أنت هنا

قراءة كتاب استمتعي بتغذية طفلك من الولادة وحتى السادسة من عمره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
استمتعي بتغذية طفلك من الولادة وحتى السادسة من عمره

استمتعي بتغذية طفلك من الولادة وحتى السادسة من عمره

كتاب " استمتعي بتغذية طفلك من الولادة وحتى السادسة من عمره " ، تأليف ناديا شبيب ، محمد عمر الشلاح ، والذي صدر عن

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

قدرة الأطفال على تنظيم تناول الطعام حسب الحاجة

ينجح ضبط كمية الطعام حسب الحاجة لدى الأطفال الرضع أكثر مما ينجح لدى الأطفال الأكبر سناً أو لدى الأشخاص الكبار. ما السبب في ذلك؟ السبب هو أنه مادام الطفل يرضع فإن عرض الغذاء قائم. والطفل هو الذي يحدد كمية الحليب التي يشربها بل يرضعها، وتسير الأمور بميكانيكية سلسة: الجوع، الشرب، الشبع. ولا تحتاج الأم إلى معرفة الكمية التي شربها (رضعها) الطفل. الطفل الصغير هو انتقائي دون شك ويفضل الأشياء التي يعرفها ولا يمكن بهذا العمر أن يتأثر بالدعايات الإعلانية. لذا فإن كمية الغذاء التي يأخذها تنظم بشكل ممتاز عن طريق: الجوع والشبع. أجريت في عام 1991 تجربة تسترعي الانتباه مع أطفال صغار تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات (Birch, L. et al. 1991) . بقي الأطفال الصغار في بيتهم وفي بيئتهم وقدمت لهم ثلاث وجبات رئيسة وثلاث وجبات خفيفة بينها. كان الطعام متنوعاً ومتوازناً ومحتوياً في بعض الأحيان على أغذية سكرية. الأمر الخاص في هذه التجربة هو تقديم كميات مضاعفة من الطعام في كل مرة. وسمح للأطفال أن يأكلوا بقدر ما يرغبون منها. وظهر مرة أخرى أن الأطفال الصغار أكلوا تماماً بقدر ما يحتاجون دون زيادة. ولكن، كان هناك تفاوت في كميات الطعام بين وجبة وأخرى. ففي إحدى الوجبات لم يأكلوا شيئاً تقريباً وفي وجبة أخرى أكلوا كثيراً. و رغم ذلك كان مجموع ما أكله كل طفل منهم في اليوم الواحد مماثلاً لما أكله في يوم آخر. فإذا أكل في إحدى الوجبات كثيراً أنقص كمية الطعام تقريباً في الوجبة التالية في اليوم ذاته، والعكس صحيح. إننا نغبط هؤلاء الصغار كم يستطيعون أن يضبطوا الأمور بشكل ممتاز!

مع نمو الطفل تنمو المؤثرات الخارجية أكثر وأكثر. ولدى الإنسان الكبير أصبحت الأمور معقدة بشكل واضح. وأصبحت عناصر كثيرة تلعب دورها لدى اختيار المواد الغذائية مثل: الذوق، العادات، التقاليد، الثقافة، الفضول، كيس النقود، التصورات عن الجمال، الرشاقة، الصحة والقدرة على التحمل و توفر المادة المطلوبة وكلفتها. ويبقى الصوت الداخلي، الذي يعرف احتياجات الجسم ويسميها، محاصراً ومثقلاً بهذه العناصر. هذا من حيث اختيار نوع المادة الغذائية. فماذا عن الكمية ؟ هل نأكل نحن الكبار فقط حين نكون جائعين ونتوقف عن تناول الطعام حين نحس بالشبع؟ هنا أيضاً نتعرض لعوامل ضغط تجعلنا نتجاوز الصوت الداخلي، فنأكل مثلاً لأسباب تتعلق بالأدب أو بالمجاملة الاجتماعية أو بسبب الملل أو الهموم أو العادة. ونتوقف عن تناول الطعام لأن الصحن أصبح فارغاً أو لأننا نحس بالسمنة أو لأننا لا نملك الوقت الكافي لتناول مزيد من الطعام. وهكذا لا يتحدد نوع غذائنا أو كميته حسب حاجتنا بل تمسك المؤثرات الخارجية بزمام سلوكنا تجاه الطعام في " قبضتها".

وبعد، ألا نزال كأهل ندّعي أننا، في مجال تناول الطعام، نعرف أكثر من أطفالنا - ذوي نظام الضبط الداخلي الذي لم يطرأ عليه أي أذى - كم يحتاج هؤلاء الأطفال من غذاء؟ يجدر بنا أن نتعلم منهم وأن نكفّ عن تبنّي موقف "العارف أكثر" على الدوام أو المتسلط أو الدكتاتور.

يظهر لنا مثال الطفلة لارا مدى الدقة التي يعمل بها نظام الضبط الداخلي لدى الطفل الرضيع الصغير. تبلغ لارا ستة شهور من العمر. وهي لا تتغذى بالرضاعة الطبيعية بل بالرضاعة البديلة أي أنها تتلقى حليباً من الزجاجة مقارباً قدر الإمكان لحليب الأم ، لذا فإن أمها تستطيع قراءة كمية الحليب المستهلكة بشكل جيد. وتصاب الأم بالرعب ، لأن لارا لا تأخذ كمية الحليب المقترحة كلها بل تكتفي بجزء منها، ولأنها أبطأ في نموها من بقية الأطفال الرضع الآخرين. وبالرغم من أن لارا صحيحة الجسم ونشيطة إلا أن أمها قلقة ومصرة على إذابة حبوب في الحليب الذي تعطيه لابنتها . " إذا كانت تشرب هذه الكمية القليلة من الحليب فلتكن على الأقل مغذية " على رأي الأم.
 
هذه هي الحالة كما تراها الأم، فماذا عن لارا وماذا ستفعل يا ترى؟ إنها بكل بساطة تشرب من الحليب الأكثر غنىً بالحريرات كميةً أقل مما كانت تشربه من الحليب العادي بحيث تبقى كمية الحريرات التي تحصل عليها متساوية. وحين يقول جهاز الضبط الداخلي أو الصوت الداخلي لديها: " هذا كافٍ " فإنها تتوقف عن الشرب. ولأن جهاز الضبط الداخلي لديها  يعمل بشكل رائع فبإمكانها أن  تعتمد عليه وتستجيب له وكذلك، يجدر بأمها أن تثق به .

الصفحات