لم تمض سنة على صدورالطبعة الأولى من كتابي :اسئلة الحداثة في المسرح" حيث نفذ من التداول، وهو الكتب الذي لقي اقبالا جيداوكتبت عنه عدة مقالات، بعذ أن أضيف إليه مجموعة من المقالات التي كتبتها خلال العام الماضي، وبالفعل فالكتاب بحلته الجديدة يحتوي على احدى عشرة
قراءة كتاب أسئلة الحداثة في المسرح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
1- المسرح وأسئلة النهضة.
1
حفل أدب القرن التاسع عشر بالإجابة عن الأسئلة الكبيرة،التي ورثها من القرن الثامن عشر. تلك التي تتصل بالحداثة وبالفلسفة، وكان المسرح من بين أكثر الفنون عرضة لإختراق أسئلة القرن التاسع عشر بتداخلها مع أسئلة القرن العشرين بأبعاده وأدواته،لانه المجال الأكثر عرضه للتجديد مع الإبقاء على قدر أكبر من الماضي فيه،فهو في قطيعة وأستمرار مع نفسه، ومع الافكار التي تحيط به. ومن هنا تكون محاولتنا رصد النوى الحداثية في مسرح القرن العشرين بالضرورة رصداً للنوى القديمة في مسرح القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ثم في ما يسمى بمسرح ما –بعد - الحداثة، الذي نجده هو الآخر خاضعا لجدلية الثبات والتغيير. فالحداثة في اي فن تقع في منتصف الطريق، بين قديم منسحب، وجديد متقدم.
ركزت الفلسفة في القرن التاسع عشرعلى الإنسان بوصفة المكتشف الأغنى في العصر الحديث، حينما تحرر من الجبرية باختياره للعقل،" تجرأ على استعمال عقلك أنت: ذلك هو شعار الأنوار" كما يقول كانط. وكانت تلك ثورة الإرادة. ففتح الأختيار رؤيته على الواقع،بمختلف ميادينه لتصبح الفسلفة جزء من الممارسة اليومية لقطاعات كبيرة من الناس، ضمن هذا الإطار، ندرك أن اي تجديد في اي جانب من جوانب الحياة، بما فيها الثقافة، يحمل ضمنا تلك الأسئلة. أسئلة " فكر قدر ما تشاء، وحول كل ما تشاء...إنما أطعْ!" (1) وهذا يعني أن مصائر الإنسان هي موضع السؤال في المسرح،ولكن لمن ستكون الطاعة ؟ هذا هو السؤال الجوهري في نقلة حداثة القرن التاسع عشر. هل ستكون الطاعة للعلم، بعد ان جرد العلم بعض القيم الأيمانية من محتواها". أم هل ستكون للتقنية بعد أن اختصرت مسافات واسعة من التفكير بترويج العولمة؟. أم ستكون للمزاوجة بين الروح والعلم كما فعل غوتة في فاوست؟. من هنا قامت الحداثة في اواسط ونهاية القرن التاسع عشر،على نبوءات فلسفة التنوير التي مهدت لقيام خروقات هائلة وكبيرة في نظم المعرفة القديمة باعتمادها العلم، وفي اساليب القول، وباعتمادها تقنيات حديثة للتوصيل،ثم قامت على نوى التململ والتحديث في ميادين العلوم الوضعية وهي تمتلئ بالحياة الإنسانية وجمالياتها،ثم في التأويل الثقافي لكل مساهمات التاريخ الإنساني ،ثم بالخروج على أعراف المقدس واستبعاده دون الإفراط بالنزعة الإلحادية كما يقول هايدغر (2) والخروج على كلاسيكيات القرون الماضية في ميادين بناء الدولة، والنظم السياسية،والقانونية والعمرانية والثقافية، والمعرفية، ثم منح دور اكبر للأكاديميا، لتأخذ على عاتقها مهمة تحديث الدرس الفلسفي وإشاعته.لقد كان التنوير هو جوهر سؤال المعاصرة: كيف نستثمر تقنيات العلوم في تحديث المسرح؟.