"المرآة والتخييل: مقاربات في المسرح العربي" كتاب للناقد والروائي العراقي عواد علي، صدر عن دار نينوى للنشر والتوزيع، يتألف من فصلين، خصص الأول لقراءات نقدية في عروض مسرحية عربية من الأردن والعراق والجزائر وسوريا ومصر للمخرجين: جواد الأسدي، خالد الطريفي، نبيل
أنت هنا
قراءة كتاب المرآة والتخييل- مقاربات في المسرح العربي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
المرآة والتخييل- مقاربات في المسرح العربي
الصفحة رقم: 9
2- كانت الأم، في نص المؤلف، متزوجةً بعد ولادتها من مترجم اسمه سعيد (من الواضح أنه كان يعمل مترجماً مع القوات الأميركية، رغم عدم إفصاح النص عن ذلك) لأسباب عديدة منها: التخلّص من عذاب أهلها، ومحاولة إيقاف عارها عند سد الماضي (حينما يصبح الزوج أباً لابنها)، والحصول على المال الذي يساعدها في السفر إلى الخارج. ولكن المترجم يُقتل على يد الابن، رغم أن الأول كان متعاطفاً معه، وحاول إبقاءه في البيت، معرضاً علاقته بزوجته إلى التوتر، ففشل في كبح جماحها، ورضخ إلى إصرارها على طرده:
الإبن: كنتً تصرخين بالمترجم.. لا أريده هنا لا أستطيع التنفس وهو هنا.. حاولَ المسكين إبقائي.. ولكنك منعتً عنه كلّ ما يمكن أن تمنحه المرأة لزوجها.. ذهبت إلى غرفة أخرى.. إلى سرير آخر..
وقد شكلت الغيرة الأوديبية الدافع الأساسي لعملية القتل، ساقطةً بكل ثقلها على فضاء النص، متحركةً بقوة، بلعنة، بشهوة الالتهام، برغبة البقاء الأزلي رغم المفارقة الكبيرة:
الابن:... بنيت لك بيتاً من الرمال فوق الشاطئ حتى تتركي المترجم وتسكنيه لوحدك..
الابن باهتياج: تكذبين وأعرف أنك تكذبين.. سنوات وأنا أسكن هذه العبّارة ولم تزوريني قط.. كنت في الليل أطوف حول البيت.. من النافذة كنت أهمس أمي، وأنت تجلسين قرب المدفأة تشاهدين التلفاز، وهو يجلس قربك يقرأ ويقبّلك بين الحين والآخر.
الأم: كنت تتجسّس علينا.. ألهذا قتلته؟
في نص العرض لا نجد أية إشارة إلى زواج الأم بعد اغتصابها، وانجابها، وذلك لكي يضفي المخرج عليها صفات مثاليةً (بيوريتانيةً)، ويعمق البعد السيميائي- الرمزي في شخصيتها. وتكشف عملية تجريدها (أو تنقيتها) من الشوائب الاجتماعية، على هذا النحو، عن رؤية إخراجية صبغت خطاب العرض المسرحي في معظم تفاصيله، وأعني بها تقديم شخصية الأم إلى المتلقي بوصفها أنموذجاً للضحية المطلقة (أو الخالصة) التي يدفعها إحساسها بالمهانة، وثقل الحيف الذي وقع عليها إلى المقاومة، والتحدي... وأخيراً الانتحار التطهري.