقلت للشباب اللي شغالين تحت إيدي محدش يستخدم الكلام ده مهما كان مغري بالاستخدام" ثم انتهى الحوار وتركته وذهبت إلى بيتي.. وفي الطريق وجدنا شباب الإخوان واقفين عند بعض مداخل المولات والمحلات التجارية يوزعون هذا الورق الذي تحدثت عنه، في المنطقة التي يزعم صديقي أنه يتولي مسؤوليتها، وكان الشيء الذي تبادر إلى ذهني فورًا هو أن صديقي هذا إما كاذب ولكنه استحى أن يصرِّح برضاه عن تصرف حقير وغير أخلاقي وغير إسلامي كهذا، أو أنه ليس له علاقة بقيادة المنطقة التي زعم أنه مسؤول عنها أو ربما ليس له سيطرة حقيقية على من فيها من إخوان... الشاهد هو اننا كلنا شاهدنا هذه الدعاية الحقيرة والمنافية لكل الأخلاق من أناس يدعون أن مرجعيتهم إسلامية كنت أنتمي لهم يومًا بسبب هذه المرجعية بالتحديد.
لو رحـت اللجنة حتتقتل
تطوعت في الحملة الانتخابية الرئاسية للفريق أحمد شفيق، وشاركت كذلك في حملات شعبية موازية، وكان من الملفت للنظر أساليب الإرهاب التي تمَّ استخدامها ضد مؤيدي أحمد شفيق في الشوارع أحيانًا للدرجة التي وصلت إلى تخويفهم من وضع بوستر أو صورة لشفيق على سياراتهم أو مبنى أو سور، بل ووصل الأمر إلى تهديد مئات المندوبين على الصناديق بالقتل قبل ليلة الانتخابات في الإعادة، والتي أدَّت بدورها لخلو مئات اللجان من مندوبي شفيق مما يجعلها عرضة للتزوير خاصة وأن التهديد كان يصل إلى درجة التهديد بالاعتداء على الأهل والأقارب والأبناء. وصل الأمر كذلك إلى حد شراء بعض المندوبين لكي لا يذهبوا أصلاً إلى الصناديق من أول اليوم، أو شراء محاضر الفرز منهم عند انتهاء الفرز في بعض اللجان، وبما أن كثيرًا من المندوبين كانوا موظفين يتقاضون مبالغ محدودة لأداء وظيفة محددة - خلاف ما هو الحال في وضع الإخوان حيث كان كل مندوبيهم من الإخوان أو محبيهم أو مؤيديهم والذين لهم ولاء أيديولوجي وعقائدي للجماعة - فإن كثير من هؤلاء الموظفين آثروا السلامة أو تمَّ شراؤهم.
إن هذا الفعل المخزي يشكك تمامًا في نزاهة العملية الانتخابية من منبعها وهو ما لم يقم به الحزب الوطني المنحل في قمة استبداده وفساده، والعجيب أن تيارًا شعبيًا يبشِّر بالنهضة بالإسلام يمارس جرائم كتلك لا أعرف كيف كيفوها شرعيًا، أم أن مبدأ "الحرب خدعة" كما يقولون جعلهم يستبيحون كل شيء من أجل قضية يؤمنون بها ؟... وأي قضية تلك التي تبيح لفصيل يخوض انتخابات ديمقراطية أن يهدم فلسفة العملية ذاتها في مقتل بتلك التصرفات القبيحة والمخزية ؟.
إنجيل شفيق حرام وإنجيل مرسي حلال
حملة شنعاء شنَّها إسلامي مغمور عرَّف نفسه بالصحفي أو الإعلامي، حملة استخدم فيها عبارات قالها الفريق أحمد شفيق في لقاء له مع مذيع في قناة مسيحية حيث طرح المذيع سؤالاً عليه حول صعوبة تلقي كثير من الطلبة المسيحيين للآيات القرآنية في منهج اللغة العربية وردَّ الفريق أحمد شفيق بعدة بدائل وكان منها وضع آيات الإنجيل في المنهج موازية للآيات القرآنية وشارحة لها من وجهة نظر مسيحية فيسهل على الطالب المسيحي فهم المقصود من الآيات القرآنية ويتيح للطالب المسلم التعرف على أخيه في الوطن المسيحي والتعرف على مدى قُرب المبادئ الدينية والقيم المشتركة بين الدينين بما يدعم فكرة المواطنة... قام هذا الإسلامي بعدها بشن حملة أقسم على الله فيها أن "يفضح" أحمد شفيق - على حد قوله - إلى الدرجة التي وصلت فيها الإشاعة إلى أن شفيق قال إنه سيحذف الآيات القرآنية، وأن شفيق يدعو المسلمين للتنصر، وأن شفيق نفسه تنصر.. وقام هذا الشخص الكاذب والمدعي بتخويف المسلمين من انتخاب شفيق بدعوى أنه كفر أو أنه ضد الشريعة، وغير هذا من الخزعبلات.
الغريب أنه لما تمَّ اقرار فكرة وضع آيات إنجيلية في مناهج اللغة العربية لبعض السنين الدراسية تحت حكم مرسي لم نسمع لهذا الشخص ولا غيره من المدعين صوتًا ولا حِسًّا، بما يثبت أن هؤلاء يستخدمون الدين في الكذب وحسب، وأنهم غير متسقين مع أي قيمة يدعونها.. وهذا يؤكد بالدليل القاطع أنهم يشكلون خطرًا على المجتمع لأنهم قادرون على إثارة فِتن لا حصر لها، وأنهم قادرون على تشويه الأشخاص بادعاءاتهم الكاذبة، وأنهم متلونون؛ أي أنهم يتلاعبون بعواطف الناس ولا يقدِّرون عواقب ذلك إلا حينما يفوت الأوان.
هايد بارك شفيق أصبح "ثوريـًا"
قامت الدنيا ولم تقعد حينما تحدث شفيق - وكان رئيس وزراء حينها - عن أن التظاهر السلمي حقٌ من الحقوق؛ بينما قطع الطريق وإيذاء الناس أمر لا يقبله أحد، ودعا حينها إلى أن يتحول ميدان التحرير في يوم من الأيام إلى شيء يشبه الهايد بارك مثل الذي يعرفه البريطانيون في بلادهم ليصبح منتدى تعبير عن الرأي متاح ومباح للجميع وفي نفس الوقت لا يقطع طريق ولا يسد شارع... حينها سخروا منه جميعًا، ثم جاء مرسي وجاءت حكومته وقالوا نفس الكلام، فلم نسمع لإخواني صوتًا ولا لثوري حِسًّا ولا لمنبر إعلامي نقدًا.. ولذا يمكن أن نقول إذن أن ما يُسمى بالخطاب الثوري كان خطابًا مسيسًا وانتهازيًا، ولم يكن له مضمون واضح، فهو يُستخدم من قبل مرتزقة يوجهونه حسب الهوي للإطاحة بفلان ولتلميع علان... وقد حدث هذا عدة مرات في السنة والنصف الماضية.
الفرصة التي أضاعها مرسي
بعدما قام الفريق شفيق بالخروج علنًا وتهنئة مرسي بالرئاسة، كنت أتوقع من مرسي أن يرد عليه بنفس الطريقة؛ خاصة أن مرسي كان في الحملة الانتخابية شديد الوقاحة حين يتحدث عن أحمد شفيق، وكانت تهديداته بحرق مصر إن أصبح شفيق رئيسًا تهديدات مخزية وتخوِّف المصريين من انتخاب شفيق، إلا أن أحمد شفيق وعد وقال إنه سيقبل النتيجة مهما كانت؛ وقد كان، فكنت أتوقع من مرسي تصرفًا أفضل، لرأب صدع أمة منقسمة إلى نصفين تقريبًا، فيقوم على أقل تقدير بشكر شفيق بل يدعوه للمشاركة في الحكومة الجديدة للاستفادة من خبراته المشهود لها من الجميع؛ حتى وإن كان يتظاهر بهذه الدعوة وحسب.. إلا أنه بقلة حكمته التي رأيناها في الانتخابات أخطا خطًا فادحًا فقد كانت لديه الفرصة لتوحيد المصريين وجمعهم على حبه وتأييده وإثبات فكرة أن مرسي سيكون رئيسًا للمصريين جميعًا.. لكنه لم يفعل، ولا أظنه سيفعل، بل على العكس تمامًا.. فهذه فرصة ضاعت ولا تزال.. ويا ليت مرسي وأتباعه يكفون عن تصديعنا بشعار "قوتنا في وحدتنا" فهم أساتذة في شق الصف وتحزيب الأمة.
صـداع اسمه "يسقط حكم العسكر"
سنة ونصف من صداع "يسقط حكم العسكر"، ومعارك جانبية جعلت المصريين لا يرون القضايا الحقيقية للأمة، ومنها مثلاً إصلاح وزارة الداخلية باعتبارها مسؤولة عن كثير من الفساد الذي كان في مصر، ومنها لقمة العيش والاقتصاد.. ولكن النخبة المنسوبة للثورة ومحسوبة على القوى الليبرالية، بشكل مقصود أو غير مقصود تفننوا في قتل أنفسهم يومًا بيوم، وتركوا الساحة للإسلاميين، فأي طفل في الابتدائية كان يعرف أن مصر ليس فيها إلا قوتان حقيقيتان: الإخوان ومن شابههم، والمؤسسة العسكرية من الناحية الأخرى.. وكان من الطبيعي لتيار بلا حشد شعبي ولا امتداد جماهيري أن يقف مع المؤسسة العسكرية وينتقدها حين يكون الانتقاد لا يحاربها حربًا ضروسًا، ففرغت الساحة تمامًا للإخوان الذين فهموا اللعبة السياسية بمنتهى الحرفية، وعرفوا أنهم سيمثلون دور الحليف للعسكري؛ بينما منهم من يدفع الليبراليين إلى مهاجمة المجلس العسكري، بل ويدمرون فرصًا جاءتهم جاهزة لخلق التوازن ومنها مثلاً "وثيقة السلمي" التي كان من المتوقع أن يرفضها الإسلاميون، ولكن كان من الحماقة - كالعادة - أن يرفضها الليبراليون وغيرهم من اليساريين ومن هم غير محسوبين على التيار الديني.
كان من الواضح أن أكثر أعضاء المجلس العسكري لا يبغون البقاء في السلطة حينها، وكانت هناك محطات واضحة تثبت ذلك لأي معتوه؛ فضلاً عن نخبوي أبله يدعي الثقافة، فلقد كانت هناك انتخابات مجلس شعب حرص المجلس العسكري على أن تمر بمنتهى النزاهة بكل قدرته، ولو كان له فيها مأرب لغيّر صناديق وزوَّر ولفَّق؛ ولكنه لم يفعل.. لقد كان هذا أول مؤشر أن المجلس العسكري لا يريد البقاء في السلطة... ثم جاء المؤشر الثاني والثالث ومع كل منهما دليل على غباء النخبة وأيضًا على انتهازية الإخوان: رشَّح عمر سليمان رحمة الله عليه نفسه ثم خرج بثلاثين توكيلاً فقط، وقالوا هو مرشح المجلس العسكري، ولو كان؛ لبقي، ولكنه خرج لسبب تافه، هذا إن لم يكونوا هم أنفسهم مسؤولين عن إخراجه... ثم حاولوا منع شفيق بكل طريقة وابتكروا قانون العزل الفاشي الهتلري الذي يذكرنا بمجانين التاريخ، وصدَّق المشير عليه، ولو كان يريد أن يبقي شفيق في الرئاسة لما صدَّق، ولكنه صدَّق، وكاد شفيق أن يخرج من السباق لولا عدم دستورية القانون... ورغم هذا ظلَّ الحمقى يرددون هذا مرشح العسكري وذاك مرشح العسكري، فبينما النخبة تشير على هذا وذاك، جلس الإخوان في راحة تامة وهم يشاهدون مشهدًا سياسيًا فيه الندّ العسكري يشتبك مع النخبة الحمقاء، فيخسران معًا والإخوان يكسبون... وسواء تمَّ هذا بتآمر وتخطيط أو بسبب الغباء المحض الذي قاد إلى هذه النتيجة، فلكم أن تعرفوا أن الغباء هو أسوا أنواع التآمر أيضًا؛ إن صح التعبير.
ثم جاء مرسي وأزاح بالمشير وعنان بقرار، وألغى الإعلان الدستوري التكميلي ولم يحدث شيء... ومرَّ ما حدث في رفح مرور الكرام دون حساب ولا مسؤولية، ولو كان شفيق رئيسًا لأشبعونا شتمًا وسبًّا وتخوينًا لكنهم هم من هم، يقذفون الناس بالباطل ثم يقومون هم بالباطل ويضعون عليه يافطات إسلامية. ألا يزال هناك أحمق واحد لا يزال يقول "يسقط حكم العسكر" ؟ ألم يستفق الحمقى الذين ردَّدوا هذه الشعارات اليوم ؟ ألم تأتي لهم لحظة حقيقة، وودَّ كل أحمق فيهم أن يصفع الأحمق الذي بجانبه ليستفيقوا من غيبوبة الحماقة التي عاشوا فيها سنة ونصف؟
لم يكن هناك حكم عسكر أصلاً حينها، ولامنصر، ولا مرشح عسكري، لقد صدقنا حينما قلنا ذلك، وصرح كثيرون من أعضاء المجلس العسكري في جلسات خاصة أنهم لا يفضلون رئيسًا من خلفية عسكرية، بل ثبت فيما بعد أن المشير لا يتفق مع شفيق وأن بعض أعضاء المجلس العسكري لا يريدون شفيق أساسًا.
أيها السادة... لقد حسبتم شفيق على كل فصيل، فمرة فلول ومرة حزب وطني ومرة نظام سابق ومرة المجلس العسكري، وهو الرجل الذي كان يتبع نفسه وهو رئيس جمهورية نفسه وقراراته منبعها رؤيته للوضع سواء اتخذ قرارًا توافق عليه أو ترفضه، وهذه النُخب لم تفهم حتى الآن رغم أن 13 مليونًا فهموا رغم التشويه والدجل والسب والقذف وقلة الحياء والسخف والقوادة السياسية التي اشتغلت رموز تسمي نفسها ثورية بها طوال سنة ونصف... هل تعترفون بالخطأ أم تستمرون في الحماقة ؟ .
غابوا عن الجنازة واصطفوا أمام البيت
في مشهد مهيب قلَّ أن تراه، رأينا عشرات الآلاف من المصريين يصطفون في طوابير طويلة للوصول إلى صالة عزاء مسجد آل رشدان في أبريل الماضي للعزاء في الفقيدة زوجة الفريق شفيق رحمها الله، حتى أن بعض المراقبين من السياسيين والإعلاميين قالوا إن هذا المشهد يشهد أن الفريق شفيق ليس بالشخصية الهينة، وأنه ندٌّ يُعمَل له ألف حساب، وأن هذه الآلاف تذكرنا بجنازة الراحل عبد الناصر... وهناك رأينا كل الناس من كل فصيل ومن كل حدب وصوب يقومون بواجب العزاء، والغريب أن الإسلاميين لم يحضر منهم أحد إلا من رحم الله، رغم أن هذا واجب إنساني وديني خاصة وأن هؤلاء يتمحكون في الدين كلما استطاعوا، لكن الغريب أنهم في المواقف التي يتحتم عليهم فيها العمل بموجب هذه المرجعية يتقهقرون للخلف، والغريب أيضًا أنهم اصطفوا أمام بيت الفريق أحمد شفيق قبل انتخابات الإعادة يبحثون عنه، أو قبلها أيضًا، فيؤيدونه سرًّا ويسبونه علنًا... نافقوا كما لم ينافق أحد، ليتهم يعقلون، أو يفقهون، أو يتوبون.
"للأسف الثورة نجحت" : كات أند بيست
بعد لقاء سي بي سي المعروف الذي قام فيه شفيق وغيره من مرشحي الرئاسة بعرض أنفسهم للجمهور المصري، وبعد حلقة شفيق بثلاثة أيام اكتشفنا أن كاذبًا من الكذابين قام بقطع عبارة عن سياقها في لقاء شفيق بخيري رمضان ومجدي الجلاد ثم وضعها في شكل عبارة تبدو فيها وكأنه يتأسف على أن الثورة نجحت، ثم انتشر الفيديو في كل مكان، فيما اضطر شفيق إلى أن يخرج ويدافع عن نفسه وينكر إنه قال هذا الكلام.
وبالفعل شفيق قال هذه الكلمات؛ ولكنه قالها ضمن عبارة أكبر، لكنهم اقتطعوها بأسلوب "ولا تقربوا الصلاة"، حيث قال: "للأسف.. الثورة نجحت، ثم قام آخرون بخطفها أو امتطائها"، فهو يتأسف على خطفها وليس نجاحها، والغريب أن الملايين الذين شاهدوا الحلقة والمذيعين خيري ومجدي لم يفهموا أن شفيق يتأسف على نجاح الثورة وإلا لاعترضا عليه ساعتها أو طلبا توضيحًا ولرأيت مانشيتات الجرائد تقول في اليوم التالي : "فضيحة.. شفيق يتأسف لنجاح الثورة".. ولكن شيئًا من هذا لم يحدث.
الشاهد أن الأفاقين ارتكبوا كل كبائر وجرائم التلفيق والتشويه بلا أي ضمير أو دين للدرجة التي استباحوا فيها كل شيء كانوا يدعون إلى احترامه؛ سواء كانوا من الإخوان أو كانوا من المنسوبين إلى الثورة.. وهذا يدل على انحطاط خلقي يجعل هؤلاء هم ورثة النظام السابق بكل كذبه وافترائه، بل يجعلهم يتفوقون عليه بلا شك.. إنهم لا يراعون الله في شيء ومستعدون للكذب على الناس من أجل كرسي السلطة... فمن هم إذن الذين سيكررون إنتاج النظام السابق ؟.
المزايـدون الجـُدد
بعض الإسلاميين سواء المنتمين لفئة سمَّاها الإعلام فترة "الدعاة الجدد" أو توجهات إسلامية أخرى، بدأوا يزايدون ببطولات وهمية ويتمحكون في الثورة، وهم كانوا إما ضدها تمامًا أو متحفظين عليها أو ساكتين عن أحداثها مهما عظمت، أو صامتين لا يعلقون على شيء إطلاقًا، ومن هؤلاء من زار أحمد شفيق في منزله أثناء الحملة الانتخابية ليدعمه أو يتحاور معه أو ليتعرف عليه، ثم خرجوا علينا الآن ليمثلوا أدوارًا بطولية لا علاقة لهم بها - إلا من كان منصفًا منهم؛ وهم قليل - فمنهم من ردَّ تهنئة شفيق له بإنشاء حزب جديد بمنتهى الوقاحة التي تتنافى مع الإسلام أصلاً، ومنهم من كذب وأنكر زيارته لشفيق تمامًا ثم فضحه الله، ومنهم من يحاول أن يظهر نفسه مناضلاً ثوريًا كان يناضل ضد أمن الدولة سابقًا؛ رغم أنه كان متواطئًا معهم يكتب لهم تقارير ويجند لهم مخبرين؛ وفي أحسن الأحوال يتحدث عن أي شيء إلا السياسة ولا يضع نفسه في مواجهة مع النظام... كل هؤلاء فضحهم الله حتى اضطر بعضهم للاعتراف ثم التبرير، وسيسقطون تباعًا، ليس لأن تأييد شفيق أمر سيء، بل لأنهم كانوا يبحثون عنه سرًا ثم يشتمونه علنًا، فهم منافقون لا محالة ولا قيمة لأي مرجعية إسلامية يتمحكون بها، فهم لا يختلفون عن أي منافق سياسي من زمن النظام القديم مهما قالوا ومهما فعلوا... فضحهم الله.
إخوان "الدانمارك" مش هما إخوان "أمريكا"
نذكر تجييش الجيوش، والمظاهرات الشعبية والمطالبة بإغلاق السفارات، وحرق الإعلام، ومقاطعة المنتجات، وفتاوى نارية تمحق وتسحق... كل هذا رأيناه من الإخوان وغيرهم من سنين عند كل حدث إساءة للنبي عليه الصلاة والسلام أو الإسلام، أما وقد أصبحوا في السلطة وأصبحوا يعرفون من هو الغرب وأمريكا، وأصبحت المصالح مشتركة، فقد خفت الصوت وارتعدت الفرائص التي كانت تتوعد بحرب وحرق، وكانت رايات الجهاد ترفرف خفاقة ودعوات التطوع للقتال معلنة، والآن لا جهاد ولا قتال ولا يحزنون بل خطاب متقهقر بعد أن انتهى زمن الانتهازية الدينية لأغراض السياسة ومداعبة المشاعر وعواطف الجماهير... لقد انكشفوا مرة أخرى. لا يمكن اغضاب أمريكا، والقضية الفلسطينية أصبحت في سياق آخر غير الذي كانوا يعدوننا به، بل يبدو أن رئيسهم الذي جاء من رحم المرجعية الإسلامية على استعداد لإرسال جيش مصري لسوريا وليس على استعداد لغزو إسرائيل كما وعد، وهكذا... وليعلم الناس جميعًا، أن هؤلاء لا يصدقون ولا يعرفون للوعود قيمة، وهم يزايدون طالما كانوا خارج السلطة ثم يقومون بنفس الشيء الذي انتقدوه من قبل عندما يتولون السلطة. لقد خرسوا جميعًا، كل رموزهم الإسلامية سكتت، وذهبت إلى غير رجعة... أين رايات الجهاد الخفاقة أيها المنافقون ؟
مكالمة هاتفية من أمريكا تلغي مليونية، فضيحة بكل المقاييس، ويخرج الدكتور القرضاوي ليقول كلامًا غير الذي كان يقوله أيام رسوم الدانمارك وفيلم فتنة الهولندي...
ماذا حدث لهؤلاء ؟ يا ترى لو حصل ما حصل وكان شفيق رئيسًا ماذا يمكن أن يكون رد فعل الإخوان بشكل خاص؛ والإسلاميين بشكل عام، وجماعات المتثورين الحمقى ؟... سيكون أي إجراء تهدئة من شفيق أو حكومته أو حماية للسفارة الأمريكية من اعتداءات أو محاولة فرض القانون كان سيكون لها أسماء أخرى مثل قمع الثورة ومعأداة الإسلام والعمالة للغرب والارتماء في حضن أمريكا ؟ أليس كذلك ؟.
بيقولك شفيق حيطلع ظباط الشرطة براءة
محاكمة مبارك والعادلي والستة المساعدين وجمال وعلاء التي حدثت قبل الانتخابات بفترة قصيرة سبَّبت توترًا استفادت منه جماعة الإخوان وتيارات المتثورين الحمقى لمحاولة ايهام العامة أن شفيق لو أصبح رئيسًا سيخرج مبارك من السجن ويعيد مساعدي العادلي إلى العمل وسيخرج ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين براءة، وملأوا الدنيا صياحًا وتحذيرًا، وصدَّقهم بعض الناس.
واليوم وقد حكم مرسي الإخواني، خرج ضباط شرطة براءة في أكثر من قضية وخرج واحد من مساعدي العادلي؛ وهو مساعده في جهاز أمن الدولة سيئ السمعة؛ من السجن أيضًا، فلم نسمع لأحد منهم حِسًا.. ثم خرج علينا إخواني كان برلمانيًا في مجلس الشعب الذي تمَّ حله ليتهم القضاء ثم سكت سكوت القبور وصمت صمت الليالي المظلمة، أتدرون لماذا ؟ لأنه هو الذي كان يقود حملة "لو انتخبتوا شفيق حيطلع الظباط براءة"، فماذا سيقول الآن ؟ سيقول مرسي خرَّج الظباط براءة ؟ بالطبع لا، لأن الحجة سقطت.. لبسها ف حد تاني... ولذا فإن هذا الأفَّاق المضلل ومن معه من جوقة المدعين يظهر كذبهم كل ساعة ولا يستحون من الناس، وكيف يستحون من الناس وهم لا يستحون من الله ؟
يا سادة لو كان هؤلاء لهم مرجعية إسلامية بحق لالتزموا الأخلاق الإسلامية في أي تنافس، لكنهم لم يستطيعوا؛ ولن يستطيعوا، وكل من كان منهم وخرج من عباءتهم سيقول هذا الكلام، فهم لا يملكون السيطرة على أنفسهم فور تملكهم للسلطة، وهم قليلو الخبرة وكثيرو الجدل والتبرير ويمتهنون المعارضة لأجل المعارضة.
أخرج الورق الذي رأيناه بأعيننا
وهذا هو بيت القصيد يا سيادة الفريق، نحن رأينا محاضر الفرز وللعجب - كانت نُسخًا مرسلة إلينا من اللجنة العليا للانتخابات – وهي التي لم تطابق أرقام الإخوان التي تمَّ إعلانها في مسرحية الساعة الرابعة قبل الفجر في إعلان من طرف واحد يقول لنا: إن مرسي هو رئيس مصر شئتم أم أبيتم وأن أي شيء خلاف ذلك هو تزوير.. وخرجت جماعة من القضاة إخوانية تسمي نفسها "مستقلة" وأيدَّت الأرقام... ويذكّرنا هذا بما قاله الأستاذ ثروت الخرباوي في لقاء له على قناة الأون تي أن أسلوب إدعاء التزوير الاستباقي هو تخصص إخواني وذلك لبث الشك في النتيجة إن كانت مخالفة لما يريدون هم وليعطوا أنفسهم المبرر للانقلاب على الشرعية إن جاءت بغيرهم.
الشاهد هنا، أن هناك ورق، وهناك مستندات، وهم يا سيادة الفريق لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ويسمون ما شاءوا بما شاءوا فلو كان القرض يخدمهم سيكون حلالاً وسيسمون فوائده رسومًا إدارية، ولو كان القرض لا يخدمهم سيقولون حرامًا ويقولون عليه إنه تسليم لإرادة الأمة للهيمنة الغربية، وهذا ما حدث بالفعل في قرض البنك الدولي الذي فضحهم أيما فضيحة.
فضلاً عن انتهاكات الترويع الموثقة إعلاميًا من تهديد للمواطنين بحرق مصر وتدمير منشآت فيها لو فاز أحمد شفيق، ومنها منع مسيحيين من الذهاب إلى اللجان الانتخابية والتي تمَّ التستر على عشرات البلاغات التي تمَّ تقديمها بهذا الشأن، ومنها فضيحة تسويد 2000 بطاقة وقضية المطابع الأميرية التي ماتت ولم نعرف ماذا حدث لها...
الموضوع ببساطة ويسر لو أن هذا حدث تحت إدارة المجلس العسكري فكيف تتوقعون انتخابات حرة ونزيهة تحت سيطرة حكومة يقودها الإخوان ؟
سيظلون يطاردونك ببلاغات - واسأل المواطنين في الشارع المصري وسيقولون لك إنها بدافع الانتقام والحد من الحركة وتحجيمك تمامًا - وسيسخِّرون من يشاءون من مساحي الجوخ وأصحاب نفسية "عبدة مشتاق" و"اللي ماسكين له زلة" و"اللي بيشتري رضاهم النهاردة عشان يلاقي بكرة" ليفتحوا عليك أبوابًا من هنا وهناك ولتشويه السمعة، وسيسخِّرون قضاة مرتشين كما فعلوا بالفعل.
نظام مبارك بيركب دقن
لم أكن أتخيل أن يجد كثيرون منا ممن عمل في الحملة من قريب أو من بعيد اسمه على قائمة خاصة في أمن دولة مرسي، ولم نكن نتخيل أن يتم مراقبة هواتفنا، ولم نكن نتخيل أن نجد أنفسنا على قوائم سفر في المطار، ولم نكن نتخيل أن يتم منع البعض من التوظف في بعض وظائف الدولة. إن الذي عانى منه البعض أيام مبارك يعود، لو كان هناك شيء واحد فقط يحتاج إلى ثورة في النظام السابق فسيكون الطريقة الأمنية التي خنقت الكثيرين منا، وهل يعقل أن أكون ممن تعرضوا للاعتقال على يد أمن دولة مبارك بالأمس، أصبح معرضًا للاعتقال على يد أمن دولة مرسي اليوم ؟ هل يمكن أن يكون التعيين بالانتماء كما كان بالأمس مستمرًا اليوم ؟ هل يعقل أن يتجسسوا على هواتفنا وإيميلاتنا ؟ ما هذا الهراء والعبث والخزي ؟
إلى كل من صدعنا بشعار "شفيق الفلول" جهلاً أو كذبًا، أين أنتم اليوم من هذا الهراء ؟... الآن عرفتم من الفلول...
قلنا من قبل إن "النظام السابق" هو عقلية وشبكة مصالح... ابحث دائمًا عن ذلك، فلو أن العقلية لم تتغير، ولو أن شبكة المصالح غيرت ولاءها من نظام مبارك إلى نظام مبارك بدقن.. فكيف بحق الله قامت ثورة أصلاً ؟
وقلنا من قبل إن شفيق فردٌ في نظام لا يمثِّل إلا نفسه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن اختيار الملايين له مبني على هذا وحسب، وأنا هنا لن أتحدث - كما تحدثت في مقالات سابقة - عن معرفتي به وقراءتي لشخصيته حينما تعاملت معه عن قُرب؛ فقد أفردت لهذا صفحات ووصفته فيها أنه شخصية متواضعة محترمة موضوعية وقادرة على الحوار وتقبل النقد والبحث عن حلول واقعية ويريد إصلاحا حقيقيًا، وهو شخص صادق بمعنى الكلمة ومهذب إلى أقصى درجة، ولكني أتحدث عن قدرته على الإنجاز وهو موثق عالميًا، وكفاءته؛ وتلك أيضًا موثقة، وقدرته على الإدارة؛ وهي أيضًا موثقة، واحترامه لكل الناس؛ وهذا أيضًا موثق... لقد قلنا من قبل انظروا لشفيق كفرد ولا تلتفتوا لحملات موجهة من البداية وانظروا من وراءها ولماذا... قيسوا الأمور بموضوعية كما تدعون دومًا.
انظروا إلى ما يحدث، واعلموا جيدًا أن قلة الخبرة وانعدام الرؤيا وسيطرة المصلحة الايديولوجية وعقلية "حارس الدين وحامي الأمة" هي التي أظهرت لنا في 3 أشهر اختيارات اقتصادية فاشلة ووعود مئوية فارغة ولغة انشائية متلونة ومتهربة من الحقائق.. وهي التي كشفت لنا سر قميص مرسي ومانجة مرسي وسيناء في عهد مرسي وقرض مرسي وبنزين مرسي وأولاد مرسي الشتامين، وأمريكا والإخوان والحب الجديد الذي فتحت زهوره في أروقة الحكم، وعشرات الأشياء التي لو كان حدث عُشرها في زمن شفيق أو لو كان شفيق رئيسًا لرأينا مظاهرات وحشودًا وشتمًا وقذفًا، وغير ذلك.
كونوا موضوعيين ولو لمرة واحدة في حياتكم؛ مرة واحدة وحسب... إن تبقى وقت لذلك أصلاً.
هذا النظام الجديد لن يرسل جيشًا إلى إسرائيل ليمحوها من على الخريطة، لكن يمكن أن يرسل فلذات أكبادنا وأبناءنا إلى جحيم حرب أهلية في سوريا بدعوى نصر الثورة... هذا النظام الذي لا يرى مصر دولة بل يراها ولاية ضمن خلافة عريضة؛ هو الذي سيتهاون في قضايا سيناء حتى نرى الترانسفير العظيم الذي كان مجرد نظرية في الثمانينيات يتحول إلى واقع بشع اليوم... هذا النظام الذي تداعبه أمريكا في خيالاته التوسعية ورغبته في إقامة خلافة إسلامية مقرها القدس كما داعبت أمريكا تركيا في خيالاتها التوسعية في إحياء الخلافة العثمانية، وكما داعبت قطر في خيالاتها التوسعية لتكون قُطبًا عربيًا كبيرًا رغم ضآلتها، وكما داعبت صدام حسين في خيالاته ليكون زعيمًا عربيًا يملك العرب ويهزم العجم.. وستقوم أمريكا باستخدامه كما شاءت لمصلحتها أولاَ ثم ثانيًا، ثم نحن ثالثًا... وتذكروا خطاب الإخوان والإسلاميين قبل وصولهم للسلطة كيف كان تجاه أمريكا، ثم راقبوا الآن ماذا يقولون، والأهم راقبوا بدقة أكبر ماذا يقومون به... لأن هذا أهم بكثير.
من كان يظن أن السودان يتحول إلى دولتين ؟ وربما ثلاثة عما قريب ؟ وأن العراق تحول إلى ثلاثة أقاليم منفصلة ؟ وأن ليبيا أصبحت قبائل متناحرة ؟... من كان يظن أن ما يُسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد" الذي سخرنا منه لسنين أصبح حقيقة واقعة، وأن الأداة ستكون التيار الإسلامي بسبب قلة خبرته وقيام منظوماته السياسية على الغيبيات المفروضة سلفًا، وعلى روايات تاريخية منقرضة ؟
من كان يعتقد أن رجالاً ونساءً بعد الثورة يحالون للتحقيق بسبب إهانة الرئيس مرسي ؟ وأن صحفًا تُغلق وقنوات تُمنع ومقالات تمحى وكُتابًّا يخشون لقمة العيش لو انتقدوا أو صرحوا بالرفض؟
من كان يظن أن العمالة لأمريكا ستصبح يومًا.. حكمة... وليس هذا وحسب بل تصبح مبررة إسلاميًا ؟ ؟.