أنت هنا

قراءة كتاب الدومري حكايا شعبية من حي الصالحية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الدومري حكايا شعبية من حي الصالحية

الدومري حكايا شعبية من حي الصالحية

أدركت أن للحكاية في حياة الطفل سحراً تربوياً كبيراً وفائدة تعليمية لا تبارى. فهي تنمي خيال الأطفال وتصقل نفوسهم وترهف أحاسيسهم.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
وأخيراً من يزور منطقة الصالحية في الوقت الحاضر، ويسير في منطقة السوق الرئيسة الممتدة من العفيف غرباً ومدرسة الصاحبة شرقاً تتملكه الدهشة لكثرة ما يشاهد من آثار ضخمة باقية(10) حتى اليوم، وأطلال تنطق بعظمة أجدادنا سكان هذه المنطقة علماً أن كثيراً منها قد دثر او خرب وسرقت أحجاره واستخدمت في أشغال خاصة. وحمام الحاجب هو أحد هذه الصُّروح المندثرة، وكذلك المدرسة الحاجبية التي عهدتها في طفولتي مكاناً فسيحاً خرباً. كانت بالأمس القريب صرحاً أثرياً مهماً، ولكن هدمت معالمه واختفت أحجاره وإني لأذكر هذا المكان الخرب وقد تعهده بالرعاية أحد أقاربي المرحوم البطل والمربي الرياضي الكبير صبحي البلح، إذ حوّله إلى ناد للمصارعة الرومانية سماه (نادي النصر) وكان لهذا النادي الرياضي فضل كبير في خلق عدد كبير من الأبطال الذين حصلوا على درجات متقدمة في دورات بطولة العالم للمصارعة الرومانية وفي مقدمة هؤلاء البطل الدولي محمود البلح الذي نال أكثر من مرة مراتب متقدمة في دورات أولمبية عالمية ولا زال حتى الآن يدرب ويعلم الناشئة فنَّ هذه الرياضة المفيدة المحببة.
 
وفي ختام هذه النبذة الموجزة عن تاريخ ولادة الصالحية وانتشار بيوتها على سفح جبل قاسيون، لابد من أن نخص هذا الجبل بالذكر لما له من أهمية في تعيين موقع دمشق عند بدء تكوينها في تقديم الحماية لسكانها الأوائل، ومن ثم احتضان سفوح هذا الجبل بيوت الصالحية واحتواء سكانها والتأثير فيهم.
 
قاسيون والأساطير(11):
 
- ((لقاسيون شكل مقدس عند أهل دمشق، وهذا يرجع إلى تقاليد قديمة وعنعنات متطاولة في القدم باعتباره المسكن الأول لأهل دمشق. وقد أخذ العرب أساطير كثيرة من سكان دمشق القدماء فصبغوها بالصبغة الدينية ثم رووها في كتبهم فأصبحت جزءاً منها)).
 
- ((.. وإذا كان جبل قاسيون هو جزء من أجزاء دمشق لا ينفصل عنها، بل هو أعظم مظهر من مظاهرها، كان من اللازم أن يكون له أعظم قسط من أقساط الدعاية والأساطير والقدسية،.. أحيط قاسيون بالأساطير والأماكن المقدسة، ففي سفحه الأدنى وفي بيت أبيات(12) كان يسكن أبو البشر آدم، وفي أعلاه قتل قابيل أخاه هابيل ففتح الجبل فاه لفظاعة هذا العمل يريد أن يبتلع القاتل، وأخذ الجبل يبكي وتسيل دموعه(13) حزناً على هابيل، وبقي لون الدم على صفحة الصخرة التي قتل عليها هابيل ظاهراً بادياً، وفي كهف جبريل جاءت الملائكة إلى آدم تعزيه بابنه هابيل، وفي شرقي قاسيون كان مولد إبراهيم الخليل عليه السلام، وفي غربيه الربوة التي أوى إليها المسيح وأمه عليهما السلام، وقرب الربوة في النيرب كان مسكن حنة أم مريم جدة المسيح.. ونحن إذا روينا ما تقدم آنفاً فلا نريد من ذلك إلا بيان صورة من صور الدعاية لهذا الجبل، ولفت أنظار الناس إليه وتشويقهم لزيارته وكثرة التردد إليه وهي صورة كانت شائعة سائغاً شرابها في القرون الوسطى لم تختص بها دمشق وحدها بل كانت شائعة في كل البلاد بعد أن ذهب الفخر بالقبائل فخلفه الفخر بالبلدان، ولكن دمشق فاقت جميع البلدان في فضائلها ومزاراتها وأنبيائها وأوليائها فكانت رابع المدن المقدسة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أربع مدائن من مدائن الجنة وأربع مدائن من مدائن النار. فأما مدائن الجنة، فمكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق..» (14).
 
فريد دحدوح

الصفحات