كتاب " الكل رابح " ، تأليف غازي تشابمان ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ
أنت هنا
قراءة كتاب الكل رابح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إنَّ معظم هؤلاء الأزواج قد بدأوا زواجهم في فصل الربيع. كانت لديهم تصوُّراتٌ عظيمة لحياةٍ سعيدةٍ يمضيانها معًا. وقد عقدوا العزمَ على أن يمنح كلٌّ منهما شريكه أقصى درجات السعادة. تصوَّروا أنَّ الحياة ستكون جميلة. ولكنَّ بعض هؤلاء الأزواج قدِ انتقل مباشرةً من الربيع إلى الشتاء، مُتخطِّيًا الصيف والخريف كلَيهما.
وتمكَّن آخرون من النظر إلى الوراء، إلى فصلٍ في زواجهم قد مضى، حين كانَتِ الأزهار متفتِّحةً زاهية، وكانَتِ الشمس مشرقة، والآن عليهم أن يُقرُّوا بأنَّ الأزهار قد ماتت منذ زمنٍ طويل.
ما الذي جعل هؤلاء الأزواج ينتقلون من تطلُّعاتِ وآمالِ الربيع إلى قسوةِ الشتاء في علاقتهم الزوجيَّة؟ تتضمَّن العمليَّة- بدون استثناء تقريبًا- نزاعاتٍ لم تُحَلّ. تطفو الاختلافات على السطح، ويسبِّب بعضها الشقاق. لم يتلقَّ الأزواج تدريبًا على كيفيَّة حلِّ النـزاعات، ولهذا ينتهي كلُّ طرفٍ إلى محاولة إقناع الطرف الآخر بصلاحيَّة وجهة نظره من خلال مناقشاتٍ تُستخدم فيها عباراتٌ متأنِّيةٌ ومنتقاة. وعندما لا تُفلح المناقشات في الإقناع، يُعيدان تكرار تلك العبارات بلهجةٍ أحدّ، ويلوم كلٌّ منهما الآخر على عدم عقلانيَّته والتزامه بالمنطق السديد. وفي النهاية، بعد أن يكون الجدال قد أنهكهما، يبتعد كلٌّ منهما عنِ الآخر، وتنشر برودة الشتاء أجنحتها على الزواج.
يواجه الأزواج المصاعب في فصول الزواج الأربعة كلِّها. وأولئك الذين يتعلَّمون أن يحلُّوا نزاعاتهم، يكون ربيعُ وصيفُ زواجهما أطول. أمَّا الذين يخفقون في حلِّ خلافاتهم، فإنَّهم سيَنْساقون لا محالة إلى زواجِ خريفٍ أو شتاء. إنَّ هذه النـزاعات العالقة تخلق شعورًا باليأس بالنسبة إلى العديد من الأزواج. فهم لا يرَون أمامهم سوى خِيارين: أن يُبقوا على زواجٍ يكونون فيه بائسين، أو يفسخوا زواجهم آملين في وجدان شخصٍ في مكانٍ ما في المستقبل يكونون معه في حالٍ ‘‘أكثر انسجامًا’’. إنَّ الذين يختارون الخيار الأخير، يفشلون في إدراك أنَّه ما من زواجٍ يخلو من خلافات.
إنِّي أعتقد أنَّ هناك خِيارًا ثالثًا: الأزواج الذين يتعلَّمون كيفيَّة حلِّ نزاعاتهم دون مجادلة، يحوِّلون برودة الشتاء إلى آمالِ ووعودِ الربيع. مهما كان فصل زواجك- سواءٌ أَربيعًا كان أم صيفًا أم خريفًا أم شتاءً- فإنِّي أعتقد أنَّ علاقتك ستصبح أقوى وأمتن إنِ استطعتَ أن تتعلَّم فنَّ حلِّ الخلافات بطريقةٍ إيجابيَّة.
إنَّ هدفي من كتابة هذا الكتاب المختصر هو مساعدتك على تعلُّم كيفيَّة فَهْم الشريك بحيث تستطيع أن تحلَّ الخلافات لا أن تكسب (أو تخسر) جدالًا ما فحسب. حين تكون الرابح في مجادلةٍ ما، فهذا يعني أنَّ الشريك هو الخاسر. وكلُّنا يعلَمُ أنَّ الحياة مع شخصٍ خاسرٍ ليست بممتعة. عندما تحلَّان خلافًا ما، فإنَّكما تكونان كزوجَين رابحَين كلَيكما، وتصبح صداقتكما أقوى. تُبنى الزيجات الناجحة على علاقة الصداقة لا على كَسْبِ المجادلات.
وضعتُ هذا الكتاب لأجل الأزواج الذين لن يلتمسوا أبدًا خِدمات شخصٍ محترفٍ يقدِّم المشورة، غير أنَّهم يرغبون بشدَّةٍ أن يتعلَّموا كيفيَّة حلِّ الخلافات. لقدِ اخترتُ أن أستخدم في كتابتي لغةَ الحياة اليوميَّة لا المصطلحات الفنيَّة المُغرِقة في تِقنيتها، كما لم أستخدم مفاهيمَ لاهوتيَّةً رفيعة. إنَّ ما أرغب فيه هو أن يعمل هذا الكتاب على تعزيز نوعيَّة زواجك، وذلك بتعليمك كيفيَّة حلِّ النـزاعات دون جدال.