كتاب "الاغتراب النفسي الاجتماعي وعلاقتة بالتوافق النفسي والاجتماعي"، أراد الباحث بموضوعه هذا، البحث بماهية الاغتراب، كمن يلقي بحصاة في ماء ساكن تنعكس عليه صورنا فنجد أنفسنا نعيش فى جزر اجتماعية وثقافية متجاورة، يفصلها الإحساس بالاغتاب وبالغربة النفسية والاج
You are here
قراءة كتاب الاغتراب النفسي الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
يسمع الشباب العربي عن الدين وحقائقه وقيمه، وضرورة قيام المجتمع على دعائمه، والاستعانة بمناهجه، وقدرته على حل كل مشاكل الحياة. وفي المقابل يسمع عن العلمانية [ Secularism ] التي تتحدث عن الرجعية وضررها والنهضة العلمية، وكيف أنها نسخت العقائد، وعن ضرورة تحرير الفكر من أسر الإيمان بالغيبيات،والاستعانة بالفكر المادي لحل كل مشكلة وتحرير كل أرض.
إن الشاب العربي يلمس ويعيش هذا التناقض الخطير أينما يذهب. في الشارع الذي يسير فيه، أو في الكتاب الذي يقرؤه، أو في المجلات التي يطالعها، أو التلفاز الذي يشاهده (البوضي، محمد رمضان، 1986: ص37 – 39، ورد في الجرموزي، 1992م، ص: 6).
يؤكد هذا الرأي (الصالح، الطيب) حيث يقول لننظر إلى طعامنا وشرابنا، إلى مسكننا وملبسنا، إلى شوارعنا ومدننا، وإلى إذاعتـنا وتلفزيزناتنا، وصحفنا،سوف نجد أن الرموز التي تعبر عن ذاتها هي خليط من أشياء متنافرة:
البرنامج التلفزيوني يبدأ بالقرآن الكريم، وينتهي بفيلم أمريكي. المجلة العربية تبدأ بالأخبار المحلية، ثم صفحات عن الدين، وصفحات عن أخر صراعات الموضة والأزياء في باريس ولندن. ومن مظاهر التناقض سماع أصوات المؤذنين إلى جانب موسيقى ورقصات الجاز، وفي إعلانات الصحف والجرائد اليومية نجد التهاني والتبريكات وفي نفس الصفحة أو الصفحة المقابلة التعازي والمؤاساة، ومن الاغتراب التي يشير إليها (روسو) حين يقلد الناس المسلسلات التلفزيونية في إنتاج حياتهم، بما يساهم في اغترابهم وانفصالهم عن ذواتهم، فيصبحوا تابعين لمفهوم الحياة وصورتها التي تروج لها أجهزة الإتصال المؤسساتية، والإنسان هنا يغترب حين يتمثل هذه الصورة ويصبح تابعاً لها (رمضان بسطاويسي، 1999م، مجلة سطور:ص 15- 17).
هذه الأجواء تؤدي بالشباب إلى الاغتراب والضياع الذي يقودهم إلى الميوعة، الإدمان، وإلى المغالاة في الدين، وفي كل شيء، لأنه يعاني من الهموم والأحزان والقلق الدائم، واللامبالاة، والعجز عن تحمل المسئولية، إن ما يتعرض له الشباب العربي من صراع حضاري، هو نتيجة ما يجدونه من تعارض بين أساليب الحياة والتفكير والقيم الجديدة السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية من جهة، وما يرد إليهم من الغرب من أساليب الحياة والتفكير والقيم التي أفرزتها الحياة الثقافية الحديثة للمجتمعات الصناعية من جهة أخرى (نجاتي، محمد عثمان، 1990 م: ص 24).
قد يصبح كلّ من اللامبالاة والرفض، ناشئ عن مظاهر عديدة، كالإحباط واستمرار الحرمان بحيث يؤدي ذلك إلى ضعف الانتماء، والحياة بفكرة الهجرة كفكرة " سياسية ". وتعني هذه الفكرة أن يعيش الشباب بعقلية المهاجر داخل حدود الوطن (ليلة، علي، 1990 م،ص:3،ورد في مجلة المستقبل العربي، 1990م، العدد 140، ص: 14).
هناك ثلاث تفسيرات لضياع الشباب العربي واغترابه كما ورد عند (أبوعمود1990م):
1. الفجوة بين الأمل والواقع، بمعنى أن اتساع هذه الفجوة، يؤدي حتماً إلى الإحباط وزيادة الشحنات العدوانية لدى الشباب، خصوصاً إذا ما أحسوا أن هذه الفجوة ترجع إلى النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي القائم، فيصبحون مهيئين للبحث عن بديل.
2. اختلاف العدالة التوزيعية، وفي هذه الحالة يتحول الإحباط إلى سلوك عدواني، إذا ما تراءى لهم أن الآخرين من أقرانهم، سواء أكانوا من المتساوين معهم، أم ممن هم أقل إنجازاً، يحصلون على نصيب أعلى من الثروة والمكانة الاجتماعية.
3. الحرمان النسبي، بمعنى أن الشباب يتوقعون ألا تسؤ حالتهم بينما تتحسن أحوال الآخرين في المجتمع نفسه، دونما سبب مشروع، فإذا ما حدث العكس، وهو ما حدث بالفعل في المجتمع العربي، فان هذا الاحساس بالحرمان، ومعه الاحساس بالظلم يولدان غضباً وسخطاً، فيرفضون النظام القائم ويتحدونه ويحاولون اقتلاعه ولو بالعنف(ورد في مجلة المستقبل العربي، 1990م، العدد 140، ص: 14).
يتبين مما سبق أن المغترب يتضمن ملامح منها:
عدم وجود هدف، يرشد مسيرته في الحياة، وينقذه من الضياع.
ضعف في معاييره الاجتماعية (Collestive Norms)، وتهلهل في قيمه ؛ الأمر الذي يجعله عاجزاً عن أقامة حوار بينه وبين نفسه من جانب، وبينه وبين مجتمعه من جانب آخر،فتكون النتيجة العزلة النفسية والعزلة الاجتماعية.
النظرة إلى الحياة نظرة عبثية، وعدم وجود معنى لها.