You are here

قراءة كتاب الإسلام وقضايا العصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام وقضايا العصر

الإسلام وقضايا العصر

بات من واجب المسلم أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر فاتحاً عينيه دائماً على أوضاع العصر، يراقبها باهتمام بالغ ليقرَّ ما يوافق الشريعة الغراء، ويرفض ما يخالفها، ويتنافى مع أحكامها وآدابها.

تقييمك:
4.833335
Average: 4.8 (6 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8
وهذا التفصيل في مجالات الشهادة يصل بنا إلى الحكم بأن قيام شهادة امرأتين مقام شهادة رجل واحد في المعاملات أمر لا علاقة له بانتقاص مركز المرأة الشرعي أو القانوني ولا يمس كرامتها من قريب أو بعيد. إنها مسألة تتعلق بدائرة اهتمامات المرأة وأولويات هذا الاهتمام، وإن اهتمامات المرأة بأمور المعاملات تتراجع إلى خط خلفي بالنظر إلى اهتماماتها المتمركزة حول أسرتها وأمومتها. وكلما ضاقت دائرة اهتمام الشخص بأمر ما فإنه لا يعطيه التركيز الكافي من عقله وقلبه، مما يجعل عملية ضبطه لذاك الأمر دون المطلوب، وهذا المعنى هو الذي نفهمه من قوله تعالى: (ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ). والضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء، ويبقى المرء حيران بين ذلك ضالا، ومن نسي الشهادة جملة فليس يقال: ضل فيها( ). هذا من جانب آخر فإن علينا ألا ننسى أننا بصدد الاستيثاق لإجراء العقود بالشهادة عليها، وليس إجراء العقد نفسه، وقلّ أن تكون المرأة معنية بحضور عقود الآخرين حتى تستشهد (أي تطلب شهادتها) عليها، فلا عجب إذن إذا طلبنا شهادة امرأتين في هذه الحالة، وهو الأليق.
 
هـ) الدية
 
ينقل كثير من الفقهاء الإجماع على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل كما ورد ذلك عن ابن المنذر، وابن عبد البر. ويربط هؤلاء بين تشريع الدية وتشريع الإرث، فكما أن المرأة تستحق نصف ما يأخذه الرجل في الميراث، فكذلك الحال هنا في الدية ينبغي أن تكون ديتها على النصف من دية الرجل. هذا مع ملاحظة أن الدية ليست ثمناً للإنسان، فالإنسان لا يباع ولا يشترى، ولكنها تعويض عن الضرر المترتب على فقد المتوفى، وهذا الضرر أخف بفقد الأنثى منه بفقد الذكر.
 
ولابد لنا بصدد هذه المسألة من بيان أمرين:
 
أولهما أن دعوى الإجماع هنا دعوى مفترضة، فهنالك من العلماء من سوى بين دية كل من الرجل والمرأة، ومن هؤلاء ابن علية وأبو بكر الأصم أخذاً بما ورد من قوله عليه الصلاة والسلام [في نفس المؤمنة مائة من الإبل]( ). وهي لو صحت فإن الإجماع هنا إجماع سكوتي كما ذكر العلامة الكاساني من كبار فقهاء الحنيفة، والإجماع السكوتي ليس حجة عند كثير من الأصوليين.
 
وثانيهما ما قيل من إن الدية تعويض عن المفقود. يناقش الإمام محمد أبو زهرة هذه المسألة فيقول: [ونرى من هذا النظر أنه نظر إلى المالية ولم ينظر إلى الآدمية، وإلى جانب الزجر للجاني. والحقيقة أن النظر في العقوبة إلى قوة الإجرام في نفس المجرم. ومعنى الاعتداء على النفس الإنسانية – وهي قدر مشترك عند الجميع – لا يختلف باختلاف النوع، فالدية في ذاتها عقوبه للجاني، وتعويض لأولياء المجني عليه أو له هو ذاته إذا كان ذلك في الأطراف. وعلى ذلك ينبغي أن تكون دية المرأة كدية الرجل على سواء، ولذلك نرجح كلام أبي بكر الأصم. والنصوص أكثرها أخبار آحاد، والتوفيق بينها ممكن، ولا يمكن ترجيح خبر على خبر، والآية صريحة في عموم أحكام الدية في القتل الخطأ]( ).
 
وهذا الاجتهاد سديد فيما نرى، ففرق بين دية الأطراف وبين دية الأنفس، وقد يكون فقد الأم أو المرأة مدمراً لبناء الأسرة، بل قد يفوق الضرر الناجم عن فقد الرجل.

Pages